فشلوا في تكرار السيناريو السوري

عامر عبد المنعم

إذن لم يبق أمام الدائرة الانقلابية الضيقة إما الاستسلام وإما العناد والسعي لتأخير الغرق وكسب بعض الوقت، وهذا بالقفز إلى الأمام والبحث عن حرب خارجية متوهمين حشد المصريين خلفهم، لعل وعسى يتغير الوضع على الأرض ويهدأ الشعب الغاضب، وهذا وهم لن يتحقق، فلن يجدوا من يقاتل معهم الأشقاء المسلمين في ليبيا والسودان وغزة، فالمصريين لن يكونوا مرتزقة تحارب المسلمين من أجل أمريكا وإسرائيل، وستكون الضربة القاضية ونهاية الانقلاب وستكون بداية لمرحلة جديدة من الصراع الصحيح لها طابعها المختلف، ولكن هذه المرة ستكون بين الأمة التي تضم كل أبنائها المخلصين من مدنيين وعسكريين، إسلاميين ووطنيين، ضد خصومها الأصليين الذين لن يجدوا من يقاتل وكالة عنهم، وهم أعجز عن مواجهة الأمة التي عرفت كيف تنتصر.

  • التصنيفات: الواقع المعاصر -

فشلوا في تكرار السيناريو السوري والآن يخططون لشن حرب خارجية ضد مسلمين، الدائرة المرتبطة بأمريكا والغرب من المتدربين السابقين في الولايات المتحدة والناتو، قامت بانقلاب داخل الانقلاب وهذه الدوائر تعمل بكل قوة على توريط البلد في حرب أهلية أو الدخول في حرب خارجية للهروب من الضغط الشعبي الذي أفشل الانقلاب وسيؤدي مع الوقت إلى كشفهم وعزلهم.

هم يدفعون البلد إلى النموذج السوري ويحرضون عليه، بممارسة أكبر قدر من القمع والترويع لدفع قطاعات من المعارضين لممارسة العنف، والقيام بردود أفعال غير منضبطة، ثم استغلال عمليات عنف كبرى تقوم بها دوائر داخلية أو خارجية لإشعال حرب شاملة وتكرار تجربة بشار في مصر وفرض واقع دموي وحكم فاشي بالحديد والنار.

وإن لم تصل مصر إلى سيناريو العنف المخطط له سيندفعون إلى الخيار الثاني وهو اختراع حرب خارجية لحشد المصريين خلفهم، للحصول على شرعية متوهمة بزعم مواجهة الخطر الذي يهدد الوطن والتصدي للغزو خارجي، وقد بدأت عجلة التهيئة السياسية والإعلامية لهذا السيناريو تعمل ضد ليبيا لتكون هي هدف هذه الحرب الحرام، وتغري الدوائر الصهيونية باحتلال الشرق الليبي والسيطرة على حقول النفط كحل لمشاكل مصر الاقتصادية!!

ويصاحب التحريض ضد ليبيا الهجوم الإعلامي المتواصل ضد غزة والسودان، من باب تغيير الوعي وإنهاء فكرة الأمة في أذهان الرأي العام، وتقديم تصور جديد لعقيدة قتالية جديدة ضد ما يسمونه "مكافحة الإرهاب" وهو الشعار الصهيوني الذي يعني مكافحة الإسلام.

بكل الحسابات فإن كلا الخيارين سيؤدي إلى تفكيك مصر وتحويلها إلى خراب وليس في صالح أي طرف مصري، فالكل خاسر، ولكن هذه "الفوضى الخلاقة" المدمرة هي الهدف الاستراتيجي لأعداء مصر، فالحرب الأهلية لن تبقي على شيء، والتورط في غزو دولة مسلمة مجاورة سيكون خارج حسابات العقل والدين والتاريخ.

الوضع على الأرض يؤكد أنهم فشلوا في تحقيق الخيار الأول لحرص تحالف دعم الشرعية على الحراك السلمي، ورفض التيارات الأساسية الرافضة للانقلاب إن لم تكن كلها ترفض الانجرار للعنف، وفي نفس الوقت فإن العنف غير المسيطر عليه في نطاق محدود لا يوصل إلى المواجهة الواسعة والشاملة التي يريدونها ويتمنونها، بل هناك شكوكا فيمن يقف خلف بعض هذه العمليات، الأمر الذي يجعل العنف معزولا عن مجمل حركة الشارع الغاضبة ولم يؤثر عليها.

لقد استخدم الانقلاب الحد الأقصى من القمع بالقتل كما حدث في رابعة والنهضة والمذابح الأخرى التالية، ومارس أفظع الجرائم من الاعتقال والتعذيب والمطاردة، واستخدم بعض القضاة للانتقام من المعارضين، وارتكب جرائم استهداف النساء وسجنهن وإساءة معاملتهن، وهي جرائم غير مسبوقة، لكن الشارع لم يهدأ ولم تتوقف المظاهرات، بل اتسعت حركة الاحتجاج لتسيطر على الجامعات والمدارس أي رفض الشباب والأجيال الجديدة لاستمرار الانقلاب.

إذن لم يبق أمام الدائرة الانقلابية الضيقة إما الاستسلام وإما العناد والسعي لتأخير الغرق وكسب بعض الوقت، وهذا بالقفز إلى الأمام والبحث عن حرب خارجية متوهمين حشد المصريين خلفهم، لعل وعسى يتغير الوضع على الأرض ويهدأ الشعب الغاضب، وهذا وهم لن يتحقق، فلن يجدوا من يقاتل معهم الأشقاء المسلمين في ليبيا والسودان وغزة، فالمصريين لن يكونوا مرتزقة تحارب المسلمين من أجل أمريكا وإسرائيل، وستكون الضربة القاضية ونهاية الانقلاب وستكون بداية لمرحلة جديدة من الصراع الصحيح لها طابعها المختلف، ولكن هذه المرة ستكون بين الأمة التي تضم كل أبنائها المخلصين من مدنيين وعسكريين، إسلاميين ووطنيين، ضد خصومها الأصليين الذين لن يجدوا من يقاتل وكالة عنهم، وهم أعجز عن مواجهة الأمة التي عرفت كيف تنتصر.

باختصار:

  • مصر لن تسقط، ولن تفلح كل المحاولات لتغيير هويتها، وستفشل عملية السلخ التي تتم الآن لجعل مصر ضد أمتها وضد عقيدتها.
  • مصر أبدا لن تكون ظهيرا للكيان الصهيوني ولن تكون عدوا لأمتها.