فوائد الفصاحة وأقسامها
فوائد الفصاحة المحمودة، وأقسام الفصاحة.
- التصنيفات: محاسن الأخلاق -
فوائد الفصاحة المحمودة:
1- الفصاحة من وسائل تبليغ الدين:
الفصاحة وسيلة مهمة من وسائل تبليغ دين الله تبارك وتعالى، لذا طلب موسى عليه السلام من ربه أن يمدَّه بأخيه هارون عليه السلام وعلَّل ذلك بكونه أفصح منه لسانًا. فصاحب اللسان الفصيح يقدر على إبلاغ حجَّته للناس، وإيصال الحق لهم.
2- القدرة على الدفاع عن الحقوق:
الفصيح أقدر وأجدر في الدفاع عن حقه، وانتزاعه من المعتدين، وذلك إذا كان الميدان ميدان حِجَاج وكلام. وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذمَّ من كانت بلاغته وبيانه سببًا في أن يقضى له بما ليس له بحق، فلا شك أنَّ هذه الفصاحة والبلاغة إذا أدت إلى الوصول للحق تكون حينئذ محمودة، وإلا كانت مذمومة.
قال المناوي في شرح حديث: «البخاري [2680]، ومسلم [1713]).
قال: "أَلْحَن -بفتح الحاء-: الفَطانَة، أي: أبْلغ وأفْصح، وأعلم في تقرير مقصوده، وأفْطن ببيان دليله، وأقدر على البَرْهنة على دفع دعوى خصمه، بحيث يُظنُّ أن الحق معه" (فيض القدير: [2/564]).
3- الفصاحة من وسائل التأثير في المستمع:
ومن فوائد الفصاحة أنها تدعو السامع للعمل بالكلام الذي يسمعه، قال ابن عثيمين: "أنه ينبغي صياغة الكلام بما يحمل على العمل به، لأن من الفصاحة، صياغة الكلام بما يحمل على العمل به" (شرح الأربعين النووية: ص [164]).
ذو الفصاحة يستطيع تمثيل المسلمين في المحافل والاجتماعات دون خوف أو خجل، ويستطيع أن يتكلم بما يُمْلِيه عليه دينه. ويكون صاحب كلمة مسموعة، تهفو إليه الأرواح، وتَشْرَئِبُّ إليه الأعناق (تَشْرَئِبُّ: اشرأب ارتفع وعلا؛ وكل رافع رأسه: مشرئب. (لسان العرب لابن منظور: [1/493]))، وتتطلع إليه قلوب المؤمنين إذا تكلم أو خطب، فيكون حاله كما قال سحبان:
لقد علم الحي اليمانون أنَّني *** إذا قلت أمَّا بعد أنِّي خطيبها
4- الفصاحة وسيلة لمعرفة إعجاز القرآن:
يقول أبو هلال العسكري: "إن أحقَّ العلوم بالتعلُّم، وأولاها بالتحفُّظ -بعد المعرفة بالله جلَّ ثناؤه- علم البلاغة، ومعرفة الفَصَاحة، الذي به يُعرف إعجاز كتاب الله تعالى، اللاطق بالحق، الهادي إلى سبيل الرشد، المدلول به على صدق الرسالة وصحة النبوة، التي رفعت أعلام الحق، وأقامت منار الدين، وأزالت شبه الكفر ببراهينها، وهتكت حُجُب الشك بيقينها. وقد علمنا أن الإنسان إذا أغفل علم البلاغة، وأخلَّ بمعرفة الفصاحة، لم يقع علمه بإعجاز القرآن من جهة ما خصَّه الله به من حُسْن التأليف، وبراعة التركيب، وما شَحَنه به من الإيجاز البديع، والاختصار اللَّطيف؛ وضمَّنَه من الحلاوة، وجلَّله من رَوْنَق الطَّلاوة، مع سهولة كَلِمِه وجزالتها، وعذوبتها وسلاستها، إلى غير ذلك من محاسنه التي عجز الخلق عنها، وتحيَّرت عقولهم فيها..." (الصناعتين: الكتابة والشعر [1-2]).
أقسام الفصاحة:
الفصاحة قسمان:
1- "راجعٌ على المعنى، وهو خُلُوص الكلام عن التَّعقيد... وهو أن يُعَثِّر صاحبه فكرَك في مُتَصَرَّفه، ويَشِيك طريقك على المعنى، ويُوعِر مذهبك نحوه، حتى يُقَسِّم فكرك، ويشعِّب ظنَّك على أن لا تدري من أين تتوصَّل، وبأيِّ طريق معناه يتحصَّل.
2- وراجعٌ على اللَّفظ، وهو أن تكون الكلمة عربيَّة أصليَّة، وعلامة ذلك:
أن تكون على أَلْسِنة الفُصَحاء من العرب -الموثوق بعربيَّتهم- أَدْور، واستعمالهم لها أكثر، لا ممَّا أحدثها المولدون، ولا ممَّا أخطأت فيه العامَّة، وأن تكون أَجْرَى على قوانين اللُّغة، وأن تكون سليمة عن التَّنافر" (مفتاح العلوم للسكاكي: ص [416]).