وليسعك بيتك
عائض بن عبد الله القرني
رجائي الوحيدُ إقبالك على شانِك والانزواءُ في غرفتِك إلاَّ من قولِ خيرٍ أو فعلِ خيرٍ، حينها تجدُ قلبك عاد إليك، فسلمَ وقتُك من الضياعٍ، وعمرُك من الإهدارِ، ولسانُك من الغيبةِ، وقلبُك من القلقِ، وأذنُك من الخنا ونفسُك من سوءِ الظنِ، ومن جرَّب عَرَفَ، ومن أركب نفسه مطايا الأوهامِ، واسترسل مع العوامِ فقلْ عليه السلامُ.
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
العُزْلةُ الشرعيَّةُ السنيَّةُ: بُعْدُك عن الشرِّ وأهلِهِ، والفارغين َواللاهين والفوضويين، فيجتمعُ عليك شملُك، ويهدأ بالُك، ويرتاحُ خاطرُك، ويجودُ ذهنُك بِدُررِ الحِكم، ويسرحُ طرفُكَ في بستانِ المعارفِ.
إن العزلة عن كلِّ ما يشغلُ عن الخيرِ والطاعةِ دواءٌ عزيزٌ جرَّبهٌ أطباءُ القلوبِ فنجح أيَّما نجاحٍ، وأنا أدُّلك عليهِ، في العزلةِ عن الشرِّ واللّغوِ وعن الدهماءِ تلقيحٌ للفِكْر، وإقامةٌ لناموسِ الخشيةِ، واحتفالٌ بمولدِ الإنابةِ والتذكرِ، وإنما كان الاجتماعُ المحمودُ والاختلاطُ الممدوحُ في الصلواتِ والجُمَعِ ومجالسِ العِلْمِ والتعاونِ على الخيْرِ، أما مجالسُ البطالةِ والعطالةِ فحذارِ حذارِ، اهربْ بجلدِك، ابكِ على خطيئتك، وأمسكْ عليك لسانك، وليسعك بيتك، الاختلاط الهمجي حرب شعواء على النفس، وتهديد خطير لدنيا الأمنِ والاستقرارِ في نفسك، لأنك تجالسُ أساطين الشائعاتِ، وأبطال الأراجيفِ، وأساتذة التبشير بالفتن والكوارث والمحن، حتى تموت كلَّ يومٍ سَبْعَ مراتٍ قبل أن يصلك الموتُ {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً}.
إذاً فرجائي الوحيدُ إقبالك على شانِك والانزواءُ في غرفتِك إلاَّ من قولِ خيرٍ أو فعلِ خيرٍ، حينها تجدُ قلبك عاد إليك، فسلمَ وقتُك من الضياعٍ، وعمرُك من الإهدارِ، ولسانُك من الغيبةِ، وقلبُك من القلقِ، وأذنُك من الخنا ونفسُك من سوءِ الظنِ، ومن جرَّب عَرَفَ، ومن أركب نفسه مطايا الأوهامِ، واسترسل مع العوامِ فقلْ عليه السلامُ.