الوعي بالواقع

علي بن نايف الشحود

لا فائدة الآن من القعود والسكوت، لا فائدة من الجلوس للمشاهدة والتصفيق.

  • التصنيفات: التصنيف العام - قصص الأمم السابقة -

تبين آيات الجولة الثانية من القصة؛ أن مؤمن يس قد تحرك في مبادرة وموقف عظيم: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَا الْـمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} [يس:20].

 

ولا يهمنا أن يكون هذا الرجل هو حبيب النجار أو غيره، ولكن المهم أن نستشعر أنه رجل جاء من مكان ليس بالقريب، وكذلك كان يسعى؛ أي يسرع في مشيته، وهو ما يبين مدى الجهد الذي بذله للوصول إلى مسرح الأحداث، وهو المكان الذي كان يبتلى فيه الرسل، وذلك في مبادرة منه لم يحدها مكان ولا زمان ولا وقت، بل سعى ووصل في الوقت والمكان المناسبين، وعرض رأيه في القضية، وانتصر لهؤلاء الرسل ضد رغبة قومه.

 

ولقد بينت القصة أنه تحرك في وقت معين، وبعد وصول الفكرة مع قومه إلى طريق مسدود، وعندما بدأ التهديد الجاد للرسل عليهم الصلاة والسلام.


إذن لا فائدة الآن من القعود والسكوت، لا فائدة من الجلوس للمشاهدة والتصفيق.

وهذا ما يبين عمق فقه هذا الرجل للموقف، وحسن تقديره للحظة تدخله ومناصرته.

 

وهي سمة عظيمة أن تتربى الأمة على فقه الواقع، وحسن تقدير الظروف، وعلى فقه الموازنة بين الأمور. أو على الأقل أن تكون هناك قاعدة جماهيرية، تتربى على شيء من الوعي والدراية بحالة الأمة، ومعاناتها، وخطورة المرحلة التي تعيشها، وإصابتها بأمراض الاستنقاع والتردي الحضاري.