فن السرور (1)

عائض بن عبد الله القرني

من أعظمِ النعمِ سرورُ القلبِ، واستقرارُه وهدوؤُهُ، فإنَّ في سرورهِ ثباتُ الذهنِ وجودةِ الإنتاجِ وابتهاجِ النفسِ، وقالوا: إنّ السرورَ فنٌّ يُدرَّسُ، فمنْ عرفَ كيفَ يجلبُه ويحصلُ عليه، ويحظى به استفادَ من مباهجِ الحياةِ ومسارِ العيشِ، والنعمِ التي من بينِ يديْه ومن خلفِه.

  • التصنيفات: الزهد والرقائق -

من أعظمِ النعمِ سرورُ القلبِ، واستقرارُه وهدوؤُهُ، فإنَّ في سرورهِ ثباتُ الذهنِ وجودةِ الإنتاجِ وابتهاجِ النفسِ، وقالوا: إنّ السرورَ فنٌّ يُدرَّسُ، فمنْ عرفَ كيفَ يجلبُه ويحصلُ عليه، ويحظى به استفادَ من مباهجِ الحياةِ ومسارِ العيشِ، والنعمِ التي من بينِ يديْه ومن خلفِه.

والأصلُ الأصيلُ في طلبِ السرورِ قوةُ الاحتمالِ، فلا يهتزُّ من الزوابعِ ولا يتحرَّكُ للحوادثِ، ولا ينزعجُ للتوافِهِ. وبحسبِ قوةِ القلبِ وصفائِهِ، تُشرقُ النَّفْسُ.


إن خَوَرَ الطبيعةِ وضَعْفَ المقاومةِ وجَزَعَ النفسِ، رواحلُ للهمومِ والغمومِ والأحزانِ، فمنْ عوَّد نفسَه التصبُّر والتجلُّدَ هانتْ عليه المزعجاتُ، وخفَّتْ عليهِ الأزماتُ.

إذا اعتاد الفتى خوضَ المنايا *** فأهونُ ما تمرُّ به الوحولُ

ومن أعداءِ السرورِ ضيِقُ الأُفُقِ، وضحالَةَ النظرةِ، والاهتمامُ بالنفس فَحَسْبُ، ونسيانُ العالمِ وما فيه، واللهُ قدْ وصفَ أعداءَهُ بأنهمْ {أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ}، فكأن هؤلاءِ القاصرينَ يَرَوْن الكَوْنَ في داخلِهم، فلا يفكّرونَ في غيرِهِمْ، ولا يعيشوَن لسواهُمْ، ولا يهتمّونَ للآخرينَ.

إنَّ عليَّ وعليكَ أنْ نَتَشَاغَلَ عن أنفسِنَا أحياناً، ونبتعد عن ذواتِنا أزماناً لِنَنْسَى جراحَنا وغمومَنا وأحزانَنا، فنكسبَ أمرْين: إسعادَ أنفسنِا، وإسعادَ الآخرين.