قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا
أبو بكر جابر الجزائري
المؤمنون أَوْلى بمستلذات الحياة الدنيا من غيرهم؛ لأنهم يحسنون العمل، ويبذلون الجهد لاستخراجها والانتفاع بها، فإن صُرِفُوا عن العلم والعمل، فلا إنتاج ولا اختراع ولا حضارة.
قال تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّـهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}[الأعراف:32].
قوله تعالى: {قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} بالأصالة؛ لأن المؤمنين علماء، فيحسنون العمل والإنتاج والصناعة، والكفار تَبَعٌ لهم في ذلك؛ لجهلهم وكسلهم وعدم بصيرتهم.
{خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي: هي خالصة للمؤمنين يوم القيامة، لا يشاركهم فيها الكفار، ولأنهم في دار الشقاء النار، والعياذ بالله تعالى.
وقوله تعالى: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} أي: كهذا التفصيل والبيان الذي بيَّناه وفصَّلناه في هذه الآيات، وما زلنا نفصِّل ونُبيِّن ما ننزل من آيات القرآن الكريم لقوم يعلمون، أما غيرهم من أهل الجهل والضلال؛ فإنهم لا ينتفعون بذلك؛ لأنهم محجوبون بظُلْمة الكفر والشرك ودخان الأهواء والشهوات والشبهات.
ومن هداية الآية: أن المستلذات من الطعام والشراب والمزيَّنات من الثياب وغيرها؛ المؤمنون أَوْلى بها من غيرهم؛ لأنهم يحسنون العمل، ويبذلون الجهد لاستخراجها والانتفاع بها، بخلاف أهل الجهالات فإنهم عُمْي لا يبصرون، ومُقْعَدون لا يتحركون.
وإن قيل: العكس هو الصحيح، فإن أمم الكفر وأوربا وأمريكا هي التي تقدمت صناعيًّا وتمتعت بما يتمتع به المؤمنون؟
فالجواب: أن المؤمنين صُرِفُوا عن العلم والعمل، وأُقْعدوا عن الإنتاج والاختراع بإفساد أعدائهم لهم؛ عقولهم وعقائدهم، فعوَّقوهم عن العمل؛ مكرًا بهم وخداعًا لهم.
والدليل أن المؤمنين لما كانوا كاملين في إيمانهم؛ كانوا أرقى الأمم، وأكملها حضارة وطهارة وقوة وإنتاجًا، مع أن الآية تقول: {...لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}، فإذا حلَّ الجهل محل العلم، فلا إنتاج ولا اختراع ولا حضارة.