(4) عمرة "رجب"
محمد صالح المنجد
دلت الأحاديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رجب..
- التصنيفات: ملفات شهر رجب والإسراء والمعراج -
العُمرة في رجب:
دلت الأحاديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رجب، كما ورد عن مجاهد قال: "دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة رضي الله عنها فسُئل: كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أربعًا إحداهن في رجب، فكرهنا أن نرد عليه".
قال: "وسمعنا إستنان عائشة أم المؤمنين -أي صوت السواك- في الحجرة فقال عروة: يا أماه يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: ما يقول؟ قال: يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات إحداهنّ في رجب، قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهد -أي حاضر معه- وما اعتمر في رجب قط" (متفق عليه)، وجاء عند مسلم: "وابن عمر يسمع فما قال لا، ولا نعم".
قال النووي: "سكوت ابن عمر على إنكار عائشة يدل على أنه كان اشتبه عليه أو نسي أو شك".
ولهذا كان من البدع المحدثة في مثل هذا الشهر تخصيص رجب بالعمرة، واعتقاد أن العمرة في رجب فيها فضل معيّن، ولم يرد في ذلك نص، إلى جانب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه أنه اعتمر في رجب.
قال الشيخ علي بن إبراهيم العطار المتوفى سنة 724هـ: "ومما بلغني عن أهل مكة زادها الله شرفًا اعتياد كثرة الاعتمار في رجب، وهذا مما لا أعلم له أصلاً، بل ثبت في حديث أن الرسول صلى الله عليه قال: «عمرة في رمضان تعدل حجة»".
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في فتاويه: "أما تخصيص بعض أيام رجب بأي شيء من الأعمال الزيارة وغيرها فلا أصل له لما قرره الإمام أبو شامة في كتاب (البدع والحوادث)، وهو أن تخصيص العبادات بأوقات لم يخصّصها بها الشرع لا ينبغي، إذ لا فضل لأي وقت على وقت آخر إلآ ما فضله الشرع بنوع من العبادة، أو فضل جميع أعمال البر فيه دون غيره، ولهذا أنكر العلماء تخصيص شهر رجب بكثرة الاعتمار فيه" (ا.هـ).
ولكن لو ذهب الإنسان للعمرة في رجب من غير اعتقاد فضل معيّن، بل كان مصادفة أو لأنّه تيسّر له في هذا الوقت فلا بأس بذلك.
تنبيه: لو أن أحدكم حجز عمرة رجب بالفعل، فعليه أن يصحح نيته بأنها ليست خاصة بالشهر نفسه، ويجعل نيته أنها عبادة يتقرب بها إلى الله، حيث أنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خص شهر رجب بعمرة أو أي عبادة مخصوصة (منقول بتصرف).