الفِطْنَة والذَّكاء والفرق بينها وبين الصفات الأخرى
- التصنيفات: محاسن الأخلاق -
معنى الفِطْنَة والذَّكاء لغةً واصطلاحًا:
معنى الفِطْنَة لغةً:
أصل هذه المادة يدلُّ على ذكاءٍ وعلم بشيء. والفِطْنَة والفَطَانَة كالفهم، وهي ضِدُّ الغَباوة، ورجل فَطِنٌ: بَيِّنُ الفِطْنَة، وفَطُنَ -بالضم- إذا صارت الفَطَانَة له سجيَّة، ورجل فَطِنٌ بخصومته، عالم بوجوهها حاذق، ويتعدَّى بالتَّضعيف، فيقال: فَطَّنتُهُ للأمر. (انظر مقاييس اللغة لابن فارس: [4/510]، والصحاح للجوهري: [8/35]، ولسان العرب لابن منظور: [13/323]، والمصباح المنير للفيومي: [2/477])
معنى الفِطْنَة اصطلاحًا:
قال العسكري: "الفِطْنَة: العلم بالشَّيء من وجه غامض". (الفروق اللغوية: [1/85]).
وقال الرَّاغب: "الفِطْنَة: سرعة إدراك ما يُقْصد إشكاله". (الذريعة إلى مكارم الشريعة ص: [143]).
وقال الكفوي: "الفِطْنَة: التَّنَـبُّه للشَّيء الذي يُقْصد معرفته". (الكليات: [1/456]، والتعريفات للجرجاني ص: [143]).
معنى الذَّكاء لغةً:
الذَّكاء: سُرْعة الفِطْنَة، مِنْ قولك: قلب ذَكِي وصَبِي ذكِي، إذا كان سريعَ الفِطْنَة، وقد ذَكِيَ -بالكسر- يَذْكَى ذَكًا. وَيُقَال: ذَكا يَذْكُو ذَكاءً، وذَكُوَ فهو ذكِيٌّ. (لسان العرب لابن منظور: [14/287]).
معنى الذَّكاء اصطلاحًا:
قال المناوي: "الذَّكاء: سرعة الإدراك، وحِدَّة الفهم". (التوقيف على مهمات التعريف ص: [171]).
وقال الكفوي: "الذكاء: شدَّة قُوَّة النفس، مُعدَّةٌ لاكتساب الآراء بحسب اللغة. وفي الاصطلاح: قد يستعمل في الفطانة، يقال: رجل ذكي، وفلان من الأذكياء، يريدون به المبالغة في فطانته، كقولهم: فلان شعلة نار". (الكليات: [1/456]).
الفرق بين الفِطْنَة والذَّكاء:
قال العسكري: "الذَّكاء تمام الفِطْنَة، من قولك: ذَكَت النَّار إذا تمَّ اشتعالها، وسُمِّيت الشَّمس ذكاءً؛ لتمام نورها. والتَّذكية: تمام الذَّبح، ففي الذَّكاء معنى زائدٌ على الفِطْنَة" (الفروق اللغوية: [1/85].
قال الشَّاعر في الذَّكاء -الذي معناه تَمام الفِطْنَة-:
شهم الفؤادِ ذكاؤه ما مِثْلُهُ *** عند العزيمةِ في الأَنامِ ذَكاءُ
الفرق بين الفِطْنَة والصِّفات الأخرى:
- الفرق بين الفِطْنَة، والعِلم، والحِذْق، والكَيْس:
قال العسكري: "الفِطْنَة: هي التَّنبُّه على المعنى، وضدُّها: الغفلة، ورجل مغفَّلٌ: لا فِطْنَة له. وهي الفِطْنَة والفَطَانَة، والطَّبانة مثلها، ورجل طَبِنٌ: فَطِنٌ. ويجوز أن يقال: إنَّ الفِطْنَة ابتداء المعْرِفة من وجه غامض، فكلُّ فِطْنَة علمٌ، وليس كلُّ علمٍ فِطْنَةً، ولما كانت الفِطْنَة عِلْمًا بالشَّيء من وجه غامض، لم يَجُز أن يقال: الإنسان فَطَن بوجود نفسه، وبأنَّ السَّماء فوقه". (الفروق اللغوية: [1/85]).
وأما "الكَيْس: هو سرعة الحركة في الأمور، والأخذ في ما يعني منها دون ما لا يعني، يقال: غلام كَيِّسٌ، إذا كان يُسْرع الأَخْذ في ما يؤمر به، ويترك الفُضُول، وليس هو من قبيل العلوم. والحِذْق أصله: حِدَّة القَطع، يقال: حَذَقَه، إذا قطعه. وقولهم: حَذَقَ الصَّبيُّ القرآن، معناه: أنَّه بلغ آخره، وقطع تعلُّمه، وتناهى في حفظه. وكلُّ حَاذِق بصناعة، فهو الذي تناهى فيها، وقطع تعلُّمها، فلمَّا كان الله تعالى لا توصف معلوماته بالانقطاع، لم يَجُز أن يُوصف بالحِذْق". (الفروق اللغوية: [1/85]).
- الفرق بين الفِطْنَة والنَّفَاذ:
قال العسكري: "أنَّ النَّفَاذ أصله في الذَّهاب، يقال: نَفَذ السَّهم، إذا ذَهَب في الرَّمِيَّة، ويُسمَّى الإنسان نافذًا، إذا كان فِكْره يبلغ حيث لا يبلغ فِكْر البَلِيد، ففي النَّفَاذ معنى زائد على الفِطْنَة، ولا يكاد الرَّجل يُسمَّى نافذًا، إلا إذا كَثُرت فِطْنَته للأشياء، ويكون خرَّاجًا ولَّاجًا في الأمور". (الفروق اللغوية: [1/86]).