(19)

رحاب حسَّان

الهجرة إلى المدينة- البيوتات الحاضنة وأثرها في النفوس- معالم من المجتمع الجديد.

  • التصنيفات: السيرة النبوية -

(1)
الهجرة إلى المدينة

  «إني أُرِيتُ دارَ هجرتِكم، ذاتَ نخلٍ بين لابَتَيْنِ». (وهما الحَرَّتانِ، فهاجر مَن هاجر قِبَلَ المدينةِ)، (صحيح البخاري برقم:[2297].

لقد كانت هذه الكلمات النابعة من نور النبوة بشرى خير وفرج على مسلمي مكة والذين ضاقت عليهم بيوتهم وأهليهم واشتد الأذى حتى أخذ كل مبلغ فجعل القوم يخرجون ويخفون ذلك، فكان أول من إلى قدم المدينة أبو سلمة بن عبد الأسد، ثم قدم بعده عامر بن ربيعة معه امرأته ليلى بنت أبي حَثْمة، فهي أول ظعينة قدمت المدينة، وخرج المسلمون جميعًا إلى المدينة فلم يبقَ بمكة فيهم إلا رسول الله وأبو بكر الصديق، أو مفتون أو مريض أو ضعيف عن الخروج.

 

(2)

البيوتات الحاضنة وأثرها في النفوس

لقد كان من نتائج إيمان الأنصار أن ظهرت ظاهرة عظيمة من التكافل بين المسلمين، ففتحت بيوت الأنصار أبوابها وقلوب أصحابها لوفود المهاجرين، واستعدت لاحتضانهم رجالاً ونساء، إذ أصبح المسكن الواحد يضم المهاجر والأنصاري، والمهاجرة والأنصارية، يتقاسمون المال والمكان والطعام والمسئولية الإسلامية، واتضحت مبادئ الغيرية والتضحية والإيثار تلك التي من الصعب أن تجدها في مجتمع ما في حال من الأحوال، ذلك أن تلك المبادئ من الصعب تحقيقها بلا مقابل مادي أو معنوي آنيّ يعود على الأفراد، أما في المجتمع المدني فقد كان الكل يرجو ثواب الله تعالى ويخاف يومًا عبوسًا قمطريرا.

 

(3)

معالم من المجتمع الجديد

ومن معالم هذا المجتمع الجديد ذوبان العصبية التي كانت بين القبائل، وحرية الدعوة إلى الله علانية فالمجتمع كله مسلم ولله الحمد وقد سهل ذلك النصيحة والاستجابة للحق، ثم وجود قاعدة صلبة من المسلمين والتي بذل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتًا وجهدًا في تربيتها، بدأت تعطي ثمارها أكثر بعد أن التحم مسلمي مكة بالمجتمع المدني الجديد، وانصهر كلاهما في معاني العقيدة وإخوة الدين.