أسئلة مهمة حول مناظرة المستقلة
عثمان بن محمد الخميس
هذه مجموعة من الأسئلة وردت إلى صفحتكم بالإنترنت صفحة المنهج، تتعلق بموضوع مناظرتكم في قناة المستقلة مع الرافضة، وهذه الأسئلة قد تكررت كثيرًا، فأحببنا من خلال هذه الجلسة أن يكون ردكم شافيًا للسائلين
- التصنيفات: الفرق والجماعات الإسلامية -
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له توحيدًا وتسليمًا، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا مزيدًا. أما بعد،
نرحب بفضيلة الشيخ عثمان الخميس حفظه الله، ونسأل الله عز وجل أن يجعل ما يقدمه في ميزان حسناته يوم لا ينفع مال ولا بنون.
السؤال الأول: شيخنا الحبيب، هذه مجموعة من الأسئلة وردت إلى صفحتكم بالإنترنت صفحة المنهج، تتعلق بموضوع مناظرتكم في قناة المستقلة مع الرافضة، وهذه الأسئلة قد تكررت كثيرًا، فأحببنا من خلال هذه الجلسة أن يكون ردكم شافيًا للسائلين، وتواصلاً مع محبيكم، وحتى لا نطيل شيخنا الكريم وصلت إلى إدارة موقعكم الكثير من الطلبات والاستفسارات حول بطاقتكم الشخصية، ومسيرتكم العلمية، فيا حبذا شيخنا الحبيب لو تكرمتم في التفصيل بهذا الأمر، ونحن في الحقيقة نلح على التفصيل بهذه الجزئية، بارك الله فيك.
إجابة السؤال الأول: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، إله الأولين والآخرين، وخالق الخلق أجمعين. الحمد لله حمداً كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى. الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه حمدًا يوازي نعمه ويكافئ مزيده، الحمد لله ملء السماوات وملء الأرض وما بينهما ومل ما شاء من شيء بعد. والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.أما بعد،
فأنا عثمان بن محمد بن حمد بن عبدالله بن صالح بن محمد الخميس، يرجع نسبي إلى النواصر من بني تميم، ومن سكان دولة الكويت.
بداية الطلب منذ الصغر على بعض المشايخ في البلاد كالشيخ ناظم المسباح، وغيره، ولم أكن ألتزم كثيرًا بالدروس حتى سافرت إلى القصيم لدراستي الجامعية، ودرست هناك في الجامعة وفي المسجد على يد شيخي رحمه الله تعالى الشيخ محمد بن صالح العثيمين، وعلى الشيخ أبي عمر إبراهيم اللاحم، وأبي محمد ناصر حميد، أبي إبراهيم علي اليحي، وأبي علي عبدالله الجعيثم، وأبي محمد صالح الميان، وأبي عبدالله علي الجمعة، وغيرهم من المشايخ الفضلاء كالشيخ حمود العقلة رحمه الله تعالى، والشيخ محمد المرشد، وواصلت بعد ذلك دراستي ونلت شهادة الماجستير في الحديث النبوي وكان موضوع الرسالة الأحاديث الواردة في شأن السبطين (أعني الحسن والحسين) رضي الله تبارك وتعالى عنهما.
وأنا الآن إمام مسجد الحميدة في مشرف في دولة الكويت وخطيب جمعة والحمد لله لي نشاط في الدروس العلمية، ويحضر عندي بعض الشباب نتدارس معًا كتبًا كثيرة كصحيح الإمام البخاري وصحيح الإمام مسلم وكتاب العمدة الفقه الحنبلي لابن قدامى وكتاب الروض المربع ومنار السبيل في الفقه كذلك مذهب الإمام احمد بن حنبل وكتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب وتفسير ابن كثير وغيرها من الكتب التي أسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بها.
وأنا متزوج، ولي أربعة أولاد، وأكنى بأبي محمد وهو كبير الذكور ثم عبد الرحمن وصالح وفاطمة، أسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظهم. لي من العمر أربعين سنة وحاليًا أحضر لدراسة الدكتوراة إن شاء الله تبارك وتعالى وأسأل الله جل وعلا أن ييسر.
السؤال الثاني: متى بدء اهتمامك في موضوع الرافضة؟ ولماذا توجهتم هذا التوجه؟
إجابة السؤال الثاني: أولاً: ليكن في معلوم الجميع أنني لست مهتمًا كثيرًا في هذا الموضوع، ولا أصرف لأجله كثيرًا من الوقت، لا أقول هذه تواضعًا بل هذا هو الواقع، فأنا ولله الحمد كما ذكرت قبل قليل لي من الدروس الشيء الكثير، وهي ستة عشر درسًا في الأسبوع في الفقه والعقيدة والمصطلح والتفسير والحديث وغيرها، ولا درس واحد عندنا لموضوع الرافضة، وإنما هذا اهتمام شخصي في أوقات الفراغ أقرأ أحيانًا في هذا الموضوع خاصة في كتبهم.
وكان أول اهتمامي بهذا الموضوع أيام دراستي الجامعية، عندما اقتنيت كتاب منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية حيث إني قرأت هذا الكتاب كاملاً، فملت كثيرًا إلى أراء شيخ الإسلام ابن تيمية وإلى توجيهاته وأعجبت بأسلوبه وطريقة طرحه ومناقشته الخصم حتى إن هذا الكتاب كان لا يفارقني إلا قليلاً، كنت أحرص عليه كثيرًا، وأتردد كثيرًا على هذا الكتاب ومدارسته وقراءته.
وبعد ذلك بدأت أقتني بعض الكتب التي ترد على الشيعة ولم أكن بعد قد قرأت كتبهم، فأكثرت من قراءة كتب الشيخ إحسان إلهي ظهير فقرأت كتابه الشيعة والقرآن، وكتابه الشيعة وأهل البيت، وكتابه الشيعة والسنة، وبين الشيعة والسنة، واستفدت كثيرًا من تلك الكتب.
ثم اقتنيت كتاب مختصر التحفة الاثني عشرية للألوسي وهو من أنفع الكتب التي قرأتها من بعد كتاب منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية، ثم بعد ذلك عزمت على أن أطلع على كتبهم أعني كتب القوم، فاقتنيت بعض كتبهم وأفادني بعض الشباب بكتب أخرى من كتبهم، فبدأت أقرأ فيها كثيرًا حتى تحصلت على معلومات أظن أنها كافية في هذا الموضوع واطمأننت على كثير من الأمور التي كان ينقلها عنهم الشيخ إحسان علي ظهير، بل كنت حريصًا تقريبًا في كل المسائل أو في أغلبها إذا ذكر شيئًا عنهم عن الشيخ إحسان علي ظهير أو الألوسي أو شيخ الإسلام ابن تيمية أو محمد مال الله أو غيرهم ممن كتب في هذا الموضوع أن أرجع إلى أصل الكتاب وإلى كتب الشيعة حتى أقرأ النص نفسه، وكنت أرجع إلى نصوصهم من كتبهم وقد صدمت كثيرًا عندما وجدت أشياء أخرى غير التي ذكرها أولئك العلماء عنهم، وجدت أشياء يشيب منها الرأس، وكلما ازداد عجبي من تلك الأمور كلما ازداد نهمي في الإطلاع أكثر على تلك الكتب واقتنائها وقراءتها. ولكن هذا لا يمنعني من استمرار الدروس التي هي تهم أهل السنة وتهم الشباب على إني كنت أحضّر لهذه الدروس وتأخذ كثيرًا من وقتي، ولكن كما قلت في أوقات الفراغ كنت أقرأ بعض كتب القوم. فهذا تقريباً أول الاهتمام بهذا الأمر، وهذا كان في سنة 1406 هـ.
السؤال الثالث: الشيخ عثمان لنرجع إلى موضوع المناظرة التي تمت في قناة المستقلة مع الرافضة، فإن بعض الناس يحتج قائلاً: بأن مثل هذه المناظرات مدعاة للفتنة والتفرقة وشق صفوف المسلمين، خصوصًا في ظل الأوضاع الحالية التي تواجهها الأمة الإسلامية. فما رأي فضيلتكم؟
إجابة السؤال الثالث: خير ما يرد على مثل هذا الكلام قول الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} [البقرة:219]. لاشك أن لكل شيء سلبيات وإيجابيات تقريبًا وأعني في أمورنا التي نتعاون فيها ونتدارسها، وأنا لا أظن أبدًا أن المناظرة كانت إيجابية مائة بالمائة، ولكن أيضًا لم تكن سلبية مائة بالمائة، هي حوت إيجابيات وسلبيات كثيرة، ولكن الذي يظهر والعلم عند الله سبحانه وتعالى أن الإيجابيات أكثر من السلبيات.
وأما قول القائل: إن الوقت لا يسمح لمثل هذه المناظرات وإنه يفرّق الأمة، فأنا أطرح على هذا السؤال سؤالاً وهو أي أمة هذه التي سيفرقها؟ وهل يظن ظانّ أن الشيعة -أعني علماؤهم وذلك أن العوامة تبعٌ للعلماء-، هل هؤلاء سيقفون معنا إذا اشتدت الأمور؟ لن يقفوا معنا. والحمد لله إن تلك سنن الله تبارك وتعالى في أرضه، والتاريخ يعيد نفسه. تاريخهم خير شاهد على أن الأمر خلاف ذلك، وذلك أننا إذا رأينا تاريخهم، وجدنا أن كل جهادهم كان على أهل السنة، بل إنه يحرمون الجهاد مع أهل السنة ويرون أن الجهاد محرّم حتى يخرج المهدي المنتظر، ولذلك كل جهاد الشيعة في تاريخهم الطويل إنما كان على أهل السنة لا على الكفار. ما أذكر أنهم نصروا الإسلام يومًا، وإنما كان نصرهم للكفار على المسلمين، ولذلك من يقرأ التاريخ يدرك ذلك تمامًا ويعرفه معرفة اليقين؛ ولنضرب من ذلك أمثلة:
- ما قام به الشيعة من نصرة التتار على المسلمين، حيث جاء نصير الدين الطوسي وابن العلقمي بهولاكو وممن معه، وأفسدوا في بلاد المسلمين حتى قُتل في بغداد وحدها مليون مسلم، والشيعة يباركون هذا القتل الذي وقع من التتار ويرون أن دماء المسلمين التي ذهبت إنما هي دماء قذرة، وأنها إلى نار جهنم والعياذ بالله.
- موقفهم من الحروب الصليبية لما كانوا يفتحون الثغور للنصارى على المسلمين، وقد ذكر ذلك الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى ونقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: أن النصارى كانوا يبيعون المسلمين على النصارى بيعاً، وأنه لما انتصر المسلمون على النصارى وأرادوا أن يعاقبوا الشيعة في ذلك الوقت استفتوا شيخ الإسلام ابن تيمية قالوا: هل يجوز لنا أن نبيعهم كما باعوا المسلمين على النصارى؟ قال: لا. قال تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ} [المائدة:8].
- كذلك حالهم مع الدولة العثمانية واضح جدًا وذلك أن الدولة العثمانية كانت تؤدب الصرب والأوربيين في أوربا وكانوا الشيعة يعيثون فسادًا في بلاد المسلمين هنا، وكانوا يضربون الدولة العثمانية. وحتى قال قائلهم: لولا لدولة الصفوية لدخل الإسلام إلى أوربا كلها. فلأن الصفوية كانت تضرب بالدولة العثمانية. وأقاموا الأفراح لما هزمت الدولة العثمانية على يد روسيا.
وما أقرب الليلة من البارحة كما قيل، وذلك لأننا نرى في زماننا هذا أن الشيعة على الضد من موقف أهل السنة دائمًا، وليعطينا أي واحد ولو مثالاً واحدًا على نصرة الشيعة لدين الله تبارك وتعالى.
السؤال الرابع: ألا ترون أن موقف حزب الله الآن كما يزعم الكثير أنه مشرّف أنهم أرغموا اليهود على الانسحاب يعارض ما تفضلتم به بأن الرافضة لم يجاهدوا في سبيل الله على مر العصور؟
إجابة السؤال الرابع: حزب الله لاشك أنه نال سمعة عظيمة بين الناس ولكنها إعلامية غير حقيقية، ولنا أن نسأل سؤالاً واحدًا: كم قتل حزب الله من اليهود؟ ما أذكر أبدًا أنهم قتلوا شيئًا كثيرًا، وأنا لا أقول أتحدى ولكن أطلب طلبًا فقط يثبت حزب الله أنه قتل مائة يهودي فقط، ولا أظنهم يستطيعون أن يثبتوا ذلك، وكل ضربات حزب الله على أماكن دون بشر.
ولذلك صرّح بها شارون تقريبًا بأنه ليس لنا مشاكل مع الشيعة، ولا نتضايق من وجود الشيعة أبدًا. وقد أعجبتني كلمة قالها أخي أبو المنتصر أثناء المناظرة وهو أنه لا يكون لليهود والنصارى قوة في بلاد المسلمين إلا وتنشأ دولة شيعية، وذلك أنهم يعرفون أن هؤلاء ليسوا أعداءً لهم ويعرفون عداوتهم أنها لأهل السنة والجماعة.
ولذلك حزب الله مُكّن من لبنان ليضرب أهل السنة والجماعة، أما نصرة لدين الله ما سمعنا شيئًا لذلك. فحزب الله كان يدافع عن أرضه ثم بعد ذلك أراد أن يدخل إلى مزارع شبعى كما قالوا، وهي أماكن سنية مائة بالمائة، فأرادت إسرائيل أن تمكن لهم في شبعى وفي غيرها وكان انسحاب إسرائيل مفاجأة للجميع بحجة أن حزب الله ضربها، كم يضربها الفلسطينيون ولم ينسحبوا من مكانهم قط، بل دكوهم دكًا، وكانوا يستطيعون أن يدكوا حزب الله ولكنهم ما أرادوا ذلك بل انسحبوا وتركوا الأمر لحزب الله.
وقد خرجت إسرائيل وتركت حزب الله، فهل نصر حزب الله فلسطين؟ هل جاهدوا في سبيل الله؟ هل قاتلوا اليهود هناك؟ أبدًا، فالقضية لا تزيد على أن تكون إعلامية فقط، أما واقع نصرة فليس شيء من ذلك.
قد تكلمنا مع بعض القيادات في السودان، عن موقف إيران معهم وأنهم ناصروهم وغير ذلك، فأخبرونا العجب عن موقف إيران معهم، وقالوا أعطونا كل شيء باللسان ولم يعطونا شيئًا كواقع، بل باعونا أسلحة ولم يقبلوا إلا أن يستلموا المبالغ نقدًا، والأسلحة التي باعونا إياها كان أكثرها فاسدة. فالقصد أن نصرتهم لأهل السنة باللسان فقط أما كواقع فلا يوجد شيء من ذلك، والحمد لله التاريخ موجود، فليظهروا لنا دولة شيعية قامت ونصرت الإسلام، وقاتلت الكفار، لا نجد شيئًا من ذلك أبدًا، بل أن الخميني وغيره صناعة فرنسية كما هو معلوم، جاءت به فرنسا إلى إيران وأمريكا كانت متواجدة أثناء الثورة على الشاه بل هي التي مكنت للثورة على الشاه.
ولكن الناس يتغافلون عن ذلك وما غزو الكويت عنا ببعيد، عندما أخذت الطائرات الكويتية عندها وغير ذلك كثير.
فالشاهد من هذا أن نصرتهم للإسلام كواقع لا يوجد شيء من ذلك، وإنما كما قيل: نسمع جعجعة ولا نرى طحنًا. وأنا أتصور أن يطالب الشيعة على مستوى العالم، أن يثبتوا لنا نصراً للإسلام أو جهاداً مع المسلمين طوال تاريخهم السياسي، فقط لا نريد أكثر من ذلك. أقصى ما يذكر عنهم هو ما أحدثوه أيام الدولة الحمدانية عندما كانت تقاتل النصارى، والدولة الحمدانية كما هو معلوم دولة رافضية، وكذلك ما كان جهادًا ولكن كان دفاعًا، حيث إن النصارى كانوا يضربونهم في بلادهم فكانوا يردون على النصارى.
وقتال المسلمين وقلعهم للحجر الأسود، وقتلهم للمسلمين أيام القرامطة وكذلك التفجيرات في الحرم وغيرها كان جهادهم ضد المسلمين لا ضد الكفار. نعود إلى أصل السؤال أن هذا الحديث يفرّق شمل الأمة فأنا أقول بالعكس، النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى حنين بعد فتح مكة، خرج معه قوم حدثاء عهد بجاهلية، فقالوا قولتهم المشهورة: "اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط"، فما تقدم النبي صلى الله عليه وسلم خطوة واحدة ولا قال نحن الآن نريد أن نوحد الجهود والعدو واحد، نقاتل العدو ثم بعد ذلك نتفاهم في مثل هذه الأمور بل وقف النبي صلى الله عليه وسلم وقال: « » (صحيح ابن حبان)، فصحح المعتقد قبل أن يستمر في الطريق. أي هل يعقل الآن أن نتحد معهم ضد إسرائيل أو غيرها، ووضعنا قائداً في الجيش وقال لهم: اهجموا، هل سيهجمون ويطيعونه؟ إن طالوت لما فصل بالجنود قال: {إِنَّ اللَّـهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ} [البقرة:249]، فأراد طالوت بهذا أن يختبر طاعتهم له، قبل أن يبادر بالقاتل لأنه لا يمكن بعد ذلك أن يعرف هل هم مطيعون أم غير مطيعين، فلذلك أراد أن يعرف قبل بدء القتال وبعدها يبادر القتال لأن القائد أثناء المعركة لا يمكن أن يصدر الأوامر ثم يقول: أقنعني، أو دعني أفكر أو يعصي أو غير ذلك، فهذا يفسد عليه القتال كله، ولذلك طالوت استغنى عن معظم الجيش فقال تعالى: {فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ۚ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّـهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّـهِ ۗ وَاللَّـهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:249]. حتى ذكر أهل السير وأهل التواريخ وغيرهم أن طالوت خرج بثمانين ألف، وقد ثبت في صحيح البخاري أن الذين شاركوا معه في القتال ثلاثمائة وثلاث عشر، فاستغنى عن الثمانين ألف بثلاثمائة وثلاث عشر ونصرهم الله تبارك وتعالى، قال تعالى: {فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّـهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ} [البقرة:251]. الشاهد أن لا نهتم بالكثرة، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: « » (البداية والنهاية: [3/139]). فالمهم أن يكونوا مخلصين لله جل وعلا ومستعدين {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [الأنفال:60] وأدوا ما عليهم بعد ذلك ينصرهم الله جل وعلا، وما ذلك على الله بعزيز.
أما أن نخلط في صفوفنا ويدخل الغث والسمين ثم نقول بعد ذلك حتى تتوحد الأمة هذه نظرة غير صحيحة بل الصحيح أن لا يجاهد معنا إلا من هو على طريقتنا في اتباع الكتاب والسنة، وأما أناس يكفروننا ويعتقدون أننا أنجس من اليهود والنصارى ثم بعد ذلك يقاتلون في صفنا، يقاتلون من؟ اليهود؟ هم مع اليهود أقرب منهم معنا فلا أظن أن هذه الكلمة صحيحة. ولابد أن يتبصر الناس إلى متى يبقى الناس غير مدركين بخطورة هؤلاء القوم. أنا لا أعني بخطورة القوم العوام، أنا الذي اعتقده أن عوام الشيعة فوجئوا كما فوجئ كثيرون من أهل السنة بما طرح أثناء المناظرة. فالذي أراه أنه تأخرت كثيرًا مثل هذه المناظرات، وكان الأولى أن تكون متقدمة قبل ذلك بكثير.
السؤال الخامس: هناك كثير من يشكك في قناة المستقلة بأن لها أهداف وغايات من وراء هذه المناظرات وأنها تبحث على الشر، فما هو ردك يا شيخ على هذا القول؟
إجابة السؤال الخامس: أنا لا أعرف شيئًا كثيرًا عن قناة المستقلة قبل أن أذهب إليها، وعرفت شيئًا قليلاً بعد أن ذهبت هناك، أما صاحبها فهو الدكتور محمد الهاشمي فالله أعلم بسريرته ولا أمرنا الله أن نبحث في سرائر الناس، ولكن ظاهر الرجل انه فيه خير كثير إن شاء الله تعالى، وإنه يريد الخير وليس صحيح أنها صهيونية أو مستأجرة أو غير ذلك بل الذي أظنه أنه يريد الانتشار، ويريد أن يعرفه الناس وأن يشترك الناس في هذه القناة، أما إنه عميل أو غير ذلك فهذا بعيد جدًا. والدكتور أبو المنتصر يعرفه أكثر مني ويثني عليه خيرًا ويذكر الرجل بصلاح والله أعلم بحاله. وأما بالنسبة لهذه المناظرة فالذي أعلم أنه لم يكن محضرًا لها حتى يقال إنه مدسوس أو غير ذلك إنما هي جاءت فلتة وجاءت بصورة مفاجأة وغير مقررة كما علمت أيضًا هناك.
السؤال السادس: هل قمتم بمشاورة علماء الأمة قبل أن تقوموا بمثل هذه المناظرة، مع التفصيل؟
إجابة السؤال السادس: أما العلماء فالصحيح لا، وكان الأجدر لاشك تتم مشاورتهم، وكما قلت: الأمر كان فلتة وكان أمر مفاجأً، وذلك أنه كنت أرى كما يرى غيري من الناس تلك المناظرة عن بعض الشباب وأيضًا أظن أنه ما كانت المناظرة محضرًا لها وقد أخبرني أخي أبو المنتصر أنه كان في حوار مع الدكتور الهاشمي عن مسألة تخص العراق وإيران وحال أهل السنة وما شابه ذلك، فتكلم أبو المنتصر ولم يصبر حيث أنه دخل في موضوع الشيعة والسنة، فاقترح الدكتور الهاشمي أحد من الشيعة حتى يدافع عن ما قاله أبو المنتصر وأن يرد بعض قوله عليه، فأرسل الشيعة أحدهم، وجلس معهم فترة ثم ذهب وجاء آخر ثم ذهب وجاء ثالث ثم جاء رابع مع الثالث فصار اثنين مقابل واحد، وهما العجلي مع التيجاني، وكان أبو المنتصر وحده، فتشاورنا مع بعض إخواننا هنا في الكويت في كيفية أن ننصر أخانا أبا المنتصر وذلك انه واحد في مقابل اثنين فاقترح بعضهم أن أذهب لمساندته، وقد كلمنا بعض المشايخ الذين أشاروا علينا بالذهاب مثل الشيخ صالح الدرويش، والشيخ ناصر الغفاري، وذهبنا إلى هناك وبعد المشاركة الأولى والثانية اتصل بي بعض المشايخ كالشيخ عبدالله الجعيثم أبي علي حفظه الله تبارك وتعالى وأثنى على التواجد، ونصح وذكّر جزاه الله خيراً، وذكر لي أن عنده من المشايخ من يؤيد ويناصر كالشيخ سلمان العودة وغيره، وكذلك اتصل الشيخ سلمان العلوان عن طريق بعض الشباب وأيضًا قال أنه يدعو لنا بالتثبيت، والشيخ ناصر الحميد ونقلوا لنا عن كثير من المشايخ الذين لم تذكر أسماءهم أنهم متابعون تلك المناظرات، وأنهم يؤيدون الاستمرار وطريقة الطرح وغير ذلك. لاشك في البداية لم تكن باستشارة العلماء الكبار أما طلبة العلم نعم تمت استشارة بعضهم، وأشار بعضهم بالذهاب والحمد لله على كل حال.
السؤال السابع: متى علمتم بالمناظرة؟ ومتى شاركتم فيها؟ وما الدافع من وراء ذلك؟ وماذا كنتم تتوقعون من وراء المشاركة في هذه المناظرة؟ وهل تحقق ذلك؟
إجابة السؤال السابع: علمت بالمناظرة بعد جلستين، فنظرت إليها عند أحد الأصدقاء، فصرنا نتابعها عن طريق التلفزيون.
أما المشاركة فلا أدري كم حلقة مرت عليّ لكن أظن أنني شاركت في الجلسة الخامسة، وذلك كما قلت أن الشيعة جاءوا باثنين مقابل واحد وهو أبو المنتصر حفظه الله تعالى فقررت أن أذهب ثم سمعت أن الشيخ عبد الرحمن الدمشقية أبا عبيدة سيشارك وأنه عازم على الذهاب، فتمنعت طالما سيذهب الشيخ عبد الرحمن فإنه يكفي إن شاء الله تعالى، ثم كلمني الشيخ عبد الرحمن الدمشقية وقال لي: إنه له ظروف تمنعه من الذهاب وقد لا يستطيع أن يذهب، عندها عزمت على الذهاب، ولكن فوجئت أن الشيخ الدمشقية وصل قبلي أيضاً إلى لندن وذلك لأن تهيأت ظروفه واستطاع أن يصل إلى هناك.
أما الدافع فالحقيقة أسأل الله تعالى هو نصرة دين الله تعالى مقابل الباطل الذي كان يبثه أولئك القوم.
أما المتوقع من وراء المشاركة بالمناظرة والله كنا نتوقع خيرًا، وذلك لأننا كنا نعلم علم اليقين أننا على حق، وكنا نتوقع أن يظهر الله سبحانه وتعالى الحق وأن ينصر دينه.
وأما هل تحقق؟ فهذا حكمه عندكم، أنتم تحكمون هل تحقق ذلك أم لا؟ أنا إلى الآن لم أشاهد المناظرة حتى أقيمها، ولاشك أنكم تقيمون أفضل منا، حيث إنكم تتابعون عن بعد وتدركون كل شيء، أما نحن فانشغالنا أثناء المناظرة يمنعنا من تقييمها، قد أستطيع تقيم ذلك بعد مدة عندما أسمع المناظرة وأراها، وعندما أيضاً أسمع آراء الناس وردود فعلهم، فإجابتي الآن ستكون غير دقيقة لذلك أؤجل الإجابة على هذا السؤال.
السؤال الثامن: هل تصفوا لنا مشاعركم قبل وأثناء وبعد المناظرة؟ هل تستطيع أن تبين لنا بعض ما كان يجري في الاستراحات من وراء الكواليس؟
إجابة السؤال الثامن: أما المشاعر فأول مشاركة لي في التلفزيون أو الثانية، فكنت لا أعرف كيف أنظر إلى أو متى أنظر إلى الكاميرا أو إلى هؤلاء، كما كنت لا أستطيع أن أدقق في الكاميرا وذلك لكون الأمر جديد بالنسبة لي هو الخروج في التلفزيون والمناظرات وما شابه ذلك، لكن الحمد لله ما شعرت بخوف ولا الارتباك أبداً بل الحمد لله كنت مطمئن النفس، فكنت لا أدخل المناظرة حتى أصلي ركعتين لله تبارك وتعالى، وكنت أسأل الله تبارك وتعالى في قبل المناظرة وأثناءها أن يسدد لساني وأن يثبت جناني وكنت أقول دائماً: اللهم اغفر لي ذنبي ويسر لي أمري واحلل عقد من لساني يفقه قولي، وكنت حريص جداً على هداية المناظريْن (أعني الشيعة) في بداية الأمر، حتى تبين لي بعد ذلك أنهما معاندان عند ذلك صرفت النظر عن ذلك فلم أيأس فالأمر بيد الله سبحانه وتعالى، وبدأت أخاطب عامة الناس، وإن نسيت شيئاً فلا أنسى أبداً كلمة لبعض أخواني اتصل بي من المملكة العربية السعودية بعد الجلسة الثالثة أو الرابعة وقال لي: أطلب منك طلباً واحداً قلت له: تفضل، قال: دعهما وانظر إلينا، فإن نظرك إلينا يؤثر فينا أكثر ونقبل منك أكثر ونفرح أكثر. لأن في بداية المناظرة كنت أنظر إلى المناظريْن وإلى الدكتور الهاشمي مع طرحي وردي في المناقشة، فتركت النظر إليهم وبدأت أنظر إلى الجمهور وإن كنت أتوقع أنه ينظر إلي في ذلك الوقت في وقت كنت لا أراهم، وعندما بدأت انظر للكاميرا فبالفعل شعرت بالاطمئنان أكثر، وغبت عن الحاضرين، وكأني في المحاضرة وحدي أحدث الناس وأبث لهم همّي وأذكر لهم نصحي وبعد أن كنت أخاطب صاحبي (أعني الشيعيين) وكنت أشعر بشيء من القسوة لأني كنت أشعر أثناء الحديث معهم أنهم يبتسمان ويستهزآن ويصدان في وجوههما يمنة ويسرى ويكشران أحياناً ويغضبان أحياناً، فما كنت أشعر بردة فعل طبيعية أثناء النظر إليهم حتى الدكتور الهاشمي عندما أنظر إليه أحياناً هو منشغل عني ينظر إلى الكاميرا ويكلم المصورين وينشغل بالأوراق التي عنده، فقلت: لماذا أضيع وقتي مع هؤلاء؟ فبدأت أنظر إلى الكاميرا، فعشت في واد آخر غير الوادي الذين يعيشون فيه، وشعرت بسعادة لأني شعرت أنني أؤدي رسالة ليس مجرد مناظرة، وأخاطب آخرين أظن أنهم يسمعون كلامي سماعاً جيداً
.
وأما الشعور في أثناء المناظرة حقيقة في كل يوم يزداد الشعور إلى الأحسن ولله الحمد والمنة، وذلك كنت في كل نهاية مناظرة أشعر بظهور الحق وقمع الباطل وأنه كلما ازدادوا كذباً كلما سقطوا من عيني أكثر، وكلمتهم مرة فقلت لهم: لماذا تكذبون مع أنكم تريدون الحق؟ فما ردوا علي شيئاً. وبعد المناظرات شعرت في يوم من أيام المناظرة إني كنت مقصراً ولكن هذا اليوم بالذات الذي شعرت فيه بالتقصير وعدم إيصال المعلومة إيصالاً صحيحاً فالعكس كان هو الصحيح أعني من ردود الأفعال، سواء بالبال توك أو الاتصالات التي جاءتني الكل يثني والكل يمدح حتى إنني شككت في نفسي لأني كنت متصوراً أننا كنا مقصرين في إظهار حجتنا والعكس كان عند الناس، وعكس ذلك في إحدى الجلسات أنا كنت فرحاً ومسروراً وكنت أرى أن الله تبارك وتعالى قمع الباطل وأظهر الحق بينما كان أخي أبو المنتصر حفظه الله تعالى يرى أننا قصرنا في تلك الليلة مع العلم أن الليلة التي شعرنا بها في التقصير ما بثثت له همي ولا قلت له ذلك وإنما جعلته بيني وبين نفسي.
فالقصد أن الشعور في أثناء المناظرة وفي ختامها كان شعوراً جيداً ولله الحمد والمنة.
أما ما كان يدور خلف الكواليس فهذا قلت لأصحابي قبل أن نبدأ في الحديث، أكثر سؤال سألته، وذلك لأن الناس حريصون جداً على معرفة ما وراء الكواليس، فليس وراء الكواليس شيء ذا أهمية وإنما هي أمور عادية جداً، ففي البداية كنت حريصاً على دعوة الدكتور عبد الحميد النجدي (أحد المناظرين الشيعة) خاصةً لما أنكر معرفته لكتاب فصل الخطاب وإنه ما رآه، فحرصت أن أعطيه الكتاب وقد أعطيته إياه حتى يقرأه وكنت أريد نصحه ودعوته للحق، وظننت أنه لا يعرف هذا الأمر وأنه غُبّيَ (بضم الغين) عليه وغير ذلك، ودعاني للفطور مرتين، فلم استجب لدعوتي وذلك لكثرة انشغالي كما كنت ضيفاً عند أخي أبي المنتصر، فما كنت أملك من نفسي شيئاً، لذا فاعتذرت منه، وفي المرة الثانية قلت له: إنني ضيف وإن شئت كلّم أبا المنتصر إن أذن لي فلا مانع عندي، وإذا لم يأذن فتعذرني إن شاء الله، لأني ضيف الضيف في حكم مضيفه، وعندما كلم أبا المنتصر رفض رفضاً قاطعاً وقال: لا أقبل أبداً أن أتضيف عندك وأنت تسب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتكفرهم وتكذب في مناظرتك، والله لا نقبل ضيافتك أبداً، وبعدها امتنع عن دعوتنا.
أحياناً كان يصير شجاراً يسيراً بين أبي المنتصر وهم، أما بالنسبة لي فلم أتشاجر مع أحد سواء أثناء المناظرة أو بعدها فلا شأن لي بهم أبداً، فكنت قبل المناظرة أجلس وأحضر أوراقي وأصلي لله تبارك وتعالى ما تيسر لي، وبعد المناظرة أرد أوراقي مكانها، وأجلس وحدي لا أكلم أحداً حتى ننصرف، لعل هذا السؤال لو وجه لأبي المنتصر لكان أنسب كثيراً لأنه فعلاً كان وراء الكواليس معهم أشياء كثيرة من مجادلات ومشاحنات ومصارحات وكذا. فبالنسبة لي ما كنت أحرص لأن أكلمهم إلا فيما هو خير، والحمد لله.
السؤال التاسع: كيف تقيمون تجربة المشاركة؟ وهل أنتم على استعداد للمناظرة مرة أخرى؟ وما هي الضوابط والضمانات التي ستطلبونها؟ وهل ستشاركون في يناير القادم في مناظرات المستقلة القادمة؟
إجابة السؤال التاسع: تقيم التجربة كما قلت قبل قليل: لست أنا الذي يقيم التجربة، وإن شاء الله ستكون لي زيارات لبعض المشايخ خاصة الذين كانوا على صلة دائمة للمناظرة وتابعوها أولاً بأول، فهؤلاء سأستشيرهم، وكذلك أخواني المقربين جداً والذين كانوا يتابعون هذا الأمر ويشاركونني النصح، سأستشيرهم أيضاً لمعرفة تقيمهم لتلك المناظرة، فبعضهم أخبر أنه لم يطلع على المناظرة كلها وذلك أن وقت المناظرة كان سيئاً، فكان وقتها وقت قيام الليل والناس فيها قد انصرفوا إلى قيام الليل، فلذلك بالنسبة لهذه المسألة بعد أن آخذ آراؤهم أستطيع بعد ذلك أن أقيم قضية المشاركة أو تلك التجربة.
بالنسبة للسؤال عن الاستعداد للمناظرة الأخرى، فأنا والحمد لله بعد كل مناظرة سواء نشرت هذه المناظرات في أشرطة وبعضها الآخر في طي الكتمان (أي لم يتم تسجيلها)، فلله الحمد والمنة أن أهل السنة أهل حق، ولذلك لا يمانعون من هذه المناظرات، وأنا على استعداد تام للمناظرات، ولا يوجد لدي أي مانع طالما أن هذا الأمر فيه مصلحة فالحمد لله لا يمنعنا شيء من ذلك.
أما الضوابط والضمانات التي سنطلبها للمناظرة:
- لاشك أن من أهم الضوابط والتي نلناها في تلك المناظرة وهي وجود حكم، لأن المناظرات السابقة عادة لا يوجد فيها حكم، فلذلك تكون الأمور فيها شيء من الفوضى، ولا أعني بالفوضى رفع الصوت، أعني لا يوجد هناك من يضبط الجلسة، فوجود الحكم هي من أهم الضوابط.
- أيضاً من الضوابط أن لا تكون هناك مقاطعات ولا مهاترات ولا سخرية ولا استهزاء ولا رفع صوت، وإنما يكون نقاش علمي، نخلص فيه إلى نتيجة معينة.
- ثم كذلك أن يلزم المناظر المقابل أن يجيب على الأسئلة التي تطرح عليه، وكل الذين ناظرتهم من الشيعة سألتهم أسئلة لم يجيبوا عليها، وإن كانت هذه الأسئلة قد لا تكون مكررة مع كل واحد تسأل الأسئلة نفسها، ولكن القصد كنت اسأل كل من أناظره بعض الأسئلة فلا يجيب عليها، وهذا لا يصلح لجو المناظرات.
- أن يكون المناظر ممثلاً لقومه، لا أن يأتي أشخاص نكرات ويناظرون، بل لابد أن يكون المناظر ممثلاً لأتباعه ويتكلم بلسانهم وأن يكون قوله حجة عليهم.
- أن تكون مسجلة بالفيديو أو بالصوت (مرئية أو مسموعة)، ليكون هناك توثيق.
- المواضيع تكون محددة، لا تكون فوضى بأن يدخل في موضوع وأن يخرج من موضوع، بل يحدد موضوع معين وتتم مناقشته.
- أشياء أخرى تأتي في بداية المناظرة وهي تحديد الضوابط والكتب والأصول التي يرجع إليها، وكتب الحجة على الطرفين وغير ذلك.
أما المشاركة في يناير القادم في المناظرات في المستقلة، فإذا كانت هناك مناظرات وصارت في المستقلة، كمبدأ المناظرة فليس لدي أي مانع، لكن مع من؟ وكيف؟ وما هي المواضيع؟ فهذه أمور أخرى تناقش في وقتها، لكن أصل المبدأ نحن لا نفر من المناظرة وعلى استعداد تام لأننا نرى إننا على حق.
السؤال العاشر: يرى بعض المتابعين أن محاور النقاش لم تكن منضبطة وأن كثيراً من المواضيع تم طرحها بصورة تجعلكم بموقف المدافع، هذا بالإضافة إلى أنه لم يتطرق لمواضيع أخرى ذات أهمية كبرى كتحريف القرآن، وزواج المتعة، والخمس، والمهدي المنتظر، فلماذا يا شيخ لم يتم التطرق إلى مثل هذه المواضيع؟
إجابة السؤال العاشر: أنا الذي أرى أن السائل ناقض نفسه، وذلك انه قال أنه لم يتطرق إلى أمور مهمة جداً وذكر تحريف القرآن والمهدي المنتظر لاشك من الأمور المهمة، ولكن زواج المتعة والخمس أقل أهمية بكثير من هذا الأمر، فنحن نريد أصول عقائد القوم، ونريد القضايا التي يكفر بها الإنسان ويدخل في الإسلام من خلالها، وإن كانت قضايا الخمس والمتعة مؤثرة على عوام الشيعة، لأنك إن خاطبت الإنسان في عرضه وماله لاشك أنه يؤثر فيه كثيرًا، ولكن على كل حال لاشك طرح الأهم ثم المهم من العقل ومن المنطق ومن العدل والدقة في المناقشة والفائدة المرجوة تكون كذلك إذا نوقشت هذه الأمور التي هي ذات أهمية أكثر من غيرها. لكن على كل حال أظن موضوع تحريف القرآن طرح، إن كان لم يطرح في وقتي ولكن طرح في وقت غيري واستطعنا أم نطرح شيئاً من ذلك.
القضية وما فيها أننا كنا ملزمين بطرح معد البرنامج الدكتور الهاشمي، فكان يضطرنا أحياناً لمناقشة بعض الأمور، وأنا أتوقع أحد السببين:
السبب الأول وهو الأظهر عندي لقناعته الخاصة أن هذا الموضوع أهم، أي موضوع الإمامة والخلافة، فلذلك كان حريصاً على طرحه وتكراره والتوسع فيه. بل إنه صرح لنا لا يريد مناقشة موضوع التوحيد لأنه يقول: إنكم ستصلون من خلال هذا الموضوع تكفير الشيعة ونحن لا نريد أن تكون القضية قضية تكفير فأبعدونا عنه.
السبب الثاني وهو وارد هو الضغوط على الدكتور الهاشمي أن يطرح موضوع الإمامة وموضوع الصحابة رضي الله عنهم لأن الشيعة كانوا مفلسين، وهم على كل حال مفلسون. فهم كانوا مفلسين في مناقشة ما سبق، لأننا كنا نحن نهاجمهم في عقيدتهم وفي دينهم وفي القرآن الكريم وفي دعوى الربوبية والألوهية وغير ذلك أو صفات الله سبحانه وتعالى للأئمة، فكانوا يرون أنهم ضائعون وأنهم لا يستطيعون مجاراتنا في ذلك، فلا يستطيعون أن يتكلموا عن أهل السنة إلا فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم. فلعل كانت هناك ضغوط منهم على الدكتور الهاشمي بحيث أنه لابد من أن تطرح هذا الموضوع أو لا نشارك، فالله أعلم فأنا لا أدري ما يدور بينهما، ولكنني لا أستبعد هذا أبداً، فوجدوا متنفساً عندما طرح موضوع الإمامة، لأنهم يستدلون على الأقل يتكلمون يطرحون على أهل السنة شبهات، وكذا الأمر بالنسبة لهم عندما يتكلمون عن عدالة الصحابة. بل إن عدالة الصحابة أقحموه إقحاماً، ما كان مطروحاً أصلاً، وكما قلت هو المتنفس الوحيد لهم في نقاشهم مع أهل السنة قضية عدالة الصحابة. فعلى كل حال قضية تحديد المواضيع ما كانت باستطاعتنا، وإنما كان بضغط من الدكتور الهاشمي وكذلك ما كنا نستطيع أن نمتنع عندما يطرحها على الهواء مباشرة بالرفض من مناقشة المواضيع فكأننا نبين للغير أننا ضعفاء، ومع هذا طرحت هذه المواضيع ودافعنا عنها بما نستطيع، ولعل الله تبارك وتعالى يكون قد يسر وأظهر ذلك جيداً.
السؤال الحادي عشر: ما مدى صحة تسنن بعض العادات الشيعية من خلال المناظرات أو من بعد المناظرات كأفراد وجماعات؟
إجابة السؤال الحادي عشر: الله أعلم، إنها كلها عبارة عن اتصالات وغيرها. نعم أخبرنا البعض أن هناك العائلات في الإحساء في منطقة الجرن إنهم دخلوا في التسنن ومن ثقاة. كذلك من الأهواز اتصلوا بنا وذكروا أن هناك من دخلوا بالتسنن ولله الحمد والمنة. لكن لم يقولوا جميعاً أن تسننهم هذا من أجل المناظرات، ولكن قد تكون أشياء أخرى ترسبات قديمة ولعل هذه المناظرات القشة التي قصمت ظهر البعير. وأنا أتصور التسنن من قبل المناظرة يحتاج الأمر إلى مدة حتى تظهر نتائجه، فقد يراجع الإنسان نفسه، وقد يسمع المناظرة مرة ومرتين وأكثر، ممكن بعد سنة وسنتين، وممكن في ناس مباشرة الآن بشكل أتوقع الثمرات لا نستعجل عليها.
سأذكر قصة سمعتها من بعض المشايخ وقد أعجبتني وآنستني ذكروا أن أحد الشباب السنة دعا شيعياً لمحاضرة للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى للمدرسين، وكان الحضور قريباً من ثلاثمائة، فحضر الشيعي بعد امتناع، كان من ضمن الأسئلة التي وجهت للشيخ بن باز: كيف نعامل الطلبة الشيعة؟ هل يجوز لنا أن نخصم عليهم بعض الدرجات؟ أو نساعد السنة بالدرجات حتى لا يحصل الشيعي على درجات أعلى من السني ويتفوق عليه؟ وهذا من باب أن هذا الشيعي سيمسك منصباً في المستقبل وسيضر السنة. فكان الجواب على الشيعي كالصاعقة، وذلك أن الشيخ عبد العزيز بن باز قال: لا يجوز، وذكر قول الله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ} [المائدة:8]، فأعطي كل ذي حق حقه. يقول الشيعي: نزل علي الجواب كالصاعقة، ولكن مع هذا يقول الشيعي: لعله -أي الشيخ بن باز- قاله تقية. ثم راجعت نفسي فقلت: تقية لمن؟ الحضور ثلاثمائة سني تقريباً وعدد الشيعة لا يتجاوز عشرة، فهل يتقينا ويضيع الثلاثمائة؟ فاستبعدت ذلك. وشد انتباهي بالمحاضرة موضوع استدلال الشيخ بن باز بالآيات، وسرده لها سرداً سريعاً، وتنزيلها على الأمور التي يريد ذكرها. فهذا الرجل صار سنياً ولكن بعد سنتين من هذه الحادثة، ظلت تختمر في نفسه حتى نضجت بعد سنتين.
فلذلك نقول لا نستعجل النتائج، وخاصة أننا في المناظرة دعونا الشيعة أن يقرءوا الكافي مثلاً، وأن يقرءوا كتبهم وأن يرجعوا إلى أنفسهم وأن يعرفوا من أين يأخذوا دينهم، فهذا سيأخذ وقتاً منهم، ولعلهم بعد هذا الوقت أن يتفقوا على رأي، وأن يجزموا على قضية، ولعل الله تبارك وتعالى أن يهديهم. فالنتائج المباشرة هذه فهي غير متوقعة كما هي غير جيدة، قد تكون انفعالية، والأشياء الانفعالية قد لا تدوم طويلاً، وقد يرجعوا كما كانوا بل أشد. ولكن الذي يأخذ الأمور على روية خاصة المثقفين منهم والعقلاء، ودرسوها دراسة مستفيضة وجيدة، فلعلهم بعد ذلك أن يتخذوا الرأي الصائب ولن يغيروا رأيهم، والله أعلم.
السؤال الثاني عشر: اختلف المشاهدون والمتابعون للمناظرة في مشاركة الدكتور أبو المنتصر البلوشي، فهناك من رآه قوياً وصلباً ومناظراً صعباً، وآخرون رأوه سريع الانفعال والغضب وتغلب عليه اللكنة، فمن هو الدكتور أبو المنتصر البلوشي؟ وما هو تقييم فضيلتكم لأدائه ودوره في المناظرة؟
إجابة السؤال الثاني عشر: د. أبو المنتصر البلوشي حفظه الله هو من رؤوس أهل السنة في إيران في بلوشستان بالذات، وهو رجل فاضل نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله جل وعلا، وكنت أشعر بصدق ذلك الرجل وإخلاصه وحبه للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كان سريع الدمعة، مع هذا هو في طبعه حاد الطبع، وهذه خِلْقَة، لا يملك الإنسان أن يغيرها، وكان أبو بكر رضي الله عنه فيه حدة، بل هي تأتي رغماً عنهم، وأما كونه سريع الغضب قلت: هذا طبعه، وهم كانوا يثيرونه في ذلك ويقاطعونه أثناء حديثه، وكان يرى الرد الشديد عليهم هو الذي ينفع معهم، كما كان يزيد في انفعاله للرد عليهم لإغضابهم، لأنه يرى أنهم يستحقون مثل هذه الأمور، لكن على كل حال انفعاله كان بسبب مقاطعتهم له، ولذلك أنا كلمت الدكتور الهاشمي في هذا الموضوع، وقلت له صراحة: دكتور أنت سبب ما يحدث من ضوضاء وخصام وصراخ، فتفاجأ وقال: أنا؟ قلت: نعم. قال: كيف؟ قلت: إنك لا تضبط الجلسة. لأن كانت لديه وجهة نظر أنه لا مانع من أن يصرخ هذا، وهذا يصيح لأنه يرى أن هذا شيء صحي. وكنت أخالفه في ذلك، وقلت له: أن هذا ليس صحياً، بل الصحي أن يتكلم هذا ويسكت الآخر، وأن يستمع الجميع للجميع.
ووجهة نظره أن الناس يملون من أن يستمعوا للشخص الواحد لمدة عشرة دقائق تقريباً فضلاً عن ثلث ساعة أو ربع ساعة، فلابد للمقاطعات حتى يكون للبرنامج حياة والناس تنتبه لمثل ذلك الكلام. فطلبت منه أن يجرب، وأن يمنعهم من المقاطعة وانظر لأبي المنتصر كيف يكون، وأنا أضمنه لك.
فكانت إحدى الجلسات منعهم من المقاطعة فما تكلم أبو المنتصر بكلمة واحدة، بل كان هادئاً طوال الجلسة.
أما أنه كان صلباً جيداً فلا شك في ذلك، وكان لا يجاملهم وكان واضحاً سيفاً في وجوههم. أما حدة الطبع فحاولت أن أهدئه فأحياناً أستطيع وأحياناً استسلم، وبعد المناظرة أكلمه وأقول له: كنت منفعلاً. وأحياناً يقول لي: صدقت وأحياناً يقول لي إنهم يستحقون ذلك.
أما تقييمي لأدائه فأنا لم أقيّم نفسي حتى أقّيمه، كما قلت سابقاً أنا لم أشاهد المناظرة إلى الآن حتى أقيّم، فلعلي لو نظرت إليها من جديد لاستطعت أن أقيم، كما إنه ليس من المرة الأولى ولا الثانية. وعلى كل حال أنتم تقيمونني وتقيمون أخي أبي المنتصر كما تقيمون الشيعة المناظريْن، ود. الهاشمي، وأنتم أهلٌ لذلك إن شاء الله.
أما اللكنة فهذا أعجمي، وجزاه الله خيراً أن يستطيع أن يتكلم بهذه الطريقة، وأبشركم أن ابنه لغته العربية فصحى، وذلك على أخواله من سوريا.
السؤال الثالث عشر: ما هي القصة الحقيقية من تواجد أفراد من السفارة الإيرانية في الاستديو؟ وهل فعلاً تعرضتم للتهديد بالقتل أو ما شابه ذلك؟ وهل هناك مضايقات من قبل السلطات المحلية في الكويت للحد من نشاطكم في معارضة الشيعة أو المبتدعة بشكل عام؟
إجابة السؤال الثالث عشر: أما التعرض للتهديد بالقتل أو غير ذلك أبداً لم يحدث شيئاً من ذلك لا هناك ولا هنا ولله الحمد والمنة، فكنت أعيش حياتي طبيعياً فكنت أخرج وأمشي، كما كنت أحافظ على أذكار الصباح والمساء هناك كما كنت أحافظ عليها هنا، والله خير حافظاً سبحانه وتعالى.
أما المضايقات من قبل السلطات المحلية في الكويت للحد من النشاط أو غير ذلك، لا أبداً، لا هنا ولا هناك ولا في أي مكان، ولله الحمد والمنة، لأنني لا أسب ولا أشتم الشيعة بالعكس فأنا نصوح، والله ما أريد لهم إلا الخير، ولذلك تحديتهم أمام الناس جميعاً أن يثبتوا عليّ نصباً لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم كما يكذبون ويدعون ذلك عليّ، وأنا أعلن من هنا وفي كل مكان أنني لا أنصب العداء لآل البيت بل والله إني أتقرب إلى الله تبارك وتعالى بحبهم.
أما القصة الحقيقية من تواجد أفراد من السفارة الإيرانية في الاستديو، والله ما أعلم شيئاً عن ذلك، الذي أعلمه عن هذه المسألة ما يأتي: كنا جالسين في الجلسة قبل الأخيرة، فأوقفوا البث ثم جاءنا المخرج غير د. الهاشمي وقال: دخل عليّ خمسة أشخاص في الاستديو، ولا يريدون الخروج، ويريدون البقاء في مكان الاستديو، وهو يستقبل الاتصالات والتلفونات من الناس فشغلوني ما أستطيع أن أتكلم كلمة، ولا أستطيع أن أؤدي عملي جيداً، فقال له د. الهاشمي: أخرجهم. فقال: لقد طلبت منهم الخروج فامتنعوا. فخرج د. الهاشمي لهم وكلمهم وطلب منهم الخروج من الاستديو فخرجوا وجلسوا في الصالة، فطلب منهم أن يجلسوا خارج المبنى، فخرجوا وجلسوا خارج المبنى ولم ينصرفوا إلى بيوتهم، حتى أن د. الهاشمي كاد أن يقطع البرنامج وذلك لشعوره بأن هناك شيئاً غير طبيعي، ثم طلب منهم أن ينصرفوا من عند الباب فامتنعوا، فقال د. الهاشمي: إنه لن يبدأ حتى ينصرفوا، فطلب من التيجاني والنجدي أن يصرفاهم، فخرج أحدهم وصرفهم لقد نسيت من هو هل التيجاني أو النجدي فانصرفوا.
ثم في نهاية الجلسة الأخيرة عندما انتهينا وأردت أن أنصرف فأنا لم أرى هؤلاء الخمسة أبداً ولكن أسمع الكلام الذي يدور، وجاء الأخوان من الاستديو أن ثمانية أشخاص جاءوا لأخذ التيجاني والنجدي فقال د. الهاشمي: أن أحد هؤلاء الأشخاص من السفارة الإيرانية يعرفه، فأنا لم أرى الخمسة ولا الثمانية، فكل هذا سماع ولا أستطيع أجزم بشيء.
السؤال الرابع عشر: حديث الساعة هو موضوع المباهلة، فما المقصود في المباهلة؟ وهل لها أصول؟ ولماذا رفضتم كما يزعم البعض من مباهلة د. النجدي؟ وما حدث في الاستديو عندما وقف النجدي ينادي في المباهلة ثم انقطع المشهد علينا وعلى المشاهدين؟ لماذا لم تكونوا حازمين وأقوياء لدى تحدي أهل الباطل لكم في المباهلة؟ لماذا ظهر عليكم كما يبدو التردد في المباهلة؟
إجابة السؤال الرابع عشر: المباهلة هي الملاعنة وهي في قول الله تبارك وتعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّـهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران:61]، ولذلك يقوم المتباهلان أو المتلاعنان كل واحد منهما يلعن صاحبه إن كان مبطلاً ويلعن نفسه إن كان مبطلاً، والثاني يفعل كذلك.
أما أصولها: في فعل النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يباهل أهل نجران، لكنهم امتنعوا لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم بعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم وأراد أن يباهل بهم، وعندها امتنع النصارى من مباهلته صلوات الله وسلامه عليه.
أما بالنسبة لموقفنا من المباهلة: فالذي أظنه أن الموقف كان واضحاً، أنا سأذكر قصة المباهلة كاملة: أولا لابد أن نعلم أن موضوع المباهلة لا يمكن أبداً ولا يجوز أن يُجعَلَ هو الفيصل في ظهور الحق أو ظهور الباطل، نعلم جميعاً أن طرح الأمور وإثراءها هو الأصل في هذه المسألة، والمباهلة لا ينبغي أن تعطى هذا الحجم بل هي (1%) أو (5%) على أكثر تقدير في هذا، وعلى كل حال الذي حصل عن د. التيجاني دعا إلى المباهلة لما ذكرت آية المباهلة وحديث المباهلة فقال: نباهلكم، فنحن لم نكن حريصين على المباهلة ولا دعينا إليها، بل ولا ممتنعين عنها، فقلت له: لا مانع. فقال الأخ أبو عبيدة عبد الرحمن الدمشقية: لا مانع، كما قال النجدي: لا مانع. فموضوع المباهلة كان بيننا نحن الأربعة -أنا وأبو عبيدة من جهة والتيجاني والنجدي من جهة أخرى-. فوافقنا فنحن ولله الحمد لا نخاف شيئاً نمتنع من المباهلة بل نرى إننا على حق، وإن كان موضوع المباهلة ليس بهذه الصورة، وذلك أن الإنسان قد يبيع نفسه وقد لا يخاف عليها كثيراً ولكن يخاف على أولاده ونسائه، وذلك الأصل في المباهلة كما قال تعالى: {نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ} [آل عمران:61]، فالأصل أن يأتي بأهله، ولكن لا مجال طبعاً بالإتيان بالأهل هناك في لندن، فالوحيد الذي يستطيع أن يأتي بأهله هو النجدي لأنه من سكان لندن. فنحن وافقنا على المباهلة ابتداءً ولم نمتنع منها، ولكنا بينا لهم أن المباهلة مفاصلة وأن تكون حاسمة، وأظن أن الكلام كان واضحاً وهو أنه إذا أردتم المباهلة فالآن أو إن شئتم في نهاية الجلسة، أو إن شئتم في نهاية المناظرة ككل نحن مستعدون. ولكن ليعلم الجميع أن المباهلة مفاصلة، لأننا لا يمكن بعد أن ألعنك وتلعني ثم نجلس بعد ذلك نتناقش. أبو المنتصر كان ممتنعاً لأنه لم يكن طرفاً في المباهلة وكان يمتنع عن المباهلة لوجهة نظرٍ عنده واحترمها جداً، وذلك أنه كان يقول لنا: التيجاني يقول عن نفسه كلب أهل البيت، وهذا النجدي يُسيّر من الخارج -أي لا يتكلم بكلمة من عند نفسه- فقد ركّب جهاز على أذنه في آخر ثلاث حلقات، الجهاز ركبه حلقتين وفي الحلقة الثالثة يقرأ من أوراق قد كتبت له. فيقول أبو المنتصر: هؤلاء نكرات حتى أنهم لا يستطيعون أن يمثلوا أنفسهم، تُلقى الأوامر عليهم، فكيف نباهل هؤلاء؟ والأصل في المباهلة أن تكون مع علية القوم، لا مع هؤلاء النكرات. فهذه وجهة نظر عنده، فنحن ما كنا أبداً نستطيع أن نمتنع أمام الملأ أن يعلن أولئك القوم طلب المباهلة ونقول نحن: لا نباهل، بل والله مستعدون للمباهلة. فمن ماذا نخاف؟ فنحن والله على حق.
وأما الذي حصل من عموم الشيعة أعني الذين كانوا يتصلون دائماً إن لاحظتم أن الشيعة هم يصرون على المباهلة دون السنة لأنهم كانوا يريدون أن ينقطع الحديث، وذلك لأن في كل ليلة يظهر أهل السنة أقوياء وأن أولئك ضعفاء، فلما علم الشيعة أن المباهلة مفاصلة فكانوا حريصين عليها حتى ينتهي اللقاء، وكان د. الهاشمي أن لا تكون المباهلة إلا في نهاية اللقاء، حتى يستمر الحوار وخصوصاً أنه وعد المشاهدين أن هذا اللقاء سيستمر إلى نهاية الشهر. وذلك أنهم اعتمدوا على التمثيل، كل حلقة يقولوا أنهم يريدون المباهلة، وإنها مجرد جعجعة، إثارة، تمثيل، كما مثّل التيجاني بمحاولته للبكاء والضحك. وكنت أنظر إليهم نظرة ازدراء، واحتقرهم. فالإنسان إذا شعرت أنه صادق في تعامله وتصرفاته وخلقه احترمه، والعكس إذا وجدت الذي أمامي يكذب ويدجل فلا أحترمه أبداً.
فالشاهد من هذا أنه في آخر يوم لما طرحت المباهلة من جديد، وتكلم أبو المنتصر بكلامه المعهود لأنه ما كان طرفاً بالموضوع، فلما وجّه إليّ السؤال الدكتور الهاشمي قال: ما رأيك؟ قلت: أباهل، فما عندي أي مانع أبداً. لكني لا أمثل كما يمثلون، ولا تعودت أن أمثل لا في أول الجلسات ولا في آخرها، ولن أمثلها إن شاء الله تعالى. فلا توجد لدينا أي مشكلة سواء في مباهلة أم لا، ولذلك الذي وقع حتى تعرفوا الحقيقة أنه إنني لم أكن أعلم أنه انقطع الاتصال معكم ولكن أخبرت بعد أنه قطع الاتصال لما وقف د. النجدي وأراد أن ينتزع قميصه وهنا قالوا انقطع الاتصال. الذي حصل أن د. الهاشمي ختم اللقاء بطلب كلمة من كل واحد منا يوجهها للناس، ثم بعد ذلك ختم كان يريد أن يستمر في الحوار ولا يريد أن ينقطع ولا يريد أن يكون العيد بدايته مباهلة وغير ذلك، وإنه كان ممتنعاً للمباهلة وكان معارضاً لها جداً، فإنه عندما ختم خرج فلما خرج قام النجدي وأراد أن ينزع كما رأيتم قميصه وهنا انقطع الاتصال بكم، الذي حدث بعد ذلك إني كلمته فسألته: ما به؟ ولماذا تريد أن تتعرى أمامنا؟ قال: نريد أن نباهل. فقلت: لا توجد مشكلة تستطيع أن تباهل وعليك ملابسك. اجلس. فقال: نريد أن نباهل. قلت: اجلس، فلماذا هذا التمثيل؟ تستطيع أن تباهل وأنت جالس. فكنت أظن أن التسجيل مازال مستمراً، فجلس. ثم بعد ذلك أخبرنا أن التسجيل قد انقطع، فقال النجدي: المباهلة؟ فقلت: انتهى التسجيل، فلا تنفع تمثيليتك الآن. فقال: المباهلة؟ فقلت: فلا يوجد لدي مانع تريد المباهلة فأنا مستعد بيننا وبينك من غير تسجيل. قال: أنا أريد أن ادعوا. فقلنا: ادع، فقلت له: أنت تدعوا ونحن نؤمّن على دعائك، ما رأيك؟ فدعا اللهم اظهر الحق وما شابه ذلك فانصرف راشداً أو غير راشد. فقط هذا الذي حدث كلها تمثيلية، ليضحكوا على الناس بأنهم دعاة للمباهلة وأنهم أصحاب حق، ولو كانوا أصحاب حق ما كانوا يكذبون.
أما ما كنا حازمين، لا، بل كنا حازمين لله الحمد والمنة، ولكننا ما كنا نصرخ، وما كنا ممثلين، بل كتبت المباهلة وقرأها النجدي، وقرأها د. الهاشمي ومازالت عندي النسخة. ولكن كما قلت: ما عرفت التمثيل في حياتي فلذلك لم أقم كما قاموا وما صرخت كما صرخوا وما هي لي بعادة ولله الحمد والمنة، ولم يظهر علينا أي تردد، ولكني كنت صامتاً كعادتي عندما يصيحون من بداية المناظرة، وعندما يكون ضوضاء ولجّة فأسكت والتزم الصمت، فما أظنكم عهدتم عليّ صراخاً، حتى يقال هنا غني سكت خوفاً من المباهلة، فلا يوجد شيء نخاف منه ولله الحمد والمنة.
السؤال الخامس عشر: حرص الرافضيان على تعمّد إثارة عديد من الشبهات لغواية الناس ومنها انطلت على كثير من العوام قضية يزيد بن معاوية. فنريد أن نعرف ما هو موقف أهل السنة والجماعة من يزيد بن معاوية؟
إجابة السؤال الخامس عشر: يزيد بن معاوية ملك من ملوك المسلمين، وهو ليس بكافر، ورأيي في يزيد هو رأي الإمام الذهبي رحمه الله تعالى قال: لا نسبه ولا نحبه. والذي وقع أنه يعترض على كتابي بأنني قلت: أمير المؤمنين يزيد بن معاوية. فاعتراضهم كيف إني قلت عنه أمير المؤمنين، فهو أمير المؤمنين شاءا أم أبيا، فهو أمير المؤمنين رغماً عني وعنهما.
وأمير المؤمنين فهو منصب وليست مدحاً. فنحن نرى أن المأمون قتل علماء المسلمين ومع هذا نقول أمير المؤمنين. فكما الآن عندما نقول الملك فلان والرئيس فلان والأمير فلان والسلطان فلان ولا يعني بالضرورة أن يكون صالحاً، قد يكون أمير للمؤمنين ظالماً فما المانع من هذا؟ فنحن لا نمدحه ولكن كذلك لا نسبه، ولا نعتقد أن سبه قربى نتقرب بها إلى الله تعالى بل نرى الإمساك عنه، وهو رجل له حسنات وله سيئات، وقد عاب عليه أهل السنة أمرين:
الأول: ما وقع من مقتل الإمام الحسين بن علي الشهيد رضي الله عنه وأرضاه وعن أبيه، وأنه لم يحرك ساكناً ولم يكن له دور في مقتل الحسين كما نعتقد ولكن الدور لعبيد الله بن زياد أمير الكوفة. ولكن نَقِم أهل السنة على يزيد أنه لم يعاقب عبيد الله على قتله الحسين رضي الله عنه وأرضاه.
الثاني: ما وقع في الحرة لما أوقع القتل في أهل الحرة وكان رد فعل كل ملوك الدنيا الآن يفعلونه بالنسبة للمنقلبين عليهم والخارجين على قانونهم، وهو إذا خرج عليهم أحد قتلوه وأهل الحرة خرجوا على يزيد فقتلهم من أجل هذا. وينكر عليه أهل السنة أن رد الفعل كان أقوى من الفعل بكثير.
فنحن كما قلت لا نحبه ولا نسبه ولا نتقرب لله بسبه، ولكنه مات وحسابه عند الله تعالى، ونعتقد ما نسب إليه من الفسق والفجور فعلمه عند ربي سبحانه وتعالى، فقد يكون وقع وقد لا يكون ذلك الله أعلم بحاله. وهو ليس بصحابي، وإنما هو من التابعين.
السؤال السادس عشر: أعجب الكثيرون بردكم المتزن على الرافضي الذي كانت له مداخلة هاتفية من قُم أثناء المناظرة، والذي استخدم ألفاظاً يترفع المرء عن ذكرها، خاصةً حين تحداكم أمام المشاهدين بأن تبولوا واقفين، ولكن هناك من التبس عليه الأمر يا شيخ خاصة من الناحية الشرعية في البول واقفاً وهل ثبت فعلاً أن النبي صلى الله عليه وسلم بال واقفاً؟
إجابة السؤال السادس عشر: أنا أقول هذه المسألة شنّع فيها الشيعة كثيراً كأن القول في البول واقفاً كأنه القول في تحريف القرآن، أي أنهم يشنعون على القول في البول واقفاً ولا يشنعون بالقول في تحريف القرآن، وهذا شيء عجب منهم. وذلك أنه ثبت في الكافي في الجزء السادس صفحة (500) أنه سئل جعفر الصادق عن البول واقفاً قال: لا بأس. فالمسألة أقل ما شنّع بها، كل ما في الأمر أنه ثبت عندنا في الأسانيد الصحيحة أي في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم بال قائماً. فأين المشكلة؟ وذلك نقل عن الإمام النووي الإجماع على جواز البول قائماً وأنه يستحب البول جالساً وإن البول قائماً يجوز. فكل ما في الأمر أن البول قائماً جائز و البول جالس أفضل. فهم شنعوا كثيراً في هذه المسألة في محل لا يستحق كل هذا.
وأما كلام الرافضي لي فاحتسبه عند الله سبحانه وتعالى، وأسأل الله جل وعلا أن يأخذ لي بحقي، وعلى كل حال هذا الذي قيل قليل بالنسبة لما قيل غير ذلك، يكفي أنه أغاظه ما وقع لصاحبيه من الضعف والكذب وغير ذلك فلعل هذا الذي أثاره وجعله يتكلم هذا الكلام. وكنت أظن كما ظن الكثيرون مثل هذا الظن أنه كانوا يحاولون إثارتي، حتى أخرج عن أسلوبي وطبعي في الكلام والطرح، حتى كنت أرى هذا من أثناء مقاطعتهم لي أثناء حديثي واتهامهم لي أحياناً بالكذب وأحياناً بالنصب وغير ذلك، ولكن ولله الحمد والمنة كنت ألتزم الهدوء، ولذلك لا أشتغل كثيراً بالرد على هذه الترهات، وكما قيل:
ما ضر نهر الفرات يوماً *** أن ألقى فيه غلام بحجر
وهذا شيء يسير يصاب به الإنسان في سبيل الله جل وعلا، ونسأل الله عز وجل أن لا يحرمنا الأجر.
السؤال السابع عشر: هناك الكثير يتساءل عن تعريف الناصبي، وهل يوجد في هذا الزمان من يتهم بالنصب؟
إجابة السؤال السابع عشر: الناصب عند أهل السنة والجماعة هو من ينصب العداوة لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النواصب فرقة من الفرق كما كانت الخوارج فرقة، والرافضة فرقة، والقدرية وغير ذلك من الفرق التي تنتسب إلى الإسلام. وأكثر ما كان وجود هذه الفرقة في بلدين الشام والبصرة، حيث أنهم كانوا فيهم بغض لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ولأولاده. وهؤلاء حكمهم عند أهل السنة كحكم الشيعة والخوارج أي أنهم من الفرق الضالة، فنحن نضللهم ونفسقهم ونرى أنهم من المبتدعة. كما هي عقيدتنا في الشيعة والخوارج فكذلك عقيدتنا في الناصبة، لأننا نرى حب آل البيت من الدين وأن الذي يحب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم يتقرب لله جل وعلا بهذا الحب. والله إننا لكذلك.
أما وجودهم فهو ليس كوجود الخوارج، وليس كوجود الشيعة وغيرهم وكثرتهم ووجود كتبهم، وشيوخهم، وذلك لأنهم قلة أو نادرون أو لا يوجدون أصلاً الآن، ولا أعلم أحد الآن يقول عن نفسه ناصبي بأن ينصب العداوة لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. فعلى كل حال، لا أعلم أن الناصبة موجودة الآن، لكن قد يكون في أفراد فهذا ممكن. أما اتهامنا -أي اتهام أهل السنة والجماعة- بأنهم نواصب فهذه كما يقول الكثيرون: شنشنة نعرفها من أخزم. كل من يدافع عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وكل من يدافع عن آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ويدفع عنه الغلو الذي يغلو به الشيعة وغيرهم، يتهم بالنصب. وهذا ليس ببعيد أبداً عن اتهام النصارى لنا بأننا لا نحب عيسى لأننا لا نؤلهه، وهذا كذب وزور بل نحن نحب عيسى ولا نؤلهه، بل والله لا أجد مثلاً لنا ولهم إلا كما قال الله تبارك وتعالى: {إِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [آل عمران:55]. يقول الحافظ بن كثير عن تفسير هذه الآية: فنحن أتباع عيسى، ونحن فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، وليس الذين غلوا فيه أتباعه والذين يدعون التبعية له وهو بريء منهم، وكذلك الأمر بالنسبة لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ليس الذين غلوا فيه هم أتباعهم بل الذين أنصفوهم وأعطوهم حقهم الذي لهم هم أتباعهم وهم أصحاب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. وقد جاء في الحديث وإن جاء فيه كلام لا يصح سنداً إن كان مشهوراً عند أهل العلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: « (وهم الناصبة) (وهم الشيعة)» . أولئك هلكوا في علي وأولئك هلكوا في علي، وأهل الوسط أهل السنة والجماعة أسعد الناس بعلي، وبالحسن، وبالحسين رضي الله عنهم، بل لو قرأ المرء قراءة متأنية لكتب أهل السنة لما وجد عالماً من علماء أهل البيت أو يطعن بهم، ولو قرأ كتب القوم (أعني الشيعة) لوجد الطعن في آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم كما طعنوا في عائشة، وحفصة وهما زوجتا النبي صلى الله عليه وسلم ومن أهل بيته، وطعنوا في العباس وابنه، وعبيد الله بن العباس، وطعنوا في أولاد الحسن بن علي، وطعنوا في محمد بن الحنفية، وطعنوا في إسماعيل بن جعفر الصادق الذي تنتسب إليه الإسماعيلية، وطعنوا في جعفر أخي الحسن العسكري عم المهدي المنتظر، وهؤلاء كلهم من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
فلو ذهبت إلى أي شيعي عنده شيء بسيط لا أقول من العلم ولكن من الاستحضار ما يذكر في الحسينيات أو غيرها وسألته سؤالاً واحداً: من هو جعفر الكذاب؟ لقال لك: عم مهدي المنتظر. أما الأئمة الاثني عشر عندهم فالطعن فيهم كثير في كتب الشيعة. فمن يحبهم آل الذين يمدحونهم ويذكرونهم بكل خير ويثنون عليهم ويتقربون إلى الله بحبهم ولا يغلون فيهم هم الذين يحبونهم؟ أم الذين يبالغون في حبهم زعموا ويطعنون فيهم في كتبهم وينسبون إليهم الزور والبهتان فمن أراد التوسع في ذلك يرجع إلى شريط "آل البيت" ليعرف من هم أتباع آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهذا موجود في صفحة المنهج فيجد الإنسان شريط آل البيت، ويعرف موقف أهل السنة منهم وموقف الشيعة منهم .
السؤال الثامن عشر: أثناء المناظرة الملاحظ إنه كنت تسأل العديد من الأسئلة ولم نسمع لها جواباً حتى بلغت سبعة وثلاثين نقطة عجز المناظران عن الإجابة عليها، فهل تستطيع يا شيخ تدوين هذه النقاط حتى نستفيد منها بارك الله فيك؟
إجابة السؤال الثامن عشر: أظن أن الأسئلة أكثر من سبع وثلاثين سؤال، ولكن هذه التي كنت أذكرها لأنني كنت أعتمد على الذاكرة فما كنت أسمع المناظرة مرة أخرى في البيت ولا كنت أراها، ولكن الأسئلة التي كنت أدونها أثناء المناظرة ولكن هناك أسئلة تأتي تبعاً -أي أثناء الكلام- ولذلك ذكرني البعض بأسئلة أخرى غير (37) سؤال، فلعل الأسئلة تجاوزت (45) سؤالاً التي لم يجيبوا عليها، وإن شاء الله إذا استمعت إلى المناظرة وشاهدتها لعل تخرج أسئلة أخرى فعلاً ما أجابوا عليها، وإن شاء الله ستدون وستكون في صفحة المنهج إن شاء الله تعالى.
السؤال التاسع عشر: ما هي علاقتكم بالشيخ ناصر الغفاري حفظه الله؟
إجابة السؤال التاسع عشر: الشيخ أبو بدر ناصر الغفاري علاقتي معه طيبة جداً ومن الناس الذين استفدت منهم كثيراً، خاصة من كتبه وخاصة كتابه (أصول مذهب الشيعة) استفدت منه كثيراً، وأنا على اتصال به بين فترة وأخرى، وإذا سافرت إلى القصيم أحرص على رؤيته خاصة عند شيخي أبي محمد ناصر الحميد، لكني ما درست على يديه، ولكن درست على كتبه، واستفدت منها كثيراً، وفي أثناء المناظرة كنت على اتصال معه بين فترة وأخرى كلمته تقريباً ثلاث أو أربع مرات أثناء المناظرة، واستفدت منه في بعض الأمور، ووجهني في بعض الأمور فشكر الله له ذلك.
السؤال العشرون: ما هي نصيحتكم فيمن أفنى عمره في دراسة المذاهب المبتدعة والمذاهب الضالة ثم تقوقع على نفسه بحجة أنه يخشى من تصدر المجالس، أو من الرياء، أو من السمعة أو خوفاً على نفسه من وقوع في الشبهات أثناء المناظرات؟
إجابة السؤال العشرون: أولاً: لا ينبغي للإنسان أن يفني عمره بهذه الأمور بل عليه أن يفني عمره بما يعود عليه بالخير، فيعرف أولاً عقيدته، وأن يعرف الفقه، وأن يعرف كيف يعبد ربه جل وعلا ثم تكون هذه من نافلة القول، ولذلك لأن هذه من الفروض الكفائية التي إذا قام بها البعض سقطت عنه، لكن فليبدأ بفرض الأعيان أول شيء ثم بعد ذلك ينتقل إلى الفرض الكفائي.
ثانياً: من حصّل هذا العلم لا يجوز له أبداً أن يكتمه، والنبي صلى الله عليه وسلم: « » (سنن الترمذي). فأمثال هؤلاء الذين حصلوا هذا العلم لا أقل من أن يكتب ويجعل أسماء مستعارة إن أرادوا، لكن أن يكتم هذا العلم ويضيع هذا الخير عن الآخرين حيث يستفيدون منه ويبلغوه فهذا خطأ عظيم، بل عليه أن ينشر ويعلم علم اليقين أن الأمة لو اجتمعت أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه، أن يثق بالله جل وعلا.
السؤال الحادي والعشرون: أثناء المناظرة يا شيخ مع الرافضة في قناة المستقلة ورد اسم د. عصام العماد سواء من قبلكم أو من قبل المناظرين أو حتى من قبل الرافضة حينما كانت لهم مداخلات هاتفية، فمن هو د. عصام العماد؟ وهل سبق لكم أن ناظرتموه؟ وما هي النتيجة التي خلصتم إليها في مناظراتكم معه؟ هل صحيح أنكم انسحبتم في نهاية المناظرة وأعلنتم الانسحاب؟
إجابة السؤال الحادي والعشرون: د. عصام العماد ناظرته في الإنترنت في البال توك، وجلسنا خمسة عشرة جلسة وكان رجل كثير الكذب، كثير التملص، كثير الدعاوى، ولذلك لم أستمر في مناظرته لأنني طلبت منه أن يجيب على الأسئلة التي تطرح ولا نسمع لها جواباً، بل كان يخرج عن الموضوع ويتكلم عن نابليون وعن غيره، فإنني شعرت أن هذا الرجل تافه وأنه يضيع الوقت ولا يجيد الحوار ولا يجيد الصدق، ولذلك قلت له: إما أن تجيب على الأسئلة التي تطرح وإما أن تنسحب من اللقاء. فقال: لن أنسحب ولن أجيب. فهذا لا يصلح أبداً ولا يمكن أن يستمر النقاش مع هؤلاء الذين لن يصل الإنسان إلى نتيجة معهم طالما أنهم يكذبون ويمتنعون. فالأصل في المناظرة أن لا يحيد المناظر عن سؤال صاحبه الذي يناظره بل عليه أن يجيب أو يقول: عجزت، أما أنه يتهرب من الإجابات وكان الرجل يكذب كذباً ذريعاً حتى إن من يرى المناظرة أو يسمعها يعلم علم اليقين أن ذلك الرجل لم يكن صادقاً في مناظرته، بل أحياناً يكذب بأشياء لا شأن لها بالشيعة والسنة، ككذبه لما قال: إنه خريج كلية الحديث جامعة الإمام الملك سعود. فقلت له: يا دكتور عصام لا أعلم في جامعة الملك سعود كلية للحديث، فكيف تخرجت أنت منها؟ فقال لي: لا شأن لك في حياتي الخاصة. فقلت له: أنت تكذب. فلا توجد هذه الكلية إلا أن تكون فتحت لك وحدك فهذا موضوع آخر. فقال: لا، أنا خريج جامعة محمد بن سعود. فقلت له: ألا تعلم من أي جامعة تخرجت؟ فالرجل كذاب، بل أنا ما خطر في بالي، وقد أنسيت أن حتى جامعة محمد بن سعود ليس فيها كلية الحديث. فهو رجل لا يستحي من كذبه فهذا الذي جعلني أتوقف عن مناظرته لأني شعرت أن هذا مضيعة للوقت، وهذا الرجل يريد فقط الاستمرار في الكلام والخروج عن الموضوع وعدم الالتزام بالرد على الأسئلة التي تطرح. فقلت له مراراً: اطرح لي أي سؤال لم أجب عليه، وأن مستعد أن أجيب عليه الآن، وأنت أجب على أسئلتي التي سألتك إياها، فهم أكثر من (30) سؤال، لم يجب على أي واحد منها، بل كان يمتنع عن الإجابة.
النتيجة أنني خرجت بنتيجة ألا وهي أن هذا الرجل كذاب، بل حتى كذب في قوله أنه كان وهابياً وأنه كان يصلي بهم القيام. والله لا يحسن قراءة القرآن، وأمسكت عليه آيات كثيرة، لا يحسن أن يقرأها أبداً، والأشرطة موجودة ولله الحمد والمنة حتى يعرف الإنسان من الذي هرب من المناظرة، يكفي أن أقوى دليل تمسك به وذكره مراراً وتكراراً {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [الأحزاب:33] والله ما كان يحسن قراءتها، فهذه الآية هي دليله، وعلى ما أذكر الآن كان يقرأها "إنما يريد اللهُ أن يذهبُ عنكم رجس أهل البيت"، فضلاً عن سائر كتاب الله جل وعلا، حتى إني تحديته وقلت له: أنت كذاب في دعواك أنك تحفظ القرآن أو أنك تصلي بالناس القيام، وأنا مشفق جداً على الذين يصلون خلفك.
السؤال الثاني والعشرون: ما هي أفضل صيغة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ وما مدى صحة الحديث: « »؟ ثم إن صح هذا الحديث ما هي دلالته؟
إجابة السؤال الثاني والعشرون: صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فثلاث:
الأولى: وهي الصيغة الكاملة التي سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وأيضاً من الصيغ الكاملة اللهم صلي على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
الثانية: كقولك صلى الله عليه وسلم ، واللهم صلي على نبينا محمد.
الثالثة: اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد.
فأي صيغة يختارها الإنسان فهي طيبة ولكن لاشك أن الأكمل هي الصيغة الأولى وهي الصلاة الإبراهيمية.
أما حديث: « »، فهو ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حققت ذلك في رسالتي في الماجستير وبينت ضعفه في جميع طرقه. والحديثان الثابتان في مسلم حديث جابر وحديث زيد بن الأرقم. فأما حديث زيد بن الأرقم فهو الذي فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ». وهو حديث الثقلين، أمر بالتمسك في كتاب الله ثم أمر برعاية حق بيت النبي صلى الله عليه وسلم. وأما حديث جابر في حجة الوداع وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم خاطب الناس وأمر بالتمسك في كتاب الله فقط. فليس هناك أمر بالتمسك بعترة النبي صلى الله عليه وسلم. وعلى فرض صحة هذا الحديث فإنه لا يدل على مراد الشيعة وذلك أن العترة نحن أتباعهم كما قلت قبل قليل، من أراد أن يعرف من هم عترة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أتباعه فليرجع إلى شريط آل البيت.
السؤال الثالث والعشرون: كيف التعامل مع الرافضة خاصة العوام منهم؟ فهل الأفضل هجرانهم، والتعريض عليهم وعدم ابتدائهم بالسلام؟ أم المناسب مخالطتهم والتودد لهم من أجل كسب قلوبهم ولدعوتهم لدين الحق؟
إجابة السؤال الثالث والعشرون: ليعلم الشيعة جميعاً، فالكلام هذا أوجهه للشيعة قبل السنة أننا مشفقون عليهم وأننا نريد لهم الخير، وأننا حريصون تمام الحرص على هدايتهم، وأننا نرى أنهم مضللون، وأنهم يغيب عنهم كثير من الحق، وأن علماءهم يستخدمون التقية معهم، ولا يقولون لهم الحقيقة، فأنا أدعوهم دعوة صادقة، إلى أن يتدبروا كتبهم وأن يقرءوا كتب علمائهم، وأحاديث آل البيت الحقيقية. أما بالنسبة لأهل السنة فأقول لهم: عاملوهم بالحسنى كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل الناس، خاصة الذين لم يقاتلوا في الدين، ولم يظاهروا علينا، فنعاملهم بالحسنى. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة أن تكون بارة بوالدها لأنه كان في ذلك الوقت كان كافراً وكذلك أسماء أن تكون بارة بأمها فكانت كافرة في ذلك الوقت. بل نزل قول الله تبارك وتعالى: {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [لقمان:15] في سعد بن أبي الوقاص مع أمه التي كانت تأمره بالكفر بالله جل وعلا. فنحن نعتقد إسلامهم، ونعتقد أنهم يحتاجون إلى الدعوة وإنه يجب النصح لهم والدعوة لهم، نريد لهم الخير، ونحب لهم ما نحب لأنفسنا من أن يهتدوا ويتبعوا الحق. ولكن في الوقت نفسه، لا نقبل منهم أن يسبوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نقبل في أن يطعنوا في عرض النبي صلى الله عليه وسلم، وأعلنوا القول بتحريف القرآن، وأعلنوا من الشركيات فإن أظهروا ذلك فإننا ننهاهم وننكر عليهم ونذكرهم بالله جل وعلا ونبغضهم إذا أبغضوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
السؤال الرابع والعشرون: في الغالب يا شيخ يقال: ختامها مسك ولكننا يا شيخ نختتم هذه الحلقة بسؤال فيه هجوم على شخصكم الحبيب، وهذا السؤال ورد عبر الإنترنت: يعلم الله يا شيخ أننا نحبكم في الله ولا نقصد من هذه الأسئلة الحط من شأنكم معاذ الله أو إقرار هذه الأمور لكنها فرصة لدفع الشبهات عنكم فماذا تقولون في مدى صحة المقطع الصوتي الذي وضعه ذلك الرافضي الذي تسمى برفيق أثناء المناظرة من خلال مكالمة هاتفية له، ونسب إليكم أنكم تقولون أنكم غير متأكدين من صحة إحالة حديث ما في أحد كتب الشيعة، وأنك ذكرته هكذا كذباً، فما هو ردك يا شيخ؟
إجابة السؤال الرابع والعشرون: أولاً: لما شغل الشريط في أثناء المناظرة ما كان الصوت واضحاً وما سمعت منه شيئاً، وحتى د. الهاشمي قال: إن الصوت مشوش وما فهمنا شيئاً، ولكني بعد ما رجعت أخبروني بما كان في الشريط فلعل أنتم بالتلفاز سمعتم أحسن منا ونحن في غرفة المناظرة، لكن أخبرت أنه نقل عني أني ضحكت عليه وكذبت عليه، أنا أذكر هذه القصة بوضوح تام، والحمد لله ما تعودت على الكذب ولا هي عادة، هذه كانت لي جلسة مع أحد علماء الشيعة في الكويت يقال له الداماوندي، وهو إمام مسجد خلف جوازات حولي، كنا في جلسة فصار حوار طويل ليس هذا مجال ذكره الآن، فكان في نهاية الحوار فقال لي: لماذا ترجع إلى الناس الغير ثقاة ارجع إلى علماءنا الكبار في الحديث وكذا وخذ منهم. فقلت له: مثل من؟ فقال: الحر العاملي. قلت: الحر العاملي من علمائكم الكبار؟ قال: نعم. وكنت أنا قد تحديته أن يأتيني بحديث واحد صحيح تنطبق فيه شروط الحديث الصحيح عندهم وهو: ما رواه عدل ضابط إمامي عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة. فقلت: الحر العاملي قوله معتمد؟ قال: نعم. قلت: إذا قال شيئاً تقبل به؟ قال: نعم. فقلت له: الحر العاملي يقول: ما عندنا ولا حديث واحد صحيح، إذا طبقنا شروط الحديث الصحيح على أحاديثنا فلا يصفى لنا ولا حديث واحد تنطبق عليه هذه الشروط، أبداً. فذهل الرجل لما قلت له ذلك الكلام، فقال لي: أين قال مثل هذا الكلام؟ فأنا كنت أرتجل قول الحر العاملي لأني كنت احفظه، فقلت له: في الوسائل (وسائل الشيعة)، فقال لي: أين في الوسائل؟ قلت له: في الخاتمة. فقال لي: في أي صفحة؟ أنا هنا ما كنت متأكداً من الصفحة، وخشيت إن قلت: لا أعرف الصفحة فيقول: أنت غير متأكد من الكلام. فقدّر الله لي في ذلك الوقت أن أذكر صفحة تغلب على ظني، فقلت له صفحة (260) مباشرة، فسكت الرجل. لما رجعت إلى البيت نظرت في الكتاب فما وجدت الكلام في هذه الصفحة ولكنه في صفحة (360)، لكن الكلام الذي ذكرته موجود، وما كذبت عليه أبداً وما تعودت على الكذب، ولو كان يعلم أن ذلك كذباً لكان فضحني، فهذه فرصة لا أظن الشيعة يتركونها، بل سيهتبلونها، ويجعلونها وصمة عار على أهل السنة أو علي على كل حال، كل ما في الأمر أني ذكرت الصفحة وأنا غير متأكد منها. فهذا الذي حدث، أما إني كذبت وتعمدت الكذب فهذا كذب علي، وعلى كل حال الكلام الذي ذكرته موجود في ذلك الكتاب، كل ما في الأمر اختلاف رقم الصفحة. فذكر لي الأخوة أن هذا الذي اتصل قال إنه ضحكت عليه وكذبت عليه فهذا كذب، وهذا ليس صوتي خاصة إنني لم أسمع الصوت ولا يمكن أن أقول هذا الكلام. وأحب أن أنبه عن نقطة فاتتني أو إنني فوتها في الحقيقة لأني كنت حريصاً على الوقت ضنيناً به، قضية أن الذي اتصل قال: اسمه رفيق قال: أنا أثنيت عليه وقلت: أنه كان يدير الحوار ،فهذا كذب، فأنا ما أثنيت عليه مطلقاً، ولكنه سألني وقال: كيف رأيت إدارتي في جلسة من الجلسات التي كانت بيني وبين عصام التي كانت مرة في غرفتنا ومرة في غرفتهم أي في البال توك، في يوم من الأيام في إحدى الجلسات في غرفتهم وكان هذا رفيق يديرها فسألني: كيف كانت إدارتي يا شيخ عثمان؟ هل ظلمتكم؟ فقلت: لا والله ما ظلمتنا، فهذا يدل على صدقنا وحسن نوايانا، وهذا كمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة عن الشيطان: « » (صحيح البخاري). وأنا أقول كذلك: لما كنت منصفاً قلنا لك: إنك منصف فلما كذبت علينا فقلنا: إنك كذاب. فنعم في تلك الليلة قلت إنك منصف لا تقية وأنا صادق فيما قلت آنذاك، وأنا صادق الآن وأقول إنك كذاب. القصد أن هذا ليس فيه ثناء على الرجل ولكن فيه الذي وقع. فهو جداً فرح بأنني قلت له ذلك.
السؤال الخامس والعشرون: الاتهام الثاني يا شيخ هو حينما اتهمك الرافضي د. النجدي بالنصب والعداء لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، واستدل بقولك عن قول فاطمة رضي الله عنها وأرضاها هذه منقصة لها حينما رددت على د. التيجاني بأن فاطمة دفنت ليلاً خشية أن لا يصلي عليها أبو بكر رضي الله عنه، فما هو ردكم؟
إجابة السؤال الخامس والعشرون: أولاً: نحن أبطلنا القول بأن فاطمة أمرت أن لا يصلي عليها أبو بكر، وأنا قلت: إذا كانت فعلت ذلك فهذا منقصة عليها وليس على أبي بكر، لأنه لم يحدث هذا أصلاً منها فهو كذب، فهذا كمثل قول الله تعالى: {لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا . إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} [الإسراء:74-75]، ولكنه لم يحدث ركون للنبي إليهم، وكذلك هنا لم يحدث أن فاطمة رضي الله عنها أنها أمرت أبو بكر أن لا يصلي عليها. وأما حبنا لفاطمة رضي الله عنها لا يحتاج إلى تدليل، فنتقرب إلى الله تعالى بحب فاطمة فمحدثكم أنا أكبر أولادي فاطمة، والذي يسألني الآن الشيخ سعود أكبر أولاده فاطمة، فكيف لا نحبها فهذا كذب وزور. فنحن لا نعتقد فيها العصمة، نعم ففاطمة تخطأ وكذلك علي، وعائشة، فكلهم يخطئون والذي لا يخطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو معصوم، ولكن لا نقول هذا على سبيل التنقّص ولكن نقول هذا على سبيل ترفع شأن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه هو المعصوم لا غيره، وكل من عدا النبي صلى الله عليه وسلم يخطئ ويصيب، ولكن الأخطاء بالنسبة لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم فاطمة مغمورة في بحور حسناتهم رضي الله عنهم وأرضاهم. ولكن هذا الكلام هي دعوة باطلة يلبس على الناس إننا لا نحب فاطمة، إما تقولوا بعصمة فاطمة وأنها لا تخطئ أو أنكم تبغضونها. بل والله نحبها ولا نحتاج إلى شهاداتكم بل الله سبحانه وتعالى يعلم مدى حبنا لها.
السؤال السادس والعشرون: حرص الرافضة أثناء المناظرة على استخدام الأسلوب العاطفي للنقاش وإثارة عواطف المشاهدين، ومن ذلك حينما ذكر فتواكم بحرمة عمليات الإستشهادية، فهل حقيقة يا شيخ قلتم بهذه الفتوى؟ وهل هذه الفتوى تعتبر تهبيط لهمم المجاهدين وتحذيرهم من الجهاد في سبيل الله؟
إجابة السؤال السادس والعشرون: أنا ما قلت بحرمة هذه العمليات لكني قلت إن هذا خطأ، وذلك أن يقتل الإنسان نفسه بهذه الطريقة فنفس المسلم عند الله تعالى عزيزة وكريمة، ولذلك عبدالله بن عمر رضي الله عنهما لما جلس عند بيت الله تعالى نظر إلى الكعبة وقال: إن شأنك عند الله تعالى عظيم، وإن دم المسلم أعظم حرمة عند الله منك. فدم المسلم عند الله عزيز وله كرامة ومكانة وقدر.
سيّر المعتصم جيشاً كاملاً لأجل امرأة قالت: وامعتصماه. وقال عمر: لو اجتمع أهل صنعاء على قتل رجل مسلم لقتلتهم به. فكل قطرة دم تخرج من المسلم لها عند الله قدر. فنحن لا نريد أن يضيع الشباب بهذه الطريقة، فيفجروا بنفسه، يقتل الكفار؟ نعم يقتل الكفار ولكن لا يقتل نفسه، فإذا قتل الكفار نسأل الله له الشهادة، أما أن يأتي ويفجر بنفسه فنقول إنه خطأ، وهذا ليس رأي فلست مفتياً وإنما فتاوى أهل العلم فهي فتوى شيخنا محمد بن عثيمين رحمه الله لما سئل عن العمليات القتالية أو الإستشهادية أو الانتحارية؟ فقال: هذا ليس طريق للشهادة، فطريقها في القتال والجهاد وإعداد الصفوف ومقابلة العدو وانحياز إلى الفئة، ونسأل الله تعالى أن يعاملهم معاملة الجهّال وإلا فهؤلاء قتلة لأنفسهم، كتبه الشيخ في كتابه شرح رياض الصالحين عن الغلام الذي قتل نفسه (حديث الأخدود). وكذا هو الرأي للشيخ ابن باز، والشيخ الألباني، وعبد العزيز آل الشيخ، وغيرهم الذين أفتوا بحرمة هذا الأمر أو تخطئة من يفعل هذا. فهذا ليس شفقة على اليهود ولكن شفقة على المسلمين ثم انظروا إلى النتائج المترتبة على هذا الأمر: شرّد المسلمون، قتل الرجال، هتكت الأعراض. فلابد أن نعلم أن اليهود أقوى منا الآن على الأقل في فلسطين فهم المسيطرون، يكفي أن رئيس فلسطين حكروه في غرفة لمدة أيام ما يستطيع أن يخرج منها، فهذا هو الواقع. النبي صلى الله عليه وسلم جلس في مكة ثلاثة عشر سنة يدعو إلى الله فقتل ياسر والد عمار، وقتلت أمه، وأوذي عمار وبلال وصهيب وابن مسعود وعثمان وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم ومع هذا كان يأمرهم بالصبر، ولما جاءه الخباب وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا تدعو الله لنا قال: « » (تفسير القرآن: [1/366]). فظل يدعو الله ويصبر ويؤصل صلوات الله وسلامه عليه حتى جاء النصر من الله وفتح مكة بعد إحدى وعشرين سنة من الدعوة إلى الله.
والله الذي لا إله إلا هو إن مكة أعظم عندنا من القدس. فالقصد أن طريق الجهاد معروف، وليس هذا بطريقها، ولكن نسأل الله تعالى أن يرحمهم ويحفظ دماءهم، وأموالهم وأعراضهم ويوفقهم إلى ما يحب ويرضى، وأن يهيئ لهم الرأي السديد والعلم الراشد الذي يوصلهم إلى الحق. ونحن نقنت في صلاتنا لأجلهم ونسأل الله أن يحفظهم وأن يهلك اليهود وأن يأخذهم سبحانه وتعالى. فتبقى النظرية وجهة نظر، وأنا ما جئته من نفسي إنما هي فتاوى علماءنا، فأنا ناقل ليس إلا. وأما الشيعة الذين يدندنون على العواطف فقد ذكرنا في المناظرة قولهم، إن المجاهدين في الثغور إنهم من أهل النار والعياذ بالله وليس هناك شهيد إلا من كان من الشيعة، فهذه عقيدتهم، لكن كما قلت في بداية الأمر هم ممثلون، مخادعون، يستخدمون معنى التقية، والكذب والنفاق، ولذلك يظن البعض جهلاً أنهم صادقون معنا وأنهم يدافعون معنا عن فلسطين، فوالله ما دافعوا عن فلسطين يوماً ما، فإيران قامت من اثنين وعشرين سنة فماذا فعلت في إسرائيل؟ فهل ضربت إسرائيل يوماً ما؟ هل أعطت الفلسطينيين شيئاً غير الإذاعة التي يتكلمون بها بأمر إيران؟ ماذا قدمت لفلسطين من مال؟ دولة صغيرة كالكويت قدمت لفلسطين أكثر مما قدمته إيران بأضعاف المرات. فهل أرسلت جيشاً؟ هل ضربت إسرائيل بصاروخ؟ ولا شيء أبداً. ولذلك لابد أن نعلم علم اليقين أن الذي سيحرر المسجد الأقصى هو الذي حرره أول مرة وهو عمر، والذي حرره ثاني مرة هو صلاح الدين اللذان يكفرانهما الشيعة، ويطعنون فيهما، وسيحرره أيضاً أهل السنة والجماعة، لا جعجعة الشيعة. والله أعلم.
السؤال السابع والعشرون: من أجل التواصل بينكم وبين محبيكم يود الكثيرون معرفة أرقام هواتفكم سواء الجوال وعنوانكم البريدي وبريدكم الإلكتروني وبريد الشيخ أبي المنتصر، وعبد الرحمن الدمشقية. فما هو تعليقكم على هذا الطلب؟
إجابة السؤال السابع والعشرون: أفضل الاتصال عن طريق الصفحة، صفحة المنهج، وبالنسبة للفاكس: (4730191)، ويكون هاتفاً أحياناً ويفضل الاتصال على الهاتف هذا في الصباح (وقت الكويت)، وبالنسبة للمراسلات عن طريق الصفحة، ونريد أن يشاركوا في الصفحة وأن ينتفعوا بها، وأنا إن شاء الله تعالى أقرأ ما يرسل إلي في الصفحة هناك شباب طيبون يقومون على هذه الصفحة ويساعدون كثيراً في إعداد الصفحة والرد على التساؤلات وغير ذلك، نسأل الله تبارك وتعالى أن تدعو لهم بالتوفيق والسداد وأنا من هنا أدعو لهم بالتوفيق والسداد والرشد وأن يجعل الله تبارك وتعالى أملهم في ميزانهم يوم القيامة مثقلاً، وأن يرفع درجتهم في عليين، وأشكر أخي الأخ سعود الزمانان أبو عبد العزيز على إقامة هذا اللقاء، وأشكر كل من ساهم في نصرة دين الله تعالى كأخي أبي المنتصر وأخي أبي عبيدة وغيرهما من أهل الفضل، وأن يظهر الله دينه وأن يعلي كلمة الحق وأن يجمعنا ومن يسمع تحت راية لا إله إلا الله ومحمد رسول الله، ويجمعنا في جنات النعيم في مقعد صدق عند مليك مقتدر، والله أعلى وأعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
في الختام نقول لك يا شيخ عثمان رفع الله قدرك وغفر الله ذنبك ونسأل الله عز وجل أن يبارك لك في علمك وعملك وأهلك ومالك وولدك، وأن يجعل ما تقدمه في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ونسأل الله عز وجل لنا ولهم الهداية والتوفيق والرشاد، وجزاك الله خير يا شيخ عثمان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.