(21)

رحاب حسَّان

انتظار الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم- دروس وفوائد من الهجرة.

  • التصنيفات: السيرة النبوية -

(1)

انتظار الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم

لما سمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله من مكة، كانوا يغدون كل غداة إلى الحرة، فينتظرون حتى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يومًا بعد ما أطالوا انتظارهم، فلما آووا إلى بيوتهم بصر رجل من يهود برسول الله فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: "يا معاشر العرب هذا جدكم الذي تنتظرون"، ولما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم طفق من جاء من الأنصار، ممن لم ير رسول الله يُحيي أبا بكر، حتى أصابت الشمس رسول الله فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك.

وقد روى الإمام مسلم بسنده قال: "عندما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، صعد الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرق العلماء والخدم في الطرق ينادون: "يا محمدُ، يا رسول الله، يا محمد، يا رسول الله" حتى استقر عند الصحابي أيوب الانصاري رضي الله عنه.

 

(2)

دروس وفوائد من الهجرة

من أهم الدروس المستفادة من الهجرة النبوية ما يلي:

1-أن الصراع بين الحق والباطل قديم وممتد وهو سنة إلهية من سنن الله  تعالى ولابد ألا يستسلم أهل الحق لأهل الباطل.

2-المتأمل في حادثة الهجرة يجد دقة التخطيط ودقة الأخذ بالأسباب ويدرك أن التخطيط المسدد بالوحي في حياة رسول الله كان قائمًا، وأن التخطيط جزء من السنّة النبوية وهو جزء من التكليف الإلهي في كل ما طولب به المسلم وأن الذين يميلون إلى العفوية، بحجة أن التخطيط ليس من السنّة مخطئون ويجنون على أنفسهم وعلى المسلمين.

3-وقد لمع دور المرأة في الهجرة النبوية؛ فعائشة رضي الله عنها حفظت لنا القصة ووعتها وبلغتها للأمة، وأم سلمة المهاجرة الصبور، وأسماء ذات النطاقين التي ساهمت في تموين الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار بالماء والغذاء، وكيف تحملت الأذى والمشقة في سبيل الله  -رغم حملها- واخفت سرّ النبي وصاحبه عن أبي جهل حين لطمها قائلًا أين أبوك يا بنت أبي بكر؟

4- وحين أعطى أبو بكر رحاله للنبي ليهاجر عليها لم يقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركب الراحلة حتى أخذها بثمنها من أبي بكر، واستقر الثمن دينًا بذمته، وهذا درس واضح بأن حَمَلة الدعوة ما ينبغي أن يكونوا عالة على أحد في وقت من الأوقات، فهم مصدر العطاء في كل شيء وإن كانت يدهم ليست تكن العليا، فلن تكون السفلى.

5-تظهر أثر التربية النبوية في جندية أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أثناء الهجرة فأبو بكر عندما أراد أن يهاجر إلى المدينة وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبًا» فقد بدأ في الإعداد والتخطيط للهجرة؛ فابتاع راحلتين واحتبسهما في داره يعلفهما إعدادًا لذلك، لقد كان يدرك بثاقب بصره أن لحظة الهجرة صعبة قد تأتي فجأة؛ ولذلك هيأ وسيلة الهجرة، ورتب تموينها، وسخر أسرته لخدمة النبي صلى الله عليه وسلم.

المصدر: فريق عمل طريق الإسلام