نعوذ بك أن نكون من المحرومين

أبو الهيثم محمد درويش

قد تنسينا المشاغل الكثير من المشاعر الحانية التي يضفي فقدها على سلوكنا مظهر الفظاظة والغلظة وقلة الرحمة، شدة بلا لين وصرامة بلا هوادة، وحدة بلا انبساط..

  • التصنيفات: تربية النفس -

قد تفتك الدنيا بقلوب بعض العباد فيفقدون الرحمة إلى الخلق..
قد تنسينا المشاغل الكثير من المشاعر الحانية التي يضفي فقدها على سلوكنا مظهر الفظاظة والغلظة وقلة الرحمة، شدة بلا لين وصرامة بلا هوادة، وحدة بلا انبساط...
أنماط منتشرة من السلوك، ولكن على كل منا أن يحذر، وإليك هذا الإنذار:

عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: "سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تنزع الرَّحْمَة إلَّا من شقيٍّ» (رواه أبو داود (4942)، والترمذي (1923)، وأحمد (2/301) (7988)، وحسنه الترمذي، وصححه ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) (6/117)، وحسنه الألباني في (صحيح الجامع:7467).

قال ابن العربي: "حقيقة الرَّحْمَة إرادة المنفعة، وإذا ذهبت إرادتها من قلب شقي بإرادة المكروه لغيره، ذهب عنه الإيمان والإسلام" (فيض القدير شرح الجامع الصغير:6/547).

ويقول المناوي: "لأنَّ الرَّحْمَة في الخلق رقة القلب، ورقته علامة الإيمان، ومن لا رأفة له لا إيمان له، ومن لا إيمان له شقي، فمن لا رحمة عنده شقي" (التيسير بشرح الجامع الصغير: 2/962).
- وعن جرير بن عبد اللَّه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يرحم الله من لا يرحم النَّاس» (رواه البخاري:7376).

يقول السعدي: "رحمة العبد للخلق من أكبر الأسباب التي تنال بها رحمة الله، التي من آثارها خيرات الدنيا، وخيرات الآخرة، وفقدها من أكبر القواطع والموانع لرحمة الله، والعبد في غاية الضرورة والافتقار إلى رحمة الله، لا يستغني عنها طرفة عين، وكل ما هو فيه من النِّعم واندفاع النقم، من رحمة الله، فمتى أراد أن يستبقيها ويستزيد منها، فليعمل جميع الأسباب التي تنال بها رحمته، وتجتمع كلها في قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف من الآية:56]، وهم المحسنون في عبادة الله، المحسنون إلى عباد الله، والإحسان إلى الخلق أثر من آثار رحمة العبد بهم" (بهجة قلوب الأبرار ص:269).

أما من كان بعيدًا عن الإحسان بالخلق، ظلومًا غشومًا، شقيًّا، فهذا لا ينبغي له أن يطمع في رحمة الله وهومتلبس بظلم عباده.
 

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التَّميمي جالسًا، فقال الأقرع: إنَّ لي عشرة من الولد ما قبَّلت منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قال: «من لا يَرحم لا يُرحم» (رواه البخاري:5997، ومسلم:2318).

قال ابن بطال بعد أن ذكر عددًا من الأحاديث، وذكر هذا الحديث من جملتها: "في هذه الأحاديث الحض على استعمال الرَّحْمَة للخلق كلهم، كافرهم، ومؤمنهم، ولجميع البهائم والرفق بها، وأن ذلك مما يغفر الله به الذنوب، ويكفر به الخطايا، فينبغي لكل مؤمن عاقل أن يرغب في الأخذ بحظه من الرَّحْمَة، ويستعملها في أبناء جنسه وفي كل حيوان" (شرح صحيح البخاري:9/219).

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام