عتاب بغداد والإعلام الموجه
أبو الهيثم محمد درويش
في زمن العجائب يأتي صوت من بعيد يلفه الحزن واليأس من إفاقة الرجل
المريض، إنه صوت بغداد الجريح يأتي وتأتي معه جيوش الأسى والأنين وقد
تلفعت بالمنون تتساءل في شجون.. أين أين المسلمين ..
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
في زمن العجائب يأتي صوت من بعيد يلفه الحزن واليأس من إفاقة الرجل
المريض، إنه صوت بغداد الجريح يأتي وتأتي معه جيوش الأسى والأنين وقد
تلفعت بالمنون تتساءل في شجون.. أين أين المسلمين .
في الشوارع يصرخون
جيش التتار
يدق أبواب المدينة كالوباء
ويزحف الطاعون
أحفاد "هولاكو"
على جثث الصغار يزمجرون
جثث الهنود الحمر تطفو
فوق أعمدة الكنائس والثرى يغلي
صراخ الناس يقتحم السكون
أنهار دم فوق أجنحة الطيور الجارحات
مخالب سوداء تنفذ في العيون
مازال دجلة يذكر الأيام..
والماضي البعيد يطل من خلف القرون
عبر الغزاة هنا كثيراً.. ثم راحوا
أين راح العابرون؟!
هذي مدينتنا.. وكم باغ أتى
ذهب الجميع ونحن فيها صامدون
سيموت "هولاكو"
ويعود أطفال العراق
أمام دجلة يرقصون
المقاومة العراقية الباسلة حفظها الله أثبتت للجميع أن أمة الإسلام
لازالت تدب فيها الروح، و باقي الأمة الإسلامية إلا من رحم الله
أثبتوا للعالم بإهمالهم لقضايا إخوانهم أن إعلام الكفر الموجه قد نجح
في مهمته، فالإعلام الرسمي يوجه الأمة إلى حيث يريد، ويصرف أعينها عما
يريد، وقد أمعن الأعداء في حبك قصتهم، فتركوا لنا باباً نتنفس منه يطل
على قضية واحدة من قضايانا هي قضية فلسطين، وقد علموا جيداً أن
تفاعلنا معها لن يأتي بكثير فائدة لأنهم أحكموا عليها القبضة، فاليهود
على الصدور جاثمون والأعوان من كل جانب يحرسون، ولم يتركوا للغوث منفذ
فالحدود من كل جانب مؤمنة وبقي فقط أن تشاهد الأمة مآسي المسلمين في
فلسطين لتدخل في تيه الهزيمة النفسية .
وقد صرفوا أعين الناس عن أحوال أهلنا في العراق وفي أفغانستان وفي
الشيشان وفي الصومال، حتى يجهزوا عليهم، ويستبيحوا بيضتهم ونحن عنهم
غافلون .
القوم قد اعتادوا الاقتيات على جثث الأمم، فبالأمس قامت دولتهم على
جثث الهنود الحمر بعدما ساموهم سوء العذاب وهكذا أرادوا العراق، وهكذا
أرادوا أفغانستان، ولكن كان لأهل الجهاد في العراق كلمة
لسنا الهنود الحمر
حتى تنصبوا فينا المشانق
في كل شبر من ثرى بغداد
نهر.. أو نخيل.. أو حدائق
وإذا أردتم سوف نجعلها بنادق
سنحارب الطاغوت فوق الأرض
بين الماء.. في صمت الخنادق
إنا كرهنا الموت لكن
في سبيل الله نشعلها حرائق
ستظل في كل العصور وإن كرهتم
أمة الإسلام هي خير الخلائق
ما يبعث الأسى يا أمتي هو أن أصوات الثكالي في العراق ضاع في سماء
الفضائيات العاهرة وبين أرجل لاعبي الكرة، بالأمس صاحت حرة في أقاصي
العراق وا معتصماه، فهب الليث الجسور وذب عن عرض الإسلام، أما اليوم
فآلاف الآهات، وآلاف الصرخات، شرف يئن، وجرح ينزف، ودماء تسفك، ويتم
قد استفحل، أصبحت العراق أكبر دار للأيتام على وجه البسيطة، وأضحى
أنين شرف نسائها مسموعاً لكل الخلائق لكن أسماعنا تغيرت، والنخوة
ندرت، والغيرة انتحرت، فيا لشرف الإسلام في زمان الخائنين، زمان رعى
فيه الذئاب قطيع العرب وحمى فيه اللئام عرين الأسود ولا نملك إلا أن
نقول إنا لله وإنا إليه راجعون.
تضيع منا.. تغتصب
أين العروبة.. والسيوف البيض
والخيل الضواري.. والمآثر.. والنسب؟
أين الشعوب وأين رايات العرب؟!
في مرتع الطغيان يبتهل الجميع
ولا ترى غير العجب..
البعض منهم قد شجب
والبعض في خزي هرب
وهناك من خلع الثياب
لكل جواد وهب..
في ساحة الشيطان
يقرأ "سورة" الدولار!
يسعى الناس أفواجاً
إلى مسرى الغنائم والذهب
والناس تسأل عن بقايا أمة تدعى"العرب"!
كانت تعيش من المحيط إلى الخليج
ولم يعد
في الكون شيء من مآثر أهلها
ولكل مأساة سبب
يا أمة الإسلام قومي وانهضي، انفضي عنك غبار الذل والعار، التجئي
إلى حمى الجبار، اغسلي عنك رجس الشرك والبدعة والخطيئة بماء التوحيد
الخالص والسنة المباركة، والبسي ثياب عزك واجعلي علماءك عقد لؤلؤ على
صدرك، واجعلي من شبابك أسد الإسلام سيفاً في يدك .
كم أنت والله في أشد الحاجة لتغيير دمائك التي أصبحت كدم الحيض بدماء
جديدة يختلط فيها عزم الشباب بحكمة العلماء، وحماسة الجند بعلم
الحكماء، تشتاقين والله لقيادة ربانية لا تخف في الله لومة لائم، تضع
الدنيا تحت أقدامها ولا تهاب الموت بل تنشد الشهادة، قيادة تحتفي
بشريعة ربها فتجعلها نصب أعينها وفوق رأسها، وتحب سنة نبيها فتجعلها
لواء يرفرف فوق الهام .
ولكن حتى يتحقق هذا اليوم لابد من عمل ولابد من جهد ولابد من تضحيات،
ولتعلمي يا أمة أن اللئام قد أعدوا لك العدة منذ قرون، وحاولوا وفشلوا
ثم فشلوا فلما غاب أسد الغاب نجحوا، دخلوا اليوم فلم يجدوا خالد، وقد
واراه الثرى صلاح، وغاب في قبره قطز، لم يجدوا إلا الذئاب فرموا لهم
ما يناسبهم من الجيف النتنة فارتضوها وباعوك فإنا لله وإنا إليه
راجعون .
أهل العراق يجأرون إلى الله، ولكن من يشتكون، حكام تركوا الشريعة
والجهاد، أم شعوب ارتضوا بالزرع والحصاد، وباتوا في أحضان عهر
الفضائيات، وسماء ذل اللهو واللعب .
يا أمة الإسلام،و يا علماء الأمة، ويا رجال الإسلام ويا نساء الإسلام،
يا شباب الأمة وفتياتها، الوقت عصيب وعلى الجميع بذل الجهد، وإلا
فالعار سيطال الجميع، وكيف بنا والله غداً، أمام ملك الملوك حفاة عراة
يسألنا عن شرف انتهك ودم سكب، وعرض سلب، ماذا قدمنا لفؤادنا الجريح،
ولعرضنا المكلوم، ولدمائنا المسكوبة .
وإليك بغداد أهمس، وإلى كل أرض من أراضي المسلمين سليب مضطهد :
بغداد لا تتألمي
مهما تعالت صيحة البهتان
فهناك في الأفق البعيد صهيل فجر قادم
في الأفق يبدو سرب أحلام
يعانق أنجمي
مهما تواري الحلم عن عينيك
قومي.. واحلمي
ولتنثري في ماء دجلة أعظمي
فالصبح سوف يطل يوماً
في مواكب مأتمي
الله أكبر من جنون الموت
والوقع البغيض الظالم
بغداد لا تستسلمي
بغداد لا تستسلمي
وإليك أمتى أهدي كلمات أتت من عمق قلب
العراق الجريح تناشد الأمة، هذه الكلمات أرسلها صاحبها لأمته عبر بريد
موقع طريق الإسلام أحببت أن أختم بها لتشهدي يا أمتي عمق
الجراح:
الاسم : حاجم
الدولة : العراق
العمر : 20
الرسالة :
بسم الله الرحمن الرحيم
أعاتب كل شيخ في هذا الموقع وكل شيوخ الإسلام، أنسيتمونا، نحن إخوانكم
في العراق، نحن والله نحبكم، ولكنكم لا تحبوننا، أو لسنا من أمة محمد
صلى الله عليه وسلم، لماذا تتذكرون غزة فقط، هل نحن لسنا ببشر ولا
مسلمين ؟؟ أشكوكم عند الله عز وجل، وأرجو المعذرة إذا طلع مني شيء غير
لائق بكم ..
عتابي على الشيوخ الكرام وأرجو توصيل هذه الأمانة لهم، يا شيخ محمد
حسان ويا شيخ محمود المصري ويا شيخ محمد العريفي ويا كل الشيوخ،
اسمعوا هذه الصرخات من إخوانكم في العراق، نحن إخوانكم ونعاتبكم، هل
مع كل ما يجري بنا أو غزة مسلمين ونحن لسنا مسلمين، أشكوكم إلى الله
عز وجل، دمعت العينان من الأسف على شيوخنا الكرام.
نحن نطلب الدعاء والخطب على العراق وعلى الأمريكان الكلاب، أم أنتم لا
تحبون الكلام على الأمريكان لأنهم مع دولكم، تكلموا عن اغتصاب
لأخواتكم العراقيات، عن أطفالنا عن شيوخنا عن نسائنا عن
شهدائنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم من العراق
أخيراً لا أملك إلا أن أقول {..فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ
عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف:18]
===================================
الأبيات الشعرية للشاعر فاروق جويدة من قصيدة: "من قال إن النفط أغلى
من دمي؟"