الصحة النفسية
دار القاسم
نسأل الله أن يرزقنا نفوسا مطمئنة، وصدورا مشروحة وقلوبا سليمة من
الشبهة والشهوة إنّه سميع مجيب....
- التصنيفات: تربية النفس -
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
قال تعالى: {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء} [سورة الأنعام: من الآية 125].
يخبر الله تعالى أن من يقدّر الله له الهداية يشرح صدره للإسلام، فينشرح له، ويطمئن إليه، ويستريح به.
ومن يقدّر الله له الضلال يجعل صدره ضيقًا حرجًا كأنما يصعّد في السماء، فهو مغلق مطموس يجد العسر والمشقة في قبوله، كما يجد الضيق والضنك بسبب إعراضه عن هدى الله الذي تنشرح له الصدور، وتطمئن به القلوب، وترتاح له النفوس، وشتّان شتّان ما بين الفريقين.
حاولَت الحضارة القائمة اليوم طمأنينة النفس، فهيهات.. النعيم المادي، والمتعة الجسدية، فزادتها تعقيداً واضطراباً، تنكّبت عن الطريق، فحطّمت الأخلاق، وهتكت المباديء، ودمّرت القيم، وأشاعت الرذيلة، فعاش القوم حياة القلق والتوتر والضيق والضنك، وأصابتهم السآمة والملل، وإنا لنعجب حينما نعلم أن أرقى دول العالم اليوم حضارةً ماديّة يقدم بعض أبناءها على الانتحار مللاً من هذه الحياة وتخلّصاً من العذاب النفسي!
إنّ حالة الإنسان المعاصر تدعو إلى الشفقة، وواقعه المزري ينذر بالخطر والثبور، كيف يجيء هذا المسكين ساكن الأعصاب، مطمئن النفس، هاديء البال، آمن السرب، وقد أجدب إيمانه، وتزعزعت مبادئه وانتكست فطرته؟ كيف تطمئن نفسه، وقد أحاطت به هذه الحجب الماديّة الكثيفة الفائقة الصنع، ولكنها مقفرة من نافذة نور، أو إشراقة أمل أو سمو نفس، أو صلة رحم، أو بسمة صدق، أو برد يقين، أو نبض حنان، أو حلاوة إيمان، أو لذّة إحسان؟
كيف يجيء هاديء البال، وهو يسمع ويرى ذلك السباق البغيض في إنتاج أرقى أنواع الأسلحة التدميرية، والقتل هو حديث البشرية، يحاول المسكين الفرار من قلق يؤرّقه، وفزع يزعجه، وتوتّر يحطّمه إلى مذاهب وأفكار سوداء، يلجأ إلى الخمور والمخدّرات فواقعه مرّ، وحياته بائسة.
كلما تضخّم الجانب الماديّ في النفوس، وزاد الترف والبذخ، وقتل الناس في نفوسهم المشاعر الإنسانية، وأفرغوا جعبهم من المعاني الإيمانية كلما زادت الأمراض النفسية والعصبية، وعمّ الرعب والفزع، وكثرت حوادث الإجرام والاغتصاب والانتحار، وتكاثرت حالات الشذوذ والإدمان التي ما تزال محتفظة بمبادئها وقيمها.
إنّ أكثر الناس قلقًا وضيقًا واضطرابًا وشعورًا بالضياع هم المحرومون من نعمة الإيمان وبرد اليقين. إن حياتهم لا طعم لها ولا مذاق، وإن حفلت باللذائذ والمرفّهات.
بحَثَ ويبحثُ أقوامٌ عن السكينة وطمأنينة النفس في المال، في المناصب، في المركوبات الفارهة، في الشهرة الزائفة، في الانغماس في أوحال الشهوات، في تجرّع كؤوس الخمر، في احتساء سموم المخدّرات، فلم يشبعوا، ولم يهنئوا، ولم تطمئن نفوسهم، واصطلوا بنار القلق النفسي والتوتّر العصبي يُقِضُّ مضاجعهم ويؤلم نفوسهم ويوجع أبدانهم، قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ} [سورة الحشر: من الآية 19]، لم يجدوا السكينة، ولن يجدوا أنفسهم ذاتها، قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [سورة طه:124]. ومن قطع صلته بالله فما أشقى حياته، وما أتعس حظّه، وما أخيب سعيه.
قال ابن القيّم رحمه الله: "في القلب شعث لا يملِه إلا الإقبال على الله، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، وفيه حزن لا يذهبه إلاّ السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلاّ الاجتماع عليه والفرار إليه، وفيه ثلاث حسرات لا يطفئها إلاّ الرضا بأمره ونهيه وقضائه، وفيه فاقة لا يسدّها إلاّ محبته والإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدًا". انتهى كلامه رحمه الله.
السكينة وطمأنينة النفس ثمرة من ثمار دوحة الإيمان وشجرة التوحيد الطيبة التي تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها. فتستريح النفس من تعب، وترتوي من ظمأ، وتأمن ولو اشتدّت المخاوف وتوالت الخطرات والهواجس.
الإيمان يقي الإنسان من الأمراض النفسية التي شاعت في المجتمعات البشرية، يقيه من الصراعات الداخلية وما يصاحبها من قلق وتوتّر وخوف وملل واكتئاب ووساوس، تعوق طموحه، وتكبح انطلاقه، وتظلله بسحائب الكرب، وتُهطِل عليه جداول الغموم، فيطول حزنه، ويتّصل قلقه لينقلب صاغراً متحطّمًا مهشّمًا خاملًا منهزمًا في زاوية من زوايا الحياة.
هيّأ الإسلام بتشريعاته للمسلم أمنًا نفسيًا، فحفظ نفسه من التمزّق والصراع الداخلي، فحصر غايات الإنسان في غاية واحدة هي إرضاء الله تعالى، وركَّز همومه في همّ واحد هو العمل على ما يرضيه سبحانه، ولا يريح النفس الإنسانية شيء كما يريحها وحدة غايتها، ووجهتها في الحياة.
قال صلى الله عليه وسلم: «من جعل الهموم همّا واحدا، همّ آخرته كفاه الله همّ دنياه، ومن تشعّبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبالِ الله في أيّ أوديتها هلك» [رواه ابن ماجه].
إنّ عقيدة التوحيد منحت المسلم يقينا بأن لا ربّ يُخاف و يُرجى إلاّ الله، ولا إله يُجتَنَب سخَطه ويُلتَمَس رضاه إلاّ الله، قال تعالى: {وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [سورة آل عمران:من الآية 101].
أين هذا من المشرك الذي تعدّدت أربابه وتضاربت وجهاته: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [سورة يوسف: 39].
غرَسَ الإسلام في نفوس الناشئة منذ نعومة أظفارهم معاني توفّر لهم الصحة النفسية، لينطلقوا من أسس راسخة لحياة مستقرّة نقيّة من الشوائب، صافية من الأكدار.
فمع أهميّة استقرار الأسرة والمدرسة والمجتمع يقول صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضرّوك بشيء لم يضرّوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك، رٌفعت الأقلام وجفّت الصحف» [رواه الترمذي].
وفي مسيرة المسلم اليومية محطّات تغذيه بقوة نفسية تورث الطمأنينة، وتشحذ العزيمة، وتستنهض الهمم، وتحصّن من نزغات الشيطان.
إنّها الصلاة الخاشعة، تهوّن أثقال الحياة، وتمسح متاعبها، قال تعالى: {اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ} [سورة البقرة: من الآية153]، «وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمرٌ صلّى» [أخرجه أبو داوود].
يقارن ذلك زاد يملك العبد مدده في كل لحظة وآن، ذلكم هو ذكر الله الذي يزيل غما، ويزيح هما، ويشرح صدرا. بالصلاة والذكر يبدأ المسلم حياته المتجددة كل صباح، فيستقبل فجرا باسما بإشراقة أمل ونفس طيبة، وإلا تقلّب في يومٍ مظلم بوجهٍ مكفهرّ ونفسٍ خبيثة.
قال صلى الله عليه وسلم: «يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلّت عقدة، فإن توضّأ انحلّت عقدة، فإن صلى انحلّت عقدة، فأصبح نشيطاً، طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس، كسلان» [أخرجه البخاري].
درب الحياة تظلله الابتلاءات والمحن والشدائد والأمراض، لذا فإن الصبر والرضا يحصّنان النفس من أنين الجراح وهلع الأثقال وقلق الآلام ومفاجآت الأيام، قال صلى الله عليه وسلم: «عجبا لأمر المؤمن، فإن أمره كلّه خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له» [رواه مسلم].
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "خير عيش أدركناه بالصبر".
الرضا يطرد القلق، ويجلو الحزن، ويمسح العبرات، ويذهب الحسرات، ويكسب النفس الأجر والمثوبة. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "إنّ السُّخط باب الهم والغم والحزن، وشتات القلب، وكسف البال، وسوء الحال، والرضا يخلصه من ذلك كله، ويفتح له باب جنة الدنيا قبل جنة الآخرة". وإذا توالت الأزمات على النفوس واشتدّ الضيق فتح الله لها بابا إلى السماء لتفضي بهمومها وتبث أحزانها، حتى لا يحطمها الجزع، ويدمرها الخوف، وتغشاها سحائب الغموم.
الألم النفسي بالقلق على ما فات والتحسر على الماضي، دندنة الضعفاء، وهمّة البطّالين، وطريق الشياطين: "لو أنني فعلت كذا لكان كذا".
إنّ أصحاب الهمم العالية، والأعمال المثمرة، والعزائم المتّقدة لا يبكون الأطلال، ولا تعوقهم الأحزان وأخطاء الماضي، عن التطلع إلى مستقبل مشرق، بل يقولون كما علّمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان» [رواه مسلم].
{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا} [سورة الحديد:من الآية22].
وتعيش بعض النفوس خوفا مزمنا من قدَر يفاجئها، أو مرض يقعدها، أو بلية تحطمها، تعيش خوفا وهلعا على الرزق، على المال، على الذرية، على المنصب، تخاف من الموت فتتهيب من السير في دروب الحياة، وتصاب بالوسواس والهواجس، ويغشاها الجمود والكسل، فتضعف القوى، وتفنى الأجساد، وقد تستعين بالمشعوذين والدجالين والكهنة والسحرة للخلاص من الوسوسة، ودرء الأخطار المحتملة.
إنّ منهج الإسلام الذي هو عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر والتوكّل على الله قويّ في نفوس المؤمنين، مما يجعل المسلم يطرح عن نفسه أثقال الخوف، قال تعالى: {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [سورة الذاريات: 22]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [سورة الذاريات:58]، وقال تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4)} [سورة قريش:3-4]. وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [سورة الحديد: 22]. وقال تعالى: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ} [سورة يونس:من الآية 107]. وقال تعالى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} [سورة الشعراء: 80-81]. وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [سورة طه:124].
في ظلال الإسلام لا نجد مكانا للأمراض النفسية، بل حافظ على الصحة النفسية وهيّأ الأمن النفسي، فهذه حقيقة ثابتة وسنّة ماضية منذ أهبط الله آدم وزوجه إلى الأرض، قال تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [سورة طه: من الآية 123].
تَقوَى الله تكسب الإنسان مثوبة عند الله، وبها تطمئن النفس، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [سورة النحل:من الآية 97]. قال ابن القيّم رحمه الله تعالى: "وقد ركّب الله سبحانه في الإنسان نفسا أمّارة، ونفسا مطمئنّة، وهما متعاديتان، فكلّ ما خفّ على هذه ثقل على هذه، وكلّ ما التذّت به هذه تألّمت به الأخرى، فليس على النفس الأمّارة أشقّ من العمل لله، وإيثار رضاه على هواها، وليس لها أنفع منه، وليس على النفس المطمئنّة أشقّ من العمل لغير الله وما جاء به داعي الهوى، وليس عليها شيء أضرّ منه، والملك مع هذه عن يمنة القلب، والشيطان مع تلك عن يسرة القلب، والحروب مستمرّة لا تضع أوزارها إلا أن تستوفي أجلها من الدنيا، والباطل كلّه يتحيّز مع الشيطان والأمّارة، والحقّ كلّه يتحيّز مع الملك والمطمئنة، والحرب دول وسجال، والنصر مع الصبر، ومن صبر وصابر ورابط واتقى الله، فله العاقبة في الدنيا والآخرة". انتهى كلامه رحمه الله.
للخلاص من هذه الأوهام والمخاوف والوساوس والقلق والأرق تسعفنا عائشة رضي الله عنها بالحديث: "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كلّ ليلة جمع كفّيه، ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} ، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرّات". [رواه البخاري].
ونحن نعلم جميعا أن سورة الإخلاص تتضمّن حقيقة التوحيد، وسورة الفلق تتضمن الاستعاذة بالله واللواذ به من شرّ ما خلق، ومن شرّ غاسق إذا وقب، ومن شرّ النفاثات في العقد، والتضرّع إلى الله قبل النوم بالدعاء: «اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوّضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رهبة ورغبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيّك الذي أرسلت» [متفق عليه].
نسأل الله أن يرزقنا نفوسا مطمئنة، وصدورا مشروحة وقلوبا سليمة من الشبهة والشهوة إنّه سميع مجيب.
دار القاسم
المملكة العربية السعودية_ص ب 6373 الرياض 11442
هاتف: 4092000/ فاكس: 4033150
البريد الالكتروني:
[email protected]
الموقع على الانترنت:
www.dar-alqassem.com