(22) الوقفة التاسعة عشرة: الوقاية من اليأس والتشاؤم

اليأس ذمه ربنا في غير آية، قال تعالى: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87]. وقوله تعالى: {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر:53]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا قال الرجل هلكَ الناس، فهو أهلكُهُم» وقد وردت الرواية بفتح الكاف (أهلكَهُم) أي: أنه قنطهم، وجاءت الرواية الأخرى بالضم (أهلكُهُم) أي: أشدهم هلاكًا.

والصحابة رضوان الله عليهم في الأوقات العصيبة كوقت الحجاج بن يوسف الثقفي، وأوقاف ظهور الخوارج، وكان الرفض والظلم ظاهرًا، ومع هذا كله لم يثنهم ذلك عن دعوة الناس إلى الخير.

ترى بعض الناس يقنط الآخربن من إخوانه وأقرانه من المجتمع فيبدأ بالتثبيط والقدح. ولهذا ترى أن الناس في هذا الأمر أيضًا على ثلاثة أقسام:
قسم متشائم قانط: إذا جلست معه تراه يجر أذيال الخيبة والقنوط.. فيكون شرًا على نفسه وعلى غيره.
وقسم آخر: متواكل يسوف العمل ويكله إلى غيره.
والقسم الثالث: خير الأقسام من يشحذ همته وهمة غيره، وقد ذكر الإمام ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد أن رجلًا قال للإمام أحمد: يا أبا عبد الله ظهر الباطل علينا، قال: "لا، بما أن قلوبنا على الحق، فالحق ظاهر".

فينبغي لطالب العلم أن يستحضر منهج الصحابة والسلف وأن يكون عاملا حتى آخر رمق في حياته.

ومن أسباب القنوط والتقنيط: قلة الأتباع، أو قلة الحاضرين، مع أن الكثرة ليست دليلًأ على إصابة الحق وموافقته، وأهل النار أكثر من أهل الجنة أضعافًا مضاعفة، والتابع للأنبياء قليل. ولهذا قال الألوسي: "ما ضر النبي قلة أتباعه، ولا العالم قلة تلاميذه، فإياك واليأس". فو الله لأن نعني بشاب واحد وتربيته على العلم الشرعي والمنهج السليم فيُحدث الله تعالى بذلك الشاب صحوة فينتفع به المجتمع.

من كتاب: وقفات منهجية تربوية دعوية.