مغزى الانقلاب الشيعي الإيراني في لبنان

ممدوح إسماعيل

ولكن للأسف السنًة لم يستيقظوا بعد وقيادة تيار الحريري في لبنان
برؤيتها السياسية لاتعبر مطلقًا عن المسلمين السنًة الحقيقين، وإن كان
الشيعة يقتلون أتباعهم لأنّهم سنًة فقط، وأتباع تيار المستقبل غير
قيادتهم تماما فهم مسلمون سنًة يبحثون عن هوية وملاذ في

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

في الأسبوع الأول من مايو 2008 وفي تطور كان متوقع استغل حزب إيران في لبنان حالة حراك تتمثل في إضراب شعبي من أجل الغلاء والأجور، ثم اكتشاف شبكة إتصالات تعمل لحساب حزب إيران في مطار بيروت، فقام بالتفاف عسكرى خاطف على الواقع بنزول مليشياته العسكرية إلى شوارع بيروت في خطة مُعدّة مسبقًا، وتوجهت مليشيات حزب إيران إلى المناطق السّنية في بيروت لتصطدم بمحموعات تابعة لتيار المستقبل المحسوب على السنّة في لبنان وهو ما كان متوقعًا في خطة حزب إيران، فأطلق رصاصه ومدافعه على المسلمين اللبنانين من أهل السنّة فسقط قتلى وجرحى من السنّة منهم أطفال ونساء ودمرت مباني في خطة مرسومة، وتوغلت مليشيات حزب إيران في المناطق السنّية وهي نتيجة كانت متوقعة لفارق الخبرة القتالية والتدريب.

هذه المقدمة هي العنوان الذي سيطر على الأخبار في العالم العربي بل والعالم كله ولنا معها وقفات هامة نتبين فيها المغزى والمراد والأهداف.

أولًا: بداية نقف مع سؤال هام ألا وهو علاقة حزب الله بإيران؟ فمن المعلوم ارتباط الشيعة في كل مكان بإيران، وحزب الله نشأ بإرادة ومعرفة إيران وسلطة القرار الإيراني عليه نافذة وهي التي تحركه. وحتى تتضح الحقيقة نفهم الإجابة مما كتبه الشيعة أنفسهم:

1- ففي كتاب (حزب الله) لنعيم قاسم نائب الأمين العام للحزب في الصفحة 72 ذكر الآتي: "أنّ الولي الفقيه هو الذى يملك قرار الحرب والسلم ـ وولاية الفقيه من أفكار الخوميني ـ ثم يذكر في صفحة 75 أنّ لاعلاقة بموطن الولي الفقيه بسلطته النافذة على الشيعة في كل أنحاء العالم" ويستطرد فيقول في ذات الصفحة: "فالإمام الخوميني كان يدير الدولة ويحدد التكليف السياسي لعامة المسلمين الشيعة في البلدان المختلفة". ومن المعلوم أنّه بعد وفاة الخوميني استلم مرشد الثورة الإيرانية على خامنائي ولاية الفقيه وهو الذي عين حسن نصر الله وكيلًا شرعيًا له ليقبض الخمس ويتصرف في مصالح الشيعة في لبنان طبقًا لأوامر الولي الفقيه خامنائي، ليتضح لنا أنّ قرار الحرب في لبنان اتخذ من طهران أو من قم كلاهما واحد وليس من بيروت.

2- في 5 سبتمبر 2006 نشر مقال لعلي نوري زاده في صحيفة الشرق الأوسط تضمن اعتراف محتشمي وزير الداخلية الإيراني بتدريب حزب الله في إيران، ومشاركتهم في الحرب العراقية الإيرانية، ومشاركتهم القوات الإيرانية قمع ثورة الأحواز العرب السنة عام 99.

3- في تصريح صحفي في مدينة بعلبك اللبنانية في 27 يناير 2007 أذاعته قناة الجزيرة، قال الأمين العام الأسبق لـحزب الله اللبناني صبحي الطفيلي: "إنّ الأمين العام الحالي للحزب الشيعي يعمل على تنفيذ الأوامر التي يتلقاها من (المرشد الأعلى للثورة الإسلامية) في إيران (علي خامئني) بـ (الحرف الواحد)".

وقال: "إنّ نصر الله يعمل على تنفيذ أجندة خامئني في لبنان تمامًا، ولا يحيد عنها قيد أنملة، مثلما يفعل الأمر ذاته عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق".

ممّا قدمنا من أقوال الشيعة أنفسهم وليس من قولنا، يتضح بلاشك أنّ قرار تحرك ميلشيات حزب إيران في لبنان لضرب السنة والاستيلاء على بيروت هو قرار إيراني صدر من طهران.

ثانيًا: لبنان تتميز بواقع متناقض ومعقد في تركيبته الطائفية والسياسية وهي تركيبة متعمدة من قبل الإستعمار سابقا، لكن الواقع الحالي يشهد تواجد لقوى لها الكلمة العليا على الوضع الداخلي والقرار السياسي في لبنان، وهذه القوى هي فرنسا المستعمر السابق والحليف الإستراتيجي والتاريخي للمارون في لبنان ثم الولايات المتحدة الأمريكية التي انتزعت كثيرًا من قوة الدور الفرنسي في لبنان وفرضت قرارها على التيار العلماني من السنة وهو ماسمى بتيار المستقبل، تيار الحريري ومعهم الدروز وطائفة كبيرة من المارون والنصارى (ولايفوتنا الإشارة إلى أنّ أهل السنة المخلصين طائفة منهم متفرقة وأخرى مغيبية ومضطهدة تماما، ويتفق على حربهم ومعاداتهم الجميع مارون - شيعة - دروز - سنة علمانيين)، والقوة الثالثة هي إيران كما أسلفنا وهي متمثلة في حزب الله الشيعي الرافضي. ومع تنامي الدور الشيعي في المنطقة على أثر صفقات إيران مع الولايات المتحدة الأمريكية في احتلال أفغانستان والعراق، أصبحت المنطقة العربية كرقعة شطرنج كبيرة عليها لاعبان هما إيران والولايات المتحدة الأمريكية، أمّا لبنان فهي رقعة شطرنج صغيرة منها تنطلق كل الألعاب الإستراتيجية في المنطقة.

ثالثًا: ماذا تريد إيران من لبنان سؤال هام؟ إجابته أنّ لبنان أرض خصبة للمشروع الشيعي الرافضي بعد التمكن من الاستيلاء على العراق وموالاة النظام العلوى النصيري لإيران يبقى مهما جدا التمدد في لبنان، ويلاحظ هنا أنّ المشروع الشيعي قديم منذ ما سمى ثورة الخومينى عام 79 فنجد أنّ حزب الله أنشأ من رحم حركة أمل الشيعية عام 82 وهذه الملاحظة نجدها في كل التكوينات الشيعية في العالم العربي خاصة لكون حزب إيران في لبنان تمت رعايته ودعمه بكافة أنواع الدعم، ولم يكن في لبنان مبرر بعد انتهاء الحرب الأهلية لحمل السلاح إلاّ المقاومة، فأعلن عن أنّ مشروع حزب إيران مشروع مقاومة ليتناغم مع محاولات الخطف الشيعي الإيراني للقضية الفلسطينية الممتدة داخل فلسطين وخارجها باللعب السياسي والإعلامي فقط (وهنا وقفة: هل السّنة لايريدون مقاومة اليهود؟!!! ولماذا كان حزب إيران للشيعة فقط ؟!! ولماذا يُمنع السنّة من القيام بعمليات مقاومة ضد العدو الصهيوني من الجنوب اللبناني؟!!).

وكان مقبولًا السكوت عن سلاح حزب إيران طالما أنّه يستخدم للمقاومة كما يعلن، لكن مع سقوط بغداد بيد خونة الرافضة واستيلائهم على الحكم وقيامهم بحملة إبادة بشعة للسنًة في العراق لم ترحم شيخ أو طفل أو امرأة، انكشف الغطاء ووضح المخطط الشيعي الطائفي الذي سارعت إيران بمحاولة تغطيته سياسيًا وإعلاميًا بضجيج مشروعها النووي الذي فرضته كورقة قوة على طاولة المفاوضات في كل مشاكل المنطقة، لكن السؤال الآخر لماذا دفعت إيران حزبها للاستيلاء على بيروت وإظهار عضلاته الآن؟

الواقع الظاهر سياسيًا يقول أنّ القيادة الإيرانية دفعت حزبها الشيعي في لبنان للتحرك بهذه الطريقة لحلحلة الوضع وتوصيل رسالة للجميع وقد دفعها إلى ذلك عدة نقاط:

1- المحتل الأمريكي بعد غرقه في العراق راجع أوراقه بمساعدة وضغط أتباعه وأصدقائه من العرب، فوجه جزءً من اهتمامه للدور الإيراني في العراق بعد أن تغاضى عنه سنوات، وذلك في تكتيك مقصود حتى يصل الطرفين إلى تسوية في ملفاتهم المتداخلة في العراق والنووي.

2- المشروع النووي الإيراني يمر بأزمة دولية وإيران رغم كل الضجيج والخدمات الإيرانية للأمريكان في العراق وأفغانستان لم تسطع تمرير المشروع لقوة التخوف الخليجي الذي استطاع أن يصل للبيت الأبيض.

3- لبنان تتواجد فيها كل القوى الدولية في المنطقة بأشكال مختلفة من إيران إلى فرنسا إلى أمريكا إلى دول عربية ذات تأثير في لبنان وكلها يضغط في اتجاه انتخاب رئيس لبنان بطريقة لايوافق عليه حزب إيران، ومايحدث في لبنان خلاف بين المشروع الإيراني الشيعي الصفوي والمشروع الأمريكي الغربي، ومع وجود حدود لبنانية مع العدو الصهيوني إيران تربك كل الحسابات في المنطقة بعملية عسكرية تعد بمثابة تهديد بإعلان حرب.

4- منذ شهرين حركت أمريكا قطع من أسطولها البحري للتمركز قرب شواطئ بيروت في رسالة واضحة لإيران وحزبها في لبنان.

لكن الحقيقة تدفعني إلى رؤية التحرك الشيعي من منظور أعمق للحقائق الآتية:

1- إنّ الشيعة يتحركون من أجل مشروعهم الشيعي بدون أدنى حرج، لذلك كان تحركهم وقتلهم اللبنانيين علنًا وهم الذين تغنوا بالمقاومة والقتال من أجل لبنان وقطع أي يد عدوان على أي لبناني ـ
الآن يقول كبيرهم أنّه سيقطع أي يد تقف أمامهم، ولايهم يد مسلمة لبنانية لايهم المهم هو تنفيذ المخطط الشيعي للفوز بلبنان شيعية في الإمبراطورية الشيعية الصفوية، وليس مهما شكل من يتولى الحكم طالما أنّه سيتجيب للقرار الشيعي، وقد كانت فضيحهتم في قتل اللبنانين مدوية وهم الذين طالما نددوا بالعنف الداخلي وقتل أبناء الوطن ولكن دماء أهل السنًة عندهم أرخص وأفضل من دماء اليهود الصهاينة ـ.

ومن الملفت أنّ خطتهم امتدت للقتل في أحياء السنًة فقط ولم تمتد إلى أحياء المارون وهم غالبيتهم من الموالاة لتكشف عن عصبية وطائفية حاقدة. وهنا لايفوتني الإشارة إلى خطاب زعيمهم نصر الله الذي توعد فيه بالضرب في عمق إسرائيل من شهرين فكان الضرب في عمق السنة في لبنان، وكذلك فعل أحمدى نجاد عندما كان يتهدد ويتوعد العدو الصهيوني بالفناء فكانت حرب الفناء الشيعية الإيرانية موجهة ضد السنًة في العراق!! إنّها التقية دين الشيعة والخيانة هويتهم منذ خيانتهم للحسين رضى الله عنه في كربلاء.

2- كان ملفتا موقف الجيش اللبناني الذي وقف على مايسمى زورًا بالحياد أمام وقائع ارتكبها الشيعة الرافضة توصف قانونًا أنّها جنائية، وفيها اختراق للسيادة اللبنانية وقلب لنظام الحكم في نفس الوقت الذي هدم فيه مخيم نهر البارد على من فيه وكله من أهل السنًة لاتهام البعض بوقائع جنائية وفيها اختراق للسيادة اللبنانية؟؟ الموقفين واحد والتصرف مختلف (بدون تعليق).

3-يبدو أنّ تجربة حماس في السيطرة على غزة ودحر العملاء قد أغرت حزب إيران بتكرارها في لبنان، ولكن شتان فالواقع والمنطق والوضع يختلف تمامًا ويبقى أنّني كتبت مقالا منذ سنتين وقت حرب حزب إيران مع العدو الصهيوني وتكلمت فيه عن سلاح حزب إيران وخطورته على السنًة في لبنان، وتكلمت عن مخطط إيران في ترسيخ دولة شيعية في لبنان وكان عنوانه "كلنا مع المقاومة" لكن ليس بأجندة حزب إيران، وهاهي الأيام تثبت المخطط الشيعي في لبنان ضد السنًة.

ولكن للأسف السنًة لم يستيقظوا بعد وقيادة تيار الحريري في لبنان برؤيتها السياسية لاتعبر مطلقًا عن المسلمين السنًة الحقيقين، وإن كان الشيعة يقتلون أتباعهم لأنّهم سنًة فقط، وأتباع تيار المستقبل غير قيادتهم تماما فهم مسلمون سنًة يبحثون عن هوية وملاذ في مجتمع سيطرت عليه قوى البغي.

وأخيرًا أقول بكل وضوح المخطط لم ينتهي بعد فهو في البداية وخطواته تمضي سواء عن طريق العمل العسكري أو نشر التشيع فكريًا أو إثارة القلاقل السياسية، وكل هذا يمضي فى بلاد العرب السنًة. وأظن أنّ الخطوة القادمة ستكون في الخليج وخاصة البحرين، ولن تنتهي تحركات الشيعة التي تستهدف السّنة التي لاعلاقة لها مطلقًا بمقاومة الطغيان الصهيوني والأمريكي كما يزعمون في شعاراتهم التي يكذبها الواقع على الأرض وصفقاتهم السرية معروفة ولم تعد تخفى، ولكن للأسف الشديد الأنظمة العربية المحسوبة على السنًة لاحركة لها غير أنّها تستعين بالعدو الأمريكي المحتل لبلاد المسلمين ولاتستعين بالله وهو مايخدع السذّج المخدوعين بحزب إيران ولاحول ولاقوة إلاّ بالله.


ممدوح إسماعيل
محام وكاتب

[email protected]








المصدر: طريق الاسلام