مشاهد ألبانية (1)
راشد بن عثمان الزهراني
سبحان الله رزقنا الله الإسلام ومن يعيننا على طاعة الرحيم الرحمن، فلماذا نفرط في الطاعة ولا نتذوق لذة العبادة؟! فقصة الحاج جعفر عبر لمن اعتبر.
فمن لم يذق لذة العبادة والطاعة فليجرب فانه لا يعدله شيء.
- التصنيفات: قصص مؤثرة -
قصة الحاج جعفر (أشرقت شمس الإسلام)
في مدينة (كفابا) في ألبانيا قابلني بفرحة عامرة ووجه مضيء وسعادة كبيرة، أقبل علي وصافحني بحرارة، وقال من أي بلدٍ أنت؟
فقلت: من السعودية. فعانقني أخرى وقبل جبيني.
فقدم لي وصاياه ورسائله ونصائحه والتي لم يكن من بينها طلبًا دنيويًا له، بل كان من بينها أن تحمدوا أيها المسلمون ربكم على نعمة الإسلام والتدين والعبادة، وأن يبذل المسؤولون همهم في نشر الإسلام والتعريف به.
أخذ الحاج جعفر والذي يبلغ من العمر ثمانين عامًا يحدثني عن المعاناة التي عاشها زمن الشيوعية وفي وقت الظالم (أنور خوجة) حدثني أنّه كان يُصلي فيأتي أطفاله الصغار يقولون له: ماذا تصنع؟ فيقول نقوم بالتمارين الرياضية لأن الشيوعيين وأعيِّن (أنور خوجة) يقومون بسؤال أبنائي وأبناء من يشكّون في انتمائهم الديني السؤال التالي: ماذا يصنع والدك ووالدتك في المنزل؟ ثم يقومون بإبادة كل من يظهر التدين والإسلام.
حدثني أنهم يقومون في شهر رمضان بمحاولة التقاط الإذاعات العربية لمعرفة دخول الشهر ويجعلون آخرين عند الأبواب حتى لا تدهمهم مجنزرات (أنور خوجة).
كان الحاج جعفر يتحدث عن الإسلام بمحبة كبيرة وفرحة عامرة، والله ما رأيت فرحة مسلم بالإسلام كما رأيتها في وجه الحاج جعفر، كان فرحًا مسرورًا وكانت عيناه تلمعان ولسانه يصدح بكلمة يكررها ويرددها ببكاء يقطع نياط القلوب:
أشرقت شمس الإسلام.
أشرقت شمس الإسلام.
كان يعلي بها صوته ويقول في عهد الشيوعية كنا نخفي الإسلام ولا نستطيع أن نعلنه للناس أما الآن فأنا أردد للدنيا والناس وكل شجر وحجر:
الله أكبر أشرقت شمس الإسلام.
ومع هذا رأى الحاج جعفر أن صوته لم يصل بعد في كل مكان فبحث عن أعلى مكان في منطقته فوجد أرضًا كان بها مصنع للخبز وبها مدخنة ترتفع عن سطح الأرض خمسًا وثلاثين مترًا فباع كل ما يملك لشراء هذه الأرض وحول جزءًا بسيطًا من المصنع إلى مسجد يتسع لعشرين مصليًا وحوّل المدخنة إلى مأذنة وقفت معه بجوارها.
وقال: أن هذه المدخنة كانت زمن الشيوعية تخرج الدخان وهي الآن تخرج (لا اله إلا الله).
لما حان وقت الصلاة أقبل الحاج جعفر يركض بشدة وبعنفوان الشباب ليتسلق المدخنة، كلما بدأ في الصعود رغبت منه النزول لئلا يسقط واشعر بالذنب، لكنه لم يبالي حتى اعتلى المدخنة وأخذ يقول بصوت عال:
أشرقت شمس الإسلام.
كان يرددها ويبكي ثم أخذ يدور في أعلى المدخنة ويصدح بكلمات التوحيد والتكبير والفلاح ثم نزل وهو يكرر:
أشرقت شمس الإسلام.
يفعل هذا الأمر وبنفس الصفة كل يوم خمس مرات حتى لفت له الأنظار وقامت القنوات العالمية بتغطية ما يقوم به.
لما نزل من المدخنة عادت إلي روحي وأنا أتأمل هذا المنظر العجيب الذي خطف كل ذرة من كياني انتبهت وأنا أقول:
ما أروع الإسلام.
وما أجمل هذا الدين العظيم.
قبلت رأس الحاج جعفر والذي أخذ يوصيني ومن معي بالتمسك بالإسلام ثم أصّر أن يعطر أسماعنا بشيء من القرآن فرحبت بذلك فأخرج مصحفًا معه عمره سبعون عامًا وقال:
هذا المصحف أنا أقرأُ فيه منذ سبعين سنة ثم قرأ سورة الضحى وهو يجهش بالبكاء وختم لقاءَه بسؤال الله أن يرزقه مرافقة النبي صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلّم في الجنة.
فقلت في نفسي سبحان الله رزقنا الله الإسلام ومن يعيننا على طاعة الرحيم الرحمن، فلماذا نفرط في الطاعة ولا نتذوق لذة العبادة؟!
قصة الحاج جعفر عبر لمن اعتبر.
فمن لم يذق لذة العبادة والطاعة فليجرب فإنه لا يعدله شيء.