أكْثِرْ من الاطِّلاعِ والتَّأمُّلِ

عائض بن عبد الله القرني

وقال أحدُ السلفِ: لي ذنبٌ منْ أربعين سنةً، وأنا أسألُ الله أنْ يغفرهُ لي، ولا زلتُ أُلحُّ في طلبِ المغفرةِ {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}.

  • التصنيفات: الزهد والرقائق -

إنَّ ممَّا يشرحُ الصدر: كثْرةُ المعرفةِ، وغزارةُ المادّةِ العلميَّةِ، واتِّساعُ الثقافةِ، وعُمقُ الفكرِ، وبُعدُ النَّظْرةِ، وأصالةُ الفهْمِ، والغوْصُ على الدليلِ، ومعرفةُ سرِّ المسألةِ، وإدراكُ مقاصدِ الأمورِ، واكتشافُ حقائقِ الأشياءِ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}، {بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ}. إنَّ العالِم رحْب الصدرِ، واسع البالِ، مطمئنّ النفْسِ، منشرحُ الخاطرِ.

يزيدُ بكثْرةِ الإنفاقِ منهُ *** وينقصُ إنْ به كفّاً شددْتا

يقولُ أحد مفكَّري الغربِ: لي ملفٌّ كبيرٌ في درجِ مكتبي، مكتوبٌ عليه: حماقاتٌ ارتكبتُها، أكتبُه لكلِّ سقطاتِ وتوافه وعثراتٍ أُزاولُها في يومي وليلتي، لأتخلَّص منها.
قلت: سبقك علماءُ سلفِ هذه الأُمَّةِ بالمُحاسبةِ الدقيقةِ والتَّنْقيبِ المُضني لأنفسِهم
 {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ}.
قال الحسنُ البصريُّ: المسلمُ لنفسِهِ أشدُّ مُحاسَبَةً من الشريكِ لشريكِهِ.

وكان الربيعُ بنُ خُثيْمٍ يكتُبُ كلامهُ من الجمعةِ إلى الجمعةِ، فإنْ وَجَدَ حسنةً حمِد الله، وإنْ وَجَدَ سيِّئةً استغفر.
وقال أحدُ السلفِ: لي ذنبٌ منْ أربعين سنةً، وأنا أسألُ الله أنْ يغفرهُ لي، ولا زلتُ أُلحُّ في طلبِ المغفرةِ {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}.