الصلاة.. يا شباب
لعل من الأصوات الجميلة التي تخرق أسماع آذاننا ذلك الصوت الهادئ العذب، وهو ينادي: "حيّ على الصلاة، حي ّعلى الفلاح"، صوت يحمل في رياحه عبق الذكريات، فكأنما بلال يحلق على أستار الكعبة لينادي المسلمين إلى الصلاة..
- التصنيفات: الحث على الطاعات - الطريق إلى الله -
الصلاة.. الصلاة.. الصلاة.
أخي الحبيب، من الأعماق أهديك حديث الحب، ومن الأخوة أهديك سلام الوّد، ووالله إني أحمل لك كل معاني الأخوة الصادقة، كيف لا؟! والله يقول {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ..} [الحجرات:10]، فإذا ضاق الصدر، وصعب الأمر، وكثر المكر، وإذا أظلمت في وجهك الأيام، واختلفت الليالي، وتغير الأصحاب، فعليك بالصلاة..
أخي الحبيب: لعل من الأصوات الجميلة التي تخرق أسماع آذاننا ذلك الصوت الهادئ العذب، وهو ينادي: "حيّ على الصلاة، حي ّعلى الفلاح"، صوت يحمل في رياحه عبق الذكريات، فكأنما بلال يحلق على أستار الكعبة لينادي المسلمين إلى الصلاة..
أخي الحبيب: هداك الله، أليس لك في رسول الله أسوةً حسنة؟ ألا تراه إذا أصابه همّ أو ألمّ به تعب قال: «يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها» (صحيح الجامع:7892)، نعم فهو القائل صلى الله عليه وسلم: «جعلت قرّة عيني في الصلاة» (صحيح الجامع:3098).
من أعظم النعم على المسلمين هذه الصلوات الخمس كل يوم وليلة، فهي كفارة لذنوبنا، ورفع لدرجتنا عند ربنا، ثم إنها علاج عظيم لمآسينا، ودواء ناجع لأمراضنا، ألا ترى هؤلاء الذين تركوا الصلاة كيف تسير حياتهم؟! فهي من نكد إلى نكد، ومن همّ إلى غمّ، ومن شقاء إلى شقاء.. {..فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:8].
اعلم هداني الله وإياك، بقدر إيمانك قوةً وضعفاً، حرارة وبرودةً، تكون سعادتك وراحتك وطمأنينتك {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:97]، ولا تكون الحياة الطيبة، إلا باستقرار النفوس بحسن موعود الله، وثبات القلوب على حب الله، وطهارة الضمائر من الانحراف والضلال، والصبر أمام الحوادث والكوارث، ابتغاءً لوجه الله، والرضى بالقضاء والقدر خيره وشره، وبداية هذا كله الشهادتين ثم الصلاة ثم الزكاة ثم الصوم ثم الحج..
فكانت الصلاة بحق عمود الدين فمن أقامها أقام الدين، فحافظ عليها في وقتها فإنها أحب الأعمال إلى الله تعالى، وأول ما يسأل العبد عنها فإن صلحت صلح سائر عمله وإلا فلا! ومن حافظ عليها حفظه الله، ومن ضيعها ضيعه الله، وكما جاء في الحديث الصحيح أن أفضل الأعمال: «الصلاة على وقتها، قيل ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قيل ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله».
فالصلاة من أكبر وسائل العون على تحصيل مصالح الدينا والآخرة، ودفع مفاسدهما،، فهي دافعة للظلم، وناصرة للمظلوم، وقامعة للشهوات، وحافظة للنعمة، ودافعة للنقمة، ومنزلة للرحمة، وكاشفة للغمة.. فلعمر الله هذا هو الحل لأزمات الناس ومشاكلهم، وهو الشفاء لأمراضهم وعللهم، لكن (الناس سكارى وما هم بسكارى) ولم يوفق إليه إلا القليل، نسأله تعالى أن نكون ممن وفق إليه.
أخي الحبيب: لِمَ ترضَ لنفسك أن تكون في مواطن الشبهات ونقاط اختلاف العلماء.. فهذا يقول عنك: "كافر" ودليله في ذلك: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (صحيح ابن حبان:1454)، وآخر يفصل بالمسأله فإن تركها جحوداً أو تكاسلاً.. والكلام يطول! [1]
فاحذر كل الحذر من التهاون فيها أو تأخيرها عن وقتها، أو تأديتها مجاملة أو خوفاً من أحد، فهذا استهزاء بالله، وخداعاً للنفس، وقد قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون:4-5]. هذا لمن أخرها، فكيف بمن تركها؟! فاتق الله عسى أن تتدارك منه رحمه، وتنال منه مغفرة.
فهيا بنا سوياً إلى رياض النعيم، إلى رب غفار رحيم، هيا بنا إلى مناجاة رب العرش العظيم، فقم وتوضأ واذهب إلى مصليك لتقف بين يديّ العزيز الغفار: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [غافر:3].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] وفي هذا تفصيل يطول ذكره، ولكن المقصود أنك مسلم، لهذا كان أولى بك ان تلتزم أركان دينك من الشهادة والصلاة، والصيام والزكاة، والحج إذا استطعت إليه سبيلاً.. فإن لم تلتزم هذه الأركان، فماذا يعني كونك مسلماً؟ وإن لم تحتكم إلى ما أنزل الله وتسير على نهج نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فيا أخي الحبيب، لقد عرفت فالزم يرحمني الله وإياك.
مهنا نعيم نجم