كيف ننصر إخواننا في غزة؟

راشد بن عثمان الزهراني

يسرح العدو ويمرح في بلاد المسلمين تقتيلًا وتشريدًا دون أن يأبه بالأصوات التي تتعالى وتطالبه بالتوقف عن عدوانه والتخلي عن نيرانه، مع أننا نملك كعرب ومسلمين من القوة ما يساعدنا على منع ظلم الظالمين وكيد المعتدين.

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:


فإنّ الناظر في أحوال الأمة يجد فيها مِصداق حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «يوشك الأممُ أن تتداعى عليكم، كما تتداعى الآكلةُ إلى قصعتِها»، فقال قائلٌ: ومن قلةٍ بنا نحن يومئذٍ؟! قال: «بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنكم غثاءٌ كغثاء السيلِ، ولينزعنَّ اللهُ من صدورِ عدوكم المهابةَ منكم، وليَقذفنَّ في قلوبِكم الوهنَ»، قال قائل: يا رسول اللهِ! وما الوهنُ؟! قال: «حبُّ الدنيا، وكراهيةُ الموتِ» (تخريج مشكاة المصابيح للألباني:5298).


نعم إن هذه الأمة بأعدادها الكبيرة لم تستطع أن توقف الآلة العسكرية الصهيونية ولا أن تحد من نشاطاتها، بل إنّ هذه الأمة تحمل سجلًا من الهزائم في معاركها السابقة مع اليهود حتى تفننّا في إطلاق ألقاب الهزيمة على حروبنا مع إسرائيل، فمن حرب النكبة عام (1948) إلى حرب النكسة عام (1956)، وما ذلك إلا بسبب تشرذم الدور العربي وتمزقه وذهاب ريحه وقوته.


أتذكر في هذا قول أحد المناضلين وهو يتحدث عن الهند إبان الاستعمار الإنجليزي، ويحث أتباعه على طرد المحتل فقال: "لو بزق الهنود بأعدادهم الكبيرة على جيش المحتل الإنجليزي لأغرقوهم"، نعم نحن أعداد كبيرة ولكننا غثاء كغثاء السيل أُلقي في قلوبنا الوهن فتعلقنا بالدنيا وكرهنا الموت.


يسرح العدو ويمرح في بلاد المسلمين تقتيلًا وتشريدًا دون أن يأبه بالأصوات التي تتعالى وتطالبه بالتوقف عن عدوانه والتخلي عن نيرانه، مع أننا نملك كعرب ومسلمين من القوة ما يساعدنا على منع ظلم الظالمين وكيد المعتدين.


وهنا ومع هذه المأساة التي نعيشها والجراح التي أثخنت والعيون التي ذهبت والأشلاء التي مزقت يأتي الحديث عن كيف ننصر غزة؟ وكيف نضمد الجراح؟ ونكفكف الدموع؟


إننا بحاجة في ظل هذه السلبيات أن نلتمس الإيجابيات والمخارج والأصوات التي تجمع ولا تفرق فنقول: لا شك أنّ أفضل الطرق وأسلمها للحدث الذي حل بإخواننا في غزة هو ما يساهم سريعًا في إيقاف العدوان وأن تتوحد الأمة العربية والإسلامية وأن يكون لها من القدرة والقوة العسكرية ما تستطيع من خلاله أن تقول للظالم كف عن ظلمك وأن تقول لمن يخطئ من بني جلدتها ويغامر كف عن خطئك وأعتقد أن هذا ما عناه سمو وزير الخارجية بمطالبته بتنسيق قوة الدفاع العربي المشترك لحماية المصالح العربية والدفاع عن الأمة العربية وإلاّ فإنّ الدول العربية ستكون ضحية طمع أعدائها أو مغامرات أبنائها وستكون الدول العربية بجامعتها لقمة سائغة للأعداء ولن يتأتى نفع هذه القوة وقبل ذلك وجودها على الأرض إلا بحسن النوايا بين الحكومات العربية.


ومن الوسائل الهامة كذلك محاولة رأب الصدع والانقسام الفلسطيني وإعادة اللحمة بين ابنائه ليكونوا صفًا واحدًا في وجه أي عدوان يحل بأهلنا في فلسطين.


كما أنني أؤكد على أهمية العودة الصادقة للدين فما أصابنا بسبب ذنوبنا ومعاصينا وقد قال مولانا جل وعلا: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران:165].

كذلك النصرة بالدعاء والمال والدواء والإعلام كذلك بالسياسة والاقتصاد وكل ما من شأنه أن ينصر الإسلام والمسلمين ويرفع الضر عن المتضررين ويكف شر الأشرار وكيد الفجار وكل ينصر بقدر قوته واستطاعته.

أسأل الله أن يفرج عن إخواننا وأن ينصرهم ويلطف بهم.