معادلة الشقاء والسعادة في الدنيا والآخرة

إن الإنسان هو الظالم لنفسه، جاءه الهدى من الله، وبين له ربه حلاله وحرامه، وأرشده إلى مسالك التقوى، وعرفه ما يكون به صلاحه في الدنيا والآخرة.

  • التصنيفات: خطب الجمعة -

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

الخطبة الأولى:

الحمد لله،

يحذر من الغفلة والنسيان، ويدعو إلى التفكر ويجعله برهان الإيمان، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال:2]. أحمده على تمكين الإنسان من تحسين حاله، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، حث على التمسك بالدين والتشبث بأذياله، وحذر من الانحراف والوقوع في أوحاله، والانغماس في حماه ووباله، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدًا عبده ورسوله، قاوم الطغيان وتمكن من قطع أوصاله، والانتصار للحق، وإزهاق الباطل واستئصاله {قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ} [النساء:170].

صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه المقتبسين من أنوار شمائله وخلاله {فَأُوْلَـَئِكَ لَهُمْ جَزَآءُ الضّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ:37].

 

أما بعــــد: فيا أيّها المؤمنون الكرام، يقول الحقّ تبارك وتعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى . قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِيَ أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً . قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه:123-126].

فما المقصود بالمعيشة الضنك؟ وما هي صنوفها التي يشهدها المعرضون عن ذكر الله؟ وماذا ينتظرهم يوم يقوم النّاس لربّ العالمين؟ وكيف للبشرية أن تحقق طمأنينتها في عالم لا طمأنينة فيه؟

أيّها المؤمنون الكرام، إنّ من خالف أمرَ الله، وما أنزله على رسوله ﷺ، وأعرض عنه، وتناساه وأخذ من غيرهِ هُدَاه، فلا طمأنينة له مدّةَ حياته، ولا انشراحَ لصدره، بل يكون صدره ضيقًا حرجًا لضلاله، وإن تنعم ظاهرُه، ولبس ما شاء وأكل ما شاء، وسكن حيث شاء، فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى، فهو في قلق وحيرة وشك، فلا يزال في ريبة يتردد {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [الزمر:22]..

ولن نجد كلمة جامعة، واصفة لحالة بعض الجماعات البشرية، وكثير من الناس اليوم كالآية التي يقول فيها عز وجل: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر:19].

 

أيّها المؤمنون الكرام، لقد حاول جماعة من الناس في المجتمعات الغربية وفي بعض مجتمعاتنا الإسلامية أن يقطعوا صلتهم بالله فأقبلوا على الحياة بنَهَمٍ، وأخذوا من لذائذها، وكانوا بتصرفاتهم هذه أشدَّ شقاء وأكثر عذابًا، كانت اللذة والمتعة سببًا لخراب أجسامهم، وانتياب العلل والأسقام، وكانت اللذة سببًا في فقدانهم التوازن الروحي الباطني، وكانت اللذة محطمة للذة.

ودعا فريق آخر إلى الأخذ بكشوفات العلم والتقنية ليكونوا مستهلكين، ينفقون ويبذرون ما تحصّل عندهم، وما قُدّر لهم أن يتحصلوا عليه. وأصبح الإنسان عبر الإغراء في دوامة تَتَبُّعِ الجديد مثقلًا بالديون، يلهث ليلًا نهارًا ويطمع أن يكسب الراحة، ولن يكسبها.

وحاولت جماعات أن تتنصل من واقعها، واتخذ الفرار من الواقع أشكالًا تختلف في المظهر، وتتّحد في التعبير عن الجحيم. قسم أقبل على المخدّرات وفرّ آخرون إلى وسائل اللهو والعبث، وتوجه آخرون إلى أوكار الرذيلة… وهذا كقوله تعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ . وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} [الزخرف:36-37].

 

صور متعددة لنسيان الإنسان لواقعه وفراره منه، ولم يمسك بخيط النجاة فترى فيه مظاهر الحزن الدائم، والكآبة المستمرة، وضيق الصدر، والضيق بالناس، وبالنفس، وبالحياة، والسخط، والغضب، والانقباض، والتشاؤم، وما إلى ذلك من عوامل اليأس والقنوط… الّتي عبّر عنها المولى عزّ وجلّ بالمعيشة الضنك. فكيف هو حاله يوم يقوم الناس لربّ العالمين؟

إنّه يرى في الآخرة ضلالًا من نوع ضلاله في الدنيا يقول تعالى: {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}، فعقابه يوم الحشر أن يكون أعمى تمثيلًا لحالته الحسية يومئذ بحالته المعنوية في الدنيا. ففي الدنيا عميت بصيرته عن الحق والذكر والخير… و في الآخرة يحشر إلى النار أعمى البصر والبصيرة كما قال تعالى: { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا ۖ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الإسراء:97]، وذلك العمي عنوانُ على غضب الله لإعراضه عن الذكر في الأولى.

 

يقف الإنسان الظالم بين يدي ربه سائلًا: {رَ‌بِّ لِمَ حَشَرْ‌تَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرً‌ا} [طه:125] فيجيبه ربه: {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه:126] فالجزاء من جنس العمل يقول تعالى: {فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَٰذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} [الأعراف:50].

إن الإنسان هو الظالم لنفسه، جاءه الهدى من الله، وبين له ربه حلاله وحرامه، وأرشده إلى مسالك التقوى، وعرفه ما يكون به صلاحه في الدنيا والآخرة، فتنكب طريق السلامة إلى طريق المهالك والخسارة، ورجح فساد أمره وحتى عاجله، وأعمى بصره وبصيرته عن الهدى قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّـهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَـٰكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [ يونس:44].

 

أيّها المؤمنون الكرام، تعرّفنا إلى المقصود بالمعيشة الضنك؟ وأصنافها الّتي يشهدها المعرضون عن ذكر الله في مدّة حياتهم، والعذاب الّذي ينتظرهم يوم القيامة، فكيف للبشرية أن تحقق طمأنينتها في عالم لا طمأنينة فيه؟

نرجئ الإجابةَ إلى الخطبة الثانية. أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَاسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ فاستغفروهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

 

الخطبة الثانية:

إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُن إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون} [ آل عمران:102]. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَ‌بَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِ‌جَالًا كَثِيرً‌ا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْ‌حَامَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَ‌قِيبًا} [ النساء:1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ‌ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70-71].

 

أمـا بـعـد: فيا أيّها المؤمنون الكرام، اتفق علماء النّفس على أن من أخطر الأمراض التي شهدها إنسان عصرنا، مرض القلق، والوحدة والاضطراب، والهلع… فيحس صاحبه أن الدنيا مقفلة عليه، وقالوا إنّ لهذا المرض إذا استفحل آثارًا عضوية تظهر على جسم الإنسان، كما تظهر في حركاته، وتصرفاته، منها سرعة نبضات القلب، والتخبط في الحركة والمشي. واستمرت جهودهم لكشف علاج ناجع، إلى أن انتهى المنصفون إلى أن العلاج الأمثل هو اللجوء إلى الدين، يقول الدكتور فرانك لوباخ العالم الألماني: "مهما بلغ شعورك بوحدة نفسك، وقلقك، فآعلم أنك لست بمفردك أبدًا، فإذا كنت على جانب من الطريق، فَسِرْ وأنت على يقين من أنّ الله يسير على الجانب الآخر".

هذه النتيجة التي وصل إليها بعض العلماء في عصرنا، تجعل المؤمن يزداد إيمانًا مع إيمانه لأن القرآن الكريم نطق بها، وقدمها للبشرية منذ عهد الرسول ﷺ، يقول تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [ الأنعام:125]، فالإنسان الذي يبتعد عن الله، ولا يؤمن بعالم الغيب بدعوى تطور العصر وتقدم العلوم، لا يعرف إلا المعيشة الضنك، وما نلحظه في حياة بعض أفراد مجتمعنا من مظاهر الحزن الدائم، والكآبة المستمرة، وضيق الصدر، والضيق بالناس، وبالنفس، وبالحياة، والسخط، والغضب، والانقباض، والتشاؤم، وما إلى ذلك من عوامل اليأس والقنوط… هي تأكيد على ضعف الرباط الديني، وسوء الظن بالله، والانصراف عن هديه، وإلا كيف يشعر بالقلق من قرأ و تدبر قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:115] وقوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [ الحديد:4]، فقد تصيب المؤمن الكآبة، وقد يعتريه الخوف، ويشعر بالضيق، ولكنها كآبة ظرفية، وحزن عارض، وضيق موقوت سرعان ما تنقشع، إذا هبت ريح الإيمان التي تجعله متيقنًا أن تدبير الله أفضل من تدبيره لنفسه، ورحمته تعالى به أعظم من رحمة أبويه به. ينظر في الآفاق فيرى آثار بره تعالى، فيناجي ربه {بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران:26]، فالخير بيديه، والشر ليس إليه، وما قد نظنه شرًا في الوجود ليس هو شرًا في الحقيقة يقول تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ عَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة:216].

 

أيّها المؤمنون الكرام إن من أهم أسباب السكينة و الراحة النفسية، شعور المؤمن بنعمة الله عليه يقول تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ} [ النحل:53]، فإذا تمَّ له أمر على ما كان يبغي ويريد، حمد الله الذي بنعمته تَتِمُّ الصالحات. وإذا خاب له رجاء، أو حدث له ما يكره بطبيعته البشرية، حمد الله على كل حال… لأنه تعلم من رسول الله ﷺ: «من أصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها» (البخاري). ولا عجب أن كانت أول آية في كتاب الله الخالد بعد البسملة، آية تشعر المؤمنين أبدًا بنعمة الله وإحسانه، وتوجههم إلى حمده وشكره {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالمَينَ}، ولا غرو أن جعل الإسلام تلاوتها فريضة يومية، يكررها المسلم ما لا يقل عن سبع عشرة مرة في صلواته الخمس.

 

أيّها المؤمنون الكرام إن خلاص البشرية من كل أمراضها، وأمنَها من كل خوف، واطمئنانَها من كلّ روع لا يتحقق إلا إذا أقامت بنيانها على أساس جامع، أعني به أن الكلَّ من الله، وأن الكل ينتهي إلى الله {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} [ البقرة:156]، وأن الإنسان بين البداية و النهاية يراقب الله ويذكره في كل آن.

 

والطمأنينة نفحة من السماء ينزلها الله على قلوب المؤمنين من أهل الأرض، يسكنوا إليها عند الخوف ويستروحوا بها عند القلق، ويقوَوْا بها عند الضعف، ويهتدوا بها عند الحيرة يقول الحق تبارك وتعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الفتح:4]، ويقول تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28].

 

عباد الله: اعلموا أن الله تبارك وتعالى قال قولًا كريمًا تنبيهًا لكم وتعليمًا وتشريفًا لقدر نبيه وتعظيمًا: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [ الأحزاب:56].

 

اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ...

 

اللهم إنا نشكو إليك ثقل الذنوب وكثرة العيوب، وخبث السرائر وفساد الضمائر وشدة الخطوب، فعاملنا بعفوك وغفرانك، وسح علينا سحائب إحسانك، ولا تؤاخذنا بجرائرنا يا أرحم الراحمين يا رب العالمين، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم أصلح من أحوالنا ما فسد، وألهمنا التوفيق والطريق الأسد، وانشر علينا من نسيم اليسر ما يريح الروح والجسد، اللهم متع بلدنا وسائر البلدان الإسلامية بطمأنينة الأمن، واجعلها في هالة السعادة اليمن، واحفظ دينك المتين بحفظك المنيع الحصين، وانصر حماته بنصرك المبين، واجعل شريعته في كنفك المكين، وذد عنها كيد الكائدين، وتحريف المبطلين الزائغين، واغفر لنا ولوالدينا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد، ربنا آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها وراحمها ومولاها، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، ربنا أرنا الحق حقًا وارزقنا اتّباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا وانصرنا على القوم الكافرين، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.

 

محمد بن التجاني المدنيني

المصدر: مجموعة مواقع مداد