ثقافة الجن والعفاريت

أحمد كمال قاسم

ﻻ يُنكِر اﻹسلام الجن ولكنه ﻻ يتحدَّث أيضًا عنهم باستفاضة بل يتناول هذا اﻷمر في كتابه الكريم في عدة مواضع تُعد على أصابع اليد الواحدة. بينما تجد مواضيعًا مثل اﻹيمان بالله والعمل في سبيله وقصص من قبلنا للعِبرة تشغل جل كلام الله المنزل إلينا. ومن المعروف أن اهتمامنا باﻷمور ينبغي أن يكون على قدر اهتمام القرآن والسنة بها...

  • التصنيفات: الواقع المعاصر -

اكتشافٌ مؤلم

كنت اتصفح موقعًا مشهورًا للفيديو وإذ بي أُفاجأ أنه يوجد أعداد طائلة من العرب يضعون مرئيات لجن وعفاريت استطاعت الكامير ادعاءًا أن تلتقط صورهم وهم يتحرَّكون.

في الحقيقة لقد صُدِمت! ليس من الموضوع نفسه ولكن من الكم الهائل من المشاركات التي تتناول نفس الموضوع. لقد كاد أن يصيبني اليأس من إصلاح هذه اﻷمة لوﻻ أن تذكرت أن اليأس ليس من شيم المؤمن.

قال تعالى: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87].

موقف اﻹسلام:

1- ﻻ يُنكِر اﻹسلام الجن ولكنه ﻻ يتحدَّث أيضًا عنهم باستفاضة بل يتناول هذا اﻷمر في كتابه الكريم في عدة مواضع تُعد على أصابع اليد الواحدة. بينما تجد مواضيعًا مثل اﻹيمان بالله والعمل في سبيله وقصص من قبلنا للعِبرة تشغل جل كلام الله المنزل إلينا. ومن المعروف أن اهتمامنا باﻷمور ينبغي أن يكون على قدر اهتمام القرآن والسنة بها.

2- يوضِّح القرآن أننا ليس في استطاعتنا رؤيتهم وهذا من رحمة الله بنا لنتفرغ لعبادته والجهاد، في سبيله.

قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف:27].

ملاحظة: ﻻ يجب الخلط بين الجهاد والقتال - حيث أن القتال حالة خاصة جدًا من الجهاد الذي له معانٍ وشُعب كثيرة.

3- إن اﻻنشغال بهذه اﻷمور عن خدمة اﻹسلام لهي خيانة كبرى لدين الله. كما أنها صد عن سبيل الله لمن أراد أن يعرف اﻹسلام عن طريق حال المسلمين.

قال تعالى: {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} [الزخرف:37].

خطأ شائع في التفكير: رد الفعل العكسي

كثير ممن يدَّعون الثقافة والعقل - يقعون في فخ فكري مشهور وهو إنكار ما جرى على ألسنة العامة وذلك لسببين:

أ- الكِبر واعتقادهم أنهم باعترافهم ببعض ما يقوله العامة أصبحوا مثلهم في جهلهم.

ب- الحكم المنطقي الخاطئ بأن كل ما يؤدي إلى التخلُّف فعكسه صحيح. فهم يتبعون منطق اﻷبيض واﻷسود وﻻ يعرفون الوسطية والتي تميز بها اﻹسلام.

وأدَّى رد الفعل العكسي هذا إلى إنكار كثير من المتعلمين والمثقفين وجود الجن والملائكة بالكلية

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة:8].

ألم يأن لنا أن نكون خير أمة كما أمرنا الله؟!

مقومات خيرية اﻷمة:

قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران:110] صدق الله العظيم.

1- اﻹيمان بالله -وضعف اﻹيمان بأن كثير من المسلمين أصبحوا يخافون الجن والعفاريت مع أن الخوف من غير الله فيه شبهة شرك به.

2- اﻷمر بالمعروف "من المعروف أن نكون سادة العالم روحيًا وأخلاقيًا وعلميًا، -عِلمًا نظريًا أم تجريبيًا-".

3- النهي عن المنكر "لقد تشبَّعت مجتمعاتنا بالمنكر وقلَّ النهي عنه ولم يظهر الحياء -بل الخجل، فالحياء كله خير- إﻻ في النهي عن المنكر! فانتفت صفة المنكر عنه ﻷنه لم يعد يُنكر! وما هو ليس منكر يصير مع اﻹلف والتعود معروفًا".

والله أعلم.
 

 

 

 

 
 
 
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام