(12) العلاقة بين العالِم والحاكِم
راغب السرجاني صلاح الدين سلطان
في هذه الحلقة صور ربانية توضح العلاقة بين العلماء والحكام، وخطوات عملية لتربية العالم الرباني... وهنا ملخص ما جاء في هذه الحلقة
- التصنيفات: دعوة المسلمين -
بسم الله الرحمن الرحيم
د. صلاح:
هناك علاقة غير سوية بين العلماء والحكام وليست العلاقة التي يمكن أن نقول أنها تنتج رؤية واحدة في اتجاه واحد، والتغيير لن يأتي أبدًا إلا بالتحام أولي الأمر بنوعيهم العلماء والأمراء.
د. راغب:
وعندما يتكلم أحدنا في قضية نُصح العالِم للحاكم يكون المستفيد الأول من هذه القضية هو الحاكم، فهذا الحاكم إن كان سيسأل عن أمة كاملة وقد يعذب بها أبد الآبدين إن ظلم، هو في نفس الوقت مؤهل ليكون في ظل عرش الرحمن يوم ﻻ ظل إلا ظلّه، وهذه مكانة سامية جدًا.
د. صلاح:
والعدل أساس الملك حتى عند غير المسلمين، ابن خلدون يقول: "دولة الإسلام بالظلم تزول ودولة الكفر بالعدل تطول" فأصبح العدل هو الميزان.
د. راغب:
هذه المفاهيم هي سنن، وأول من يضيع إذا ضاعت هذه المفاهيم هو الحاكم، فهو يحمل من العذاب أكثر من أقوامه.
إن إقامة علاقة حميدة وسوية بين العالِم والحاكم المستفيد الأول منها هو الحاكم، ولا ينبغي للحاكم أن يغضب من هذه الدعوات التي تأمر بالنصح والإرشاد فهو كمن في صحراء تائه فأرسلت له دليلًا يقول له الطريق من هنا وإلى هنا، حتى يصل إلى بر الأمان.
وفرعون مهما طال عمره فهو يموت في النهاية، ومهما اتسع ملكه فهو يتركه في النهاية، وهنا لانقصد الحاكم الأعلى فقط، بل كل من حكم على قوم ممكن سواء حاكم في محافظة أو إدارة أو أي مسؤول.
إن العالِم الذي يشعر بدوره ناحية الحاكم هو في المقام الأول يفيد الحاكم وينصحه لأجل مصلحة الحاكم، ثم إن العالِم يستفيد لأنه قَدَّم النصيحة في محلها وأدى الدور الّذي أوكله الله عزَّ وجلَّ إليه، وبهذا تنصلح الأمة الإسلامية والعالم أجمع.
وكان الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله يقول: إن علاقتك بالحاكم تكون على 3 وجوه: "إما أن يدخل عليك وهذا أهونها، وإما أن تدخل عليه وهذا أشرها، والوسط بين ذلك أن تكون العلاقة حسب الحاجة".
د. صلاح:
أي تصبح العلاقة تناصح في الله مع زهادة فيما عنده، فإذا ذهب إلى الحاكم بهذا الاعتزاز بدينه فإنه سيكون دعمًا للحاكم، ناصحًا له، ودعمًا للأمة أيضًا، أما إن كان يذهب إلى الحاكم وهو يطمع في منصب، أو لمصالح شخصية أو يطمع في مال فلن يستطيع أن يقول الحق كاملًا أبدًا.
د. راغب:
وكلما كان العالم موصولًا بالله، وكلما كانت خشيته القلبية عالية لله عزَّ وجلَّ وكلما كان يقوم الليل ويذكر الله عزَّ وجلَّ بالنهار ويقرأ القرآن وعلى دوام الصلة بالله عزَّ وجلَّ، كلما سَهُلَ عليه أن يقوم بهذه المهمة، وكلما ابتعد عن الله كلما صَعُبَت عليه هذه المهمة.
د. صلاح:
نريد أن يبدأ العالِم الرباني بأن يكون الناصح الأمين الذي يريد وجه رب العالمين، وعلينا جميعًا أن نتضافر على إيجاد عالِمًا ربانيًا بهذا الإعداد التربوي العملي الدقيق الذي عنوانه {إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [التوبة من الآية:59].
لسماع هذه الحلقة: العلاقة بين العالم والحاكم