المصابين بالفتور

ناصر بن سليمان العمر

الفتور مرحلة وسطية بين العبادة والدعوة والعلم والانحراف، قل أن تجد إنسان عابدًا وداعية ومعلمًا أو متعلمًا وينحرف مباشرة، أقول: موجود، ولكنه قليل جدًا.

  • التصنيفات: أعمال القلوب -

رابعًا: أقسام المصابين بداء الفتور


المصابون بداء الفتور ثلاثة أقسام:

القسم الأول: قسم يؤدي بهم الفتور إلى الانقطاع كلية، وهم كثير، قسم يؤدي بهم الفتور إلى الانقطاع يكون من العباد، فيترك العبادة يكون من طلاب العلم الجادين، فيترك طلب العلم، يكون من الدعاة المعروفين، فينقطع نشاطه.

 

النوع الثاني: قسم يستمر في حالة الضعف والتراخي دون انقطاع، وهم الأكثر، أكثر من يصاب بالفتور يبقى معه بعض الأثر من جده ونشاطه، ولكن ينخفض نشاطه وعلمه وجده كثيرًا إلى أكثر من نسبة سبعين أو ثمانين بالمائة، إذا أردنا أن نستخدم نسبة الأرقام.

هؤلاء هم الأكثر بحيث تجد أن الشخص من الدعاة، أو من طلاب العلم، فبدل أن كان عنده مثل خمسة دروس في الأسبوع إذا هو يقتصر على درس واحد، بدل أن كان يعمل في اليوم قرابة عشر ساعات إذا هو يعمل ساعة أو أقل، وهلم جرا، بدل إن كان ينفق في سبيل الله كثيرًا إذا هو لا ينفق إلا القليل، هذا هو النوع الثاني.

 

النوع الثالث: قسم يعود إلى حالته الأولى، أو بعبارة أصح إلى قرب حالته الأولى؛ لأنه قليل أو نادر أن يعود إلى حالته الأولى، قسم يعود إلى قرب حالته الأولى وهم قليل جدًا؛ لأن أثر الفتور قد يبقى، ويؤثر في الإنسان.

 

أدلة الفتور من الكتاب والسنة:

وأريد أن أشير قبل أن أتجاوز أقسام الناس في الفتور إلى أن هناك قسم بعض الناس يؤدي به الفتور والعياذ بالله إلى الانحراف، ولكن لم أتحدث عن هذا النوع؛ لأن غالبًا النوع الذي يؤدي به الفتور إلى ترك العمل هم منهم قسم كبير يؤدي بهم الأمر إلى الانحراف والعياذ بالله فقد رأينا أناسًا كانوا في غاية النشاط، والعبادة والصلاح، ورأيناهم بعد حين، وقد انحرفوا عن الجادة والعياذ بالله.

لا زلت أتذكر شابًا، دخلت في مسجد من المساجد في يوم من الأيام قبل صلاة المغرب، فإذا هو في المسجد عليه آثار الانكسار والذل والخشوع بين يدي الله وآثار العبادة عليه بادية، فوالله لقد أثر علي مشهده ومنظره، ثم مضت السنوات فرأيته، وليتني لم أره رأيته شابًا قد وقع فيما يغضب الله جل وعلا وانحرف، نسأل الله الثبات والعافية.

أنا لا أتحدث هنا عن الانحراف، ولكنني أنبه إلى أن الفتور من أعظم أبواب الانحراف.

إن الفتور مرحلة وسطية بين العبادة والدعوة والعلم والانحراف، قل أن تجد إنسان عابدًا وداعية ومعلمًا أو متعلمًا وينحرف مباشرة، أقول: موجود، ولكنه قليل جدًا.

إن ما يحدث أن يفتر أولًا، أن يضعف أولًا، ويعيش سنوات في ضعف، ثم الإنسان لا يستقر على حالة واحدة، إن لم يتداركه الله برحمته، ويعود يستمر في الانحدار حتى يقع في الانحراف والعياذ بالله.

----------------------------

من كتاب "الفتور" للشيخ "ناصر بن سليمان العمر"