ثمراتُ الرِّضا اليانعة (3)

عائض بن عبد الله القرني

ومنْ لم يرض بالعدلِ، فهو منْ أهلِ الظُّلمِ والجوْرِ. واللهُ أحكمُ الحاكمين، وقدْ حرَّ الظلُّمَ على نفسِه، وليس بظلاَّمٍ للعبيدِ، وتقدَّس سبحانه وتنزَّه عنْ ظُلْمِ الناسِ، ولكنّ أنْفُسهم يظلمون.

  • التصنيفات: الزهد والرقائق -
  • لا تُخاصِم ربَّك : والرضا يخلِّصُ العبد منْ مُخاصمةِ الربِّ تعالى في أحكامِه وأقضيتِه. فإنَّ السُّخط عليهِ مُخاصمةٌ له فيما لم يرض به العبدُ، وأصلُ مخاصمةِ إبليس لربِّه: منْ عَدَمِ رضاه بأقْضِيَتِه، وأحكامِه الدِّينيِة والكونيِة.

    وإنَّما ألحد منْ ألحدَ، وجَحِدَ منْ جحد لأنهُ نازعَ ربَّه رداء العظمةِ وإزار الكبرياءِ، ولم يُذعِنْ لمقامِ الجبروتِ، فهو يُعطِّلُ الأوامر، وينتهِكُ المناهي، ويتسخَّطُ المقادير، ولم يُذعِنْ للقضاءِ.
     
  • حُكْمٌ ماضٍ وقضاءٌ عَدْلٌ : وحُكمُ الرَّبِّ ماضٍ في عبدِه، وقضاؤُه عدْلٌ فيه، كما في الحديثِ: «ماضٍ فيَّ حكمُك ، عَدْلٌ في قضاؤك».

    ومنْ لم يرض بالعدلِ، فهو منْ أهلِ الظُّلمِ والجوْرِ. واللهُ أحكمُ الحاكمين، وقدْ حرَّ الظلُّمَ على نفسِه، وليس بظلاَّمٍ للعبيدِ، وتقدَّس سبحانه وتنزَّه عنْ ظُلْمِ الناسِ، ولكنّ أنْفُسهم يظلمون.

    وقولُه : «عَدْلٌ في قضاؤك» يَعُمُّ قضاء الذنبِ، وقضاء أثرِهِ وعقوبتِه، فإنَّ الأمرينِ منْ قضائِه عزَّ وجلَّ، وهو أعدلُ العادلين في قضائِه بالذنبِ، وفي قضائِه بعقوبتِه.
    وقد يقضي سبحانه بالذنبِ على العبدِ لأسرارٍ وخفايا هو أعْلَمُ بها، قد يكونُ لها من المصالحِ العظيمِة ما لا يعلمُها إلا هُو.