(27) الوقفة الرابعة والعشرون: تأصيل مبدأ التناصح
عبد العزيز بن محمد السدحان
- التصنيفات: تربية النفس -
تحقيق مبدأ النصح بصدق وإخلاص، والأدلة في هذا الباب كثيرة وأشهرها حديث تميم الداري عن النبي صلى الله عليه وسلم: « » (مسلم). وهذا الأسلوب هو ما يسميه أهل العلم: (إطلاق الكل على الجزء) لبيان أهمية ذلك الجزء كقوله صلى الله عليه وسلم: « » (الترمذي) مع أن الحج يشمل عرفة ومزدلفة ومنى والسعي والطواف ونحوه من أعمال الحج، لكنه خص عرفة بالذكر لأهميتها، وخص (النصح) بالذكر لأهميته.
وأيضًا من أهمية النصح أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم على (النصح لكل مسلم). وتتأكد النصيحة إذا طلبها منك أخوك المسلم. وقد كان مبدأ التناصح مفعلا في جميع شؤون الصحابة؛ فكانت النصيحة سببا في إيصال الحق وإزالة التشاحن والبغضاء ويجمع ذلك التقرب بالنصح إلى الله جل وعلا.
وأنا أنصح نفسي وكل أخ حمل في نفسه شيئًا على أخيه أن يبادره بالنصيحة ولا يكتفي أن يكتب ورقة يثرب فيها على أخيه ويلومه ويعتقد أن هذا مبرئ لذمته وقد يكون الحق مع أخيه. ومن أعظم الإيمان إزالة الشحناء والبغضاء بين النفوس. وإن الإنسان ليعجب أن يبلغه خبر أخوين تشاحنا وتنافرا بعد أن كانا كالظل مع الشاخص، فإذا جمعهما أو سمع كل منهما وجد أن الأمر كسراب بقيعة لا يستحق أن يُذكر. فالحذر كل الحذر من الهجران وعدم التناصح.
أيضًا تأكيدًا لهذا قد تكون المناصحة ترجع المحبة أقوى من ذي قبل وقد تجعل الأخوين أكثر تقاربًا وأكثر تحابًا، وقد ورد عن علي رضي الله عنه قال: "أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما". فالقصد أن الإنسان إذا أبغض فليتق الله أن يكون بغضه لأخيه أو تشنيعه لأخيه لمجرد كلام سمعه، فعليه أن يتثبت أولًا.
ملخص من كتاب: وقفات منهجية تربوية من سير الصحابة.