اللهُ وليُّ الذين آمنُوا (2)
عائض بن عبد الله القرني
فإنَّ حقيقة العبدِ قلبُه ورُوحُه، وهي لا صلاح لها إلا بإلهها اللهِ الذي لا إله إلا هو، فلا تطمئنَّ في الدنيا إلا بذكْرِه، وهي كادحةٌ إليه كدْحاً فمُلاقيتُه، ولابُدَّ لها منْ لقائِه، ولا صلاح لها إلا بلقائِهِ.
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
واعلمْ أنَّ فقر العبدِ إلى اللهِ، أنْ يعبد الله لا يُشركُ به شيئاً، ليس له نظيرٌ فيُقاسُ به، لكنْ يُشبِهُ – منْ بعضِ الوجوهِ – حاجة الجسدِ إلى الطعامِ والشرابِ، وبينهما فروقٌ كثيرةٌ.
فإنَّ حقيقة العبدِ قلبُه ورُوحُه، وهي لا صلاح لها إلا بإلهها اللهِ الذي لا إله إلا هو، فلا تطمئنَّ في الدنيا إلا بذكْرِه، وهي كادحةٌ إليه كدْحاً فمُلاقيتُه، ولابُدَّ لها منْ لقائِه، ولا صلاح لها إلا بلقائِهِ.
ومنْ لقاء اللهِ قد أحبَّا *** كان له اللهُ أشدَّ حُبّا
وعكسُه الكارِهُ فالله اسألْ *** رحْمتهُ فضلاً ولا تتكِلْ
ولو حصل للعبد لذَّاتٌ أو سرورٌ بغيرِ اللهِ، فلا يدومُ ذلك، بلْ ينتقلُ منْ نوع إلى نوع، ومنْ شخصٍ إلى شخصٍ، ويتنعَّمُ بهذا في وقتٍ وفي بعض الأحوالِ، وتارةً أُخرى يكون ذلك الذي يتنعَّمُ به ويلتذُّ، غير منعّمٍ لهُ ولا ملتذٍّ له، بلْ قد يُؤذيهِ اتّصالُه به ووجودُه عنده، ويضرُّه ذلك.
وأمّا إلههُ فلابُدَّ لهُ منه في كلِّ حالٍ وكلِّ وقتِ، وأينما كان فهو معه.
عساك ترضى وكلُّ الناسِ غاضبةٌ *** إذا رضيت فهذا مُنتهى أملي
وفي الحديثِ: «
». ولا زلتُ أذكرُ قصَّة (العكوَّك) الشاعرِ وقدْ مدح أبا دلفٍ الأمير فقال:ولا مددْت يداً بالخيرِ واهِبةً *** إلاَّ قضيت بأرزاقٍ وآجالِ
فسلَّط اللهُ عليهِ المأمون فَقَتَلَه على بساطِهِ بسببِ هذا البيت {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}.