الوَسَطِيَّةُ نجاةٌ من الهلاك

عائض بن عبد الله القرني

منْ سعادتِك أنْ تغْلِب صفاتُ الخيرِ فيك صفاتِ الذَّمِّ، فيُساقُ إليك الثناءُ حتى على شيءٍ ليس فيك، ولم يقْبَلِ الناسُ فيك ذمّا ولو كان صحيحاً، لأنَّ الماء إذا بلغ قُلَّتين لم يحملِ الخبث. إنَّ الجبل لا يزيدُ فيه حجرٌ ولا ينقصهُ حَجَرٌ.

  • التصنيفات: الزهد والرقائق -
  • الوَسَطِيَّةُ نجاةٌ من الهلاك: تمامُ السعادة مبنيٌّ على ثلاثةِ أشياء:

1. اعتدالِ الغضبِ.
2. اعتدالِ الشهوةِ.
3. اعتدالِ العِلْمِ.

فيحتاجُ أن يكون أمرُها متوسِّطاً، لئلاَّ تزيد قوةُ الشهوةِ، فتُخرِجه إلى الرُّخصِ فيهلِك، أو تزيدُ قوةُ الغضبِ، فيخرُج إلى الجموحِ فيهلك. «وخيرُ الأمورِ أوسطُها».
فإذا توسَّطتِ القُوَّتانِ بإشارة قوَّةِ العِلْمِ، دلَّ على طريقِ الهدايةِ.
وكذلك الغضبُ: إذا زاد، سهُل عليهِ الضرْبُ والقتلُ، وإذا نقص، ذهبتِ الغيرةُ والحميَّةُ في الدينِ والدنيا، وإذا توسَّط، كان الصبرُ والشجاعةُ والحِكْمةُ.
وكذلك الشهوةُ: إذا زادتْ، كان الفِسْقُ والفجورُ، وإنْ نقصتْ، كان العَجْزُ والفتورُ، وإن توسَّطتْ، كانتِ العفةُ والقناعةُ وأمثالُ ذلك.
وفي الحديثِ «عليكم هدْياً قاصِداً»، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً}.
 

  • المرءُ بصِفاتِهِ الغالِبة: منْ سعادتِك أنْ تغْلِب صفاتُ الخيرِ فيك صفاتِ الذَّمِّ، فيُساقُ إليك الثناءُ حتى على شيءٍ ليس فيك، ولم يقْبَلِ الناسُ فيك ذمّا ولو كان صحيحاً، لأنَّ الماء إذا بلغ قُلَّتين لم يحملِ الخبث. إنَّ الجبل لا يزيدُ فيه حجرٌ ولا ينقصهُ حَجَرٌ.

    طالعتُ هجوماً مقذعاً في قيسِ بن عاصم حليمِ العربِ، وفي البرامكةِ الكرماء، وفي قُتيْبة بن مسلمٍ القائدِ الشهيرِ، ووجدت أنَّ هذا الشتْم والهجْو، لم يُحفظْ ولم يُنقلْ ولم يُصدِّقْه أحدٌ، لأنه سقط في بحرِ المحاسنِ فغرق، ووجدتُ على الضِّدِّ منْ ذلك مدْحاً وثناءً في الحجَّاج، وفي أبي مسلمٍ الخراساني، وفي الحاكم بأمر الله العُبيْدِي، ولكنَّه لم يُحفظْ ولم يُنقلْ ولم يُصدِّقه أحدٌ، لأنه ضاع في ركامِ زيفِهم وظلمِهم وتهوًّرِهم، فسبحان العادلِ بين خلْقِهِ.