استجمامٌ يُعين علىُ مُواصلةِ السَّيْرِ (1)
عائض بن عبد الله القرني
وميزةُ الإسلامِ على سائر الأديانُ أنه دينُ فطرةٍ، وأنه وَسَطٌ، وأنه للرُّوحِ والجسمِ، والدنيا والآخرةِ، وأنه ميسرٌ {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}.
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
من المعلومِ أنَّ في الشريعةِ سَعَةً وفُسحةً، تُعينُ العبد على الاستمرار في عبادتِه وعطائِه وعملِه الصالحِ، فرسولُنا صلى الله عليه وسلم كان يضحكُ {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}، وكان يمزحُ ولا يقولُ إلا حقّاً، وسابق عائشة رضي اللهُ عنها، وكان يتخوَّلُ الصحابة بالموعظةِ، كراهِية السَّآمِة عليهم، وكان ينهى عن التَّعمُّق والتَّكلُّفِ والتشديدِ، ويُخبرُ أنه لن يُشادّ الدِّين أحدٌ، إلا غَلَبَهُ، وفي الحديثِ أنَّ الدين متينٌ، فأوغِلُوا فيه برفْقٍ.
وفي الحديثِ أيضاً أنَّ لكل عابد شِرَّةً، وهي الشّدَّةُ والضَّراوةُ والاندِفاعُ. ولا يلبثُ المتكلِّفُ إلا أنْ ينقطع، لأنه نظر إلى الحالةِ الراهنةِ ونسي الطوارئ وطُول المُدَّة وملالة النَّفْس، وإلاَّ فالعاقلُ له حدٌّ أدنى في العملِ يُداومُ عليه، فإنْ نشط زاد، وإنْ ضعف بقي على أصلِه، وهذا معنى الأثر منْ كلامِ بعضِ الصحابة: إنَّ للنفوسِ إقبالاً وإدباراً، فاغتنموها عند إقبالها، وذرُوها عند إدبارِها.
وما رأيتُ نفراً زادُوا في الكْيلِ، وأكثَرُوا من النوافل، وحاولوا أنْ يُغالوا، فانقطعُوا وعادُوا أضْعفَ ممَّا كانوا قبْلَ البدايةِ.
والدِّينُ أصلاً جاء للإسعاد {مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى}. وقد لام اللهُ قوماً كلَّفُوا أنفُسهم فوق الطَّاقةِ، ثم انسحبوا منْ أرضِ الواقع ناكثِين ما ألزمُوا أنفسهم به {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا}.
وميزةُ الإسلامِ على سائر الأديانُ أنه دينُ فطرةٍ، وأنه وَسَطٌ، وأنه للرُّوحِ والجسمِ، والدنيا والآخرةِ، وأنه ميسرٌ {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}.