(31) الوقفة الثامنة والعشرون: حب الجهاد
عبد العزيز بن محمد السدحان
- التصنيفات: فقه الجهاد - سير الصحابة -
كان من منهج الصحابة رضي الله عنهم حب الجهاد والاستماتة في طلبه وطلب الشهادة فيه، وهذا تمثل منهم واستشعار لما ذكره الله تعالى في القرآن الكريم ولما سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم من كثرة النصوص وعظيم الجزاء المترتب على فضل الجهاد ونيل الشهادة.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الموت في سبيل الله.
» (متفق عليه). هذا منه صلى الله عليه وسلم تنويه على عظم أجر
والفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع ما له من المنزلة في الإٍسلام والشهادة له بالجنة كان يقول: "اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك". فقالت تبنته حفصة رضي الله عنها: أنى لك هذا؟ -يعني كأنها تقول: إنك مشغول بقيادة الناس ومعلوم أن الخليفة هو الذي يسير الجيوش ويبقى في مكانه يوجه الناس ويستقبل أخبارهم- فلما قالت له ذلك، قال: "يأتي بها الله إن شاء الله"، فرزقه الله تعالى شهادة في بلد رسوله؛ بل في مصلاه صلى الله عليه وسلم.
وصفحات التاريخ تحدثنا أن صغار الصحابة ناهيك عن كبارهم سبقت هممهم أعمارهم، فعُمير بن أبي وقاص رضي الله عنه كان صغيرًا لدرجة أن حمائل السيف كانت لا تنعقد عليه، وهذا أسامة بن زيد يقود جيشًا فيه من يكبره سنًا وعلمًا وفضلًا.. فدلّ هذا على فضل هذه الشعيرة.
إلا أن المتتبع لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وتاريخ الصحابة يجد أن الجهاد له أوقات؛ فشرعية الجهاد وحصول الأجر عليه له شروط وضوابط، ولا بد لها من قرائن.. أما مجرد المجازفة بالدعوة إلى الجهاد دون النظر في حال المسلمين واستعدادهم وقوتهم، فهذا خلاف الأدلة الشرعية.
ومن أنواع الجهاد الذي عمل به الصحابة رضي الله عنهم جهاد النفس وأطرها على طاعة الله تعالى، والله تعالى يقول: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت:69]، وهذه الآية تشمل جميع أنواع الجهاد:
النوع الأول: في الذروة الأولى هو قتال الكفار لنصر الإسلام.
النوع الثاني: جهاد الجوارح والنفس وكفها عن معصية الله.
من كتاب: وقفات منهجية تربوية دعوية من سير الصحابة.