وفي داخل الكهف رحمة
سلطان بن عبد الله العمري
عندما تسبح في معاني القرآن، وتستظل في ظلاله سوف تتذوق جمال هذا الكتاب العظيم، وتعال معي في هذه الآية التي نقرأها كل جمعة من سورة الكهف: {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا} [الكهف:16].
- التصنيفات: ترجمة معاني القرآن الكريم -
عند ما تسبح في معاني القرآن، وتستظل في ظلاله سوف تتذوق جمال هذا الكتاب العظيم، وتعال معي في هذه الآية التي نقرأها كل جمعة من سورة الكهف: {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا} [الكهف:16].
فتأمل: عند ما اعتزل الفتية قومهم المشركين وتركوا الاختلاط بهم بعد أن دعوهم إلى عبادة الله وحده، حينها توجه الفتية إلى الكهف، وأنت تعرف ما معنى الكهف -مغارة في جبل- فيدخل أولئك الفتية في الكهف فرارًا بدينهم واعتزالاً للكفر وأهله، وإيثارًا للدين الصحيح والتوحيد الخالص؛ وفي ذلك الكهف الذي ليس فيه أي مقوم من مقومات الحياة أو ركيزة من ركائز السعادة.
بل.. هو (مخيف) ومأوى للهوام -غالبًا- ولكن عناية الله ولطفه لها بُعد آخر، قال الله تعالى: {يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} [الكهف:16]، فتدبر: (ينشر) والنشر يوحي لك بشيء كثير وواسع من (الانتشار).
- (ربكم) الذي آثرتموه وآمنتم به وهجرتم الكفر وأهله من أجله، فهو (ربكم) ومولاكم الذي سيعتني بكم، وينزل عليكم لطائفه ومواهبه حتى لو كان منزلكم كهف.
- (من رحمته) نعم؛ لأنه الرحمن، وهو الرحيم بأصحاب الإيمان والمنهج الحق، كما قال تعالى: {وَكَانَ بِالمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:43]، فيا سبحان الله! لعل الفتية لما دخلوا الكهف لم يكن في حسبانهم تلك الهدايا الربانية التي ستنتشر لهم في ذلك الكهف.
وهكذا نقول لمن قام بواجب الدعوة إلى الله وإعلاء المنهج الحق، ووالى في الله وعادى في الله؛ فحين يُصاب هذا بفتنة، نقول له: "لا تحزن" فسينشر لك ربك من رحمته، وستجد لطائف المعاني القلبية، وستتذوق طعمًا للإيمان والاتصال بالرحمن.
اللهم اجعلنا من الدعاة الصادقين الصابرين.