استحوذ عليهم الشيطان
حامد بن عبد الله العلي
- التصنيفات: الزهد والرقائق - تزكية النفس -
القلب أيها الأخ الكريم هو موضع الإرادة في الإنسان ، فهو أحيانا يريد الخير ، وأحيانا يريد الشر ، والجوارح ليست سوى جنود تطيعه على وفق ما فيه من الإرادة .
والفرق بين الملتزمين بالطاعة وبينك ، أن الملتزمين قلوبهم تريد الخير إرادة جازمة ولهذا فجوارحهم تطيع هذه الإرادة فهم مستقيمون على طاعة الله تعالى ، وأما أنت فقلبك يعلم الخير و الشر ، ويفرق بين الحسنات والسيئات ، ولكنه لا يستطيع أن يريد الخير ، فتجده يريد الشهوات ، مع أنه يعلم أنها تضره ، فيأمر الجوارح فتطيعه ، ولكن ما هو السبب ؟
السبب هو أن القلب المحصن من الشيطان ، تسهل عليه إرادة فعل الخيرات لانه قلب صحيح قوي ، والقلب الذي يمكن الشيطان أن يدخله فيتجول فيه كما يشاء ، يتوصل الشيطان بسهولة أن يجعل فيه إرداة السيئات ، بعدما يزينها له ، لانه قلب مريض مليء بالجراثيم الشيطانية.
ومن الناس من لا يدخل الشيطان قلبه إلا مرورا سريعا ، لقوة التحصينات حوله ، فهذا مثل الذين يفعلون الصغائر أحيانا وسرعان ما يتوبون منهــا ، وهم الذين قال الله تعالى عنهم { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} ، ومن الناس من لا يقترب الشيطان من قلبه أبدا ، لان قلبه مثل السماء المحروسة بالشهب من الشياطين ، فقلبه كذلك محروس من الشيطان ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا القلب « » رواه مسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه ، ومن الناس من دخل الشيطان قلبه ، فاتخذ فيه بيتا ، وجعل له فيه عشا يبيض فيه ويفرخ ، فاستحوذ عليه ، يأمر القلب بالشهوات المحرمة ، فيريدها قلبه ، فيأمر الجوارح بفعلها فتفعله ، لان الشيطان وجده قلبا خاليا عن التحصينات ، مفتح الأبواب ، ضعيفا مريضا بفعل السيئات ، ولهذا قال الله تعالى عن هذا النوع {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ} ، لأن ذكر الله تعالى هو الحصن من الشيطان ، فأنساهم إياه ليستحوذ على قلوبهم فيقودها لتنقاد جوراحهم له تبعا.
والقلب لا يحصن من الشيطان إلا بذكر الله تعالى ولا يقوى على إرادة الخير إلا بالعمل الصالح ، ولا يغلبه الشيطان إلا إن كان غافلا عن ذكر الله تعالى ، ضعيفا بسبب فعل السيئات والمنكرات.