بيت في ظلال الإسلام

وإن الحياة الزوجية بحقوقها وواجباتها والتزاماتها لتمثل بناءًا ضخمًا جميلًا يعجب الناس منظره.

  • التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله اللهم لك الحمد كله، ولك الشكر كله وإليك يرجع الأمر كله، اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا حمدًا يفوق حمد الحامدين، وهتافات الذاكرين وتمجيد الممجدين، الحمد لله حمدًا لا يبلى جديده، ولا يحصى عديده، ولا تبلغ حدوده.


لك الحمدُ حمدًا نستلذُّ به ذكرًا *** وإن كنتُ لا أحصي ثناءً ولا شكرًا
لك الحمدُ حمدًا طيبًا يملا السما *** وأقطارها والأرضَ والبرَّ والبحرًا
لك الحمدُ حمدًا سرمديًا مباركًا *** يقلُُّ مدادُ البحرِ عن كنههِ حصرًا
لك الحمدُ تعظيمًا لوجهكَ قائمًا *** يخصكَ في السراءِ مني وفي الضرا


وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:


إخوة الإيمان والإسلام: القرآن يقرر أن الناس من أصل واحد، وهم أبناء الأسرة الأولى: أسرة آدم وحواء، وقد شاء الله أن يجعل البشر جميعًا نتاج أسرة واحدة صغيرة، ليقرر مبدأ الأسرة في حياتهم، وليجعلها هي اللبنة الأولى،... حتى نمت وتعددت وكثر أفرادها، وتفرقوا في المكان، وتطورت معايشهم؛ وبرزت فيهم الاستعدادات المكنونة المختلفة، التي فطرهم الله عليها لحكمة يعلمها، ويعلم ما وراءها من خير للحياة.

إن النظام الاجتماعي الإسلامي نظام أسرة بما أنه نظام رباني للإنسان، ملحوظ فيه كل خصائص الفطرة الإنسانية وحاجاتها ومقوماتها" [1].

وينبثق نظام الأسرة في الإسلام من معين الفطرة وأصل الخلقة، وقاعدة التكوين الأولى للأحياء جميعًا وللمخلوقات كافة.. تبدو هذه النظرة واضحة في قوله تعالى: {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الذاريات:49]، ومن قوله سبحانه: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} [يس:36]، ثم تتدرج النظرة الإسلامية للإنسان فتذكر النفس الأولى التي كان منها الزوجان، ثم الذرية، ثم البشرية جميعًا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجر:13].

ثم تكشف عن جاذبية الفطرة بين الجنسين، لا لتجمع بين مطلق الذكران ومطلق الإناث، ولكن لتتجه إلى إقامة الأسر والبيوت: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} [الروم:21]، {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} [البقرة:187]، {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [البقرة:223]، {وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا} [النحل:80] يرجع الرجل من مشاكل الدنيا وهمومها، وتعب العمل وزحمة الأسواق، ومنازعات الرجال، يرجع ليدخل بيته فيجد فيه السكون والراحة والكلمة الطيبة التي تحمل معاني الحب والتقدير، الكلمة التي تنسيه تعبه وهمومه وآلامه وأحزانه، الكلمة التي تفتح له أفق الأمل وأمل المستقبل، من زوجته الحبيبة؟ فتسكن نفسه، وتطمئن روحه، ويهدأ باله، لأن الله قال: {أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا}، فهي الفطرة تعمل، وهي الأسرة تلبي هذه الفطرة" [2].


وإن الحياة الزوجية بحقوقها وواجباتها والتزاماتها لتمثل بناءًا ضخمًا جميلًا يعجب الناس منظره.
وإن أي نقص في أي حق من الحقوق الزوجية سواء كان حقًا مشتركًا أو خاصًا يسبب شرخًا عظيمًا في بناء الأسرة المسلمة، وهذا النقص لا يعود أثره على الزوجين فقط، بل إن أي تقصير أو نقص في واحد من هذه الحقوق وخاصة الحقوق الظاهرة التي يراها الأبناء والبنات سيكون له أثر سيء.

إن الولد -سواءً كان ابنًا أو بنتًا- إذا كان يصبح ويمسي على شجار وخلاف بين أبويه، وترى البنت أمها لا تقوم بحق والدها حق القيام ويرى الابن أباه لا يقوم بحق أمه حق القيام، لا شك أن هذا سيورث عندهما تصورًا خاطئًا وسيئًا، ويجعل الأب والأم في قفص الاتهام دائمًا من قبل الابن أو البنت.

وإن الزوجين إذا التزما منهج الإسلام الكامل في الحقوق الزوجية عاشا في ظلال الزوجية الوارف سعداء آمنين، لا تعكرهما أحزان المشاكل، ولا تقلقهما حادثات الليالي.

ولأن الله تعالى قال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} [النساء:34] فسنبدأ بعون الله تعالى بذكر حق الزوج في الإسلام على زوجته.

الحق الأول: طاعته بالمعروف: على المرأة أن تطيع زوجها فيما يأمرها به في حدود استطاعتها، وهذه الطاعة أمر طبيعي تقتضيه الحياة المشتركة بين الزوج والزوجة.

ولا شك أن طاعة المرأة لزوجها يحفظ كيان الأسرة من التصدع والانهيار، ويبعث إلى محبة الزوج القلبية لزوجته، وتعمق رابطة التآلف والمودة بين أعضاء الأسرة.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت» [3] ولتعلم المرأة المسلمة أن الإصرار على مخالفة الزوج يوغر صدره، ويجرح كرامته، ويسيء إلى قوامته، والمرأة المسلمة الصالحة إذا أغضبت زوجها يومًا من الأيام فإنها سرعان ما تبادر إلى إرضائه وتطييب خاطره، والاعتذار إليه مما صدر منها، ولا تنتظره حتى يبدأها بالاعتذار.


الحق الثاني: المحافظة على عرض الزوج وماله:

قال تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ} [النساء:34] أي تحفظه في ماله وعرضه.
فقد روى أبو داود والنسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها طاعته وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله» [4].

وورد عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال في تفسير قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [5] قال: من الأمانة أن ائتمنت المرأة على فرجها.

وكذلك في ماله فلا تأخذ منه شيئًا إلا بإذنه، إلا إن كان الزوج يبخل عليها كثيرًا، فلا يعطيها ما تحتاجه لضرورياتها وأولادها، فلا بأس أن تأخذ من ماله خفية ما يكفيها ويكفي أولادها؛ فلقد جاءت امأة إلى رسول الله تشكو من بخل زوجها، فقال صلى الله عليه وسلم: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» [6].


الحق الثالث: مراعاة كرامته وشعوره، ونفسيته.

فلا يرى منها في البيت إلا ما يحب، ولا يسمع منها إلا ما يرضى، ولا يستشعر منها إلا ما يُفرح.

والزوج في الحقيقة إذا لم يجد في بيته الزوجة الأنيقة النظيفة اللطيفة ذات البسمة الصادقة، والحديث الصادق، والأخلاق العالية، واليد الحانية والرحيمة فأين يجد ذلك؟

عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا» [7].

وقال أحد الحكماء: امرأة السوء لبعلها كالحمل الثقيل على الشيخ الكبير، والمرأة الصالحة له كالتاج المخوص بالذهب، كلما رآها قرت عينه.

فأشقى الناس من رأى الشقاء في بيته وهو بين أهله وأولاده، وأسعد الناس من رأى السعادة في بيته وهو بين أهله وأولاده.


الحق الرابع: قيامها بحق الزوج وتدبير المنزل وتربية الأولاد.

قال أنس بن مالك رضي الله عنه: كان أصحاب رسول الله إذا زفوا امرأة إلى زوجها يأمرونها بخدمة الزوج ورعاية حقه، وتربية أولاده [8].


الحق الخامس: قيامها ببر أهل زوجها:

وهذه من الأمور التي ينبغي على الزوجة مراعاتها، وهي أقرب الطرق لكسب قلب الزوج، فالزوج يحب من امرأته أن تقوم بحق والديه، وحق إخوانه وأخواته، ومعاملتهم المعاملة الحسنة، فإن ذلك يفرح الزوج ويؤنسه، ويقوي رابطة الزوجية.

«خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية، إذا اتقين الله، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات، وهن المنافقات لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم» [9] أي: الأبيض الجناحين أو الرجلين، أراد قلة من يدخل الجنة منهن [10] والمتبرجات: هن المظهرات زينتهن للأجانب، والمتخيلات: هن المعجبات المتكبرات، فهؤلاء لا يدخل الجنة منهن إلا القليل النادر.


الحق السادس: ألا تخرج من بيته إلا بإذنه:

يقول الله عز وجل عن المطلقة في الطلاق الرجعي وهي ما زالت في العدة: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق:1].

إلا أنه يستثنى من ذلك أن تخرج لعذر شرعي كالخروج إلى قضاء حوائجها المهمة وتعود بعد زمن قصير، لأن العرف يبين لنا رضا الزوج في مثل ذلك، وكالخروج لواجب عليها عند أكثر العلماء كالخروج للسؤال عن أمر دينها، أو للحج الواجب عليها، أو لزيارة والديها عند بعض أهل العلم.

وأما أن تخرج من البيت بغير إذن الزوج وليس لها عذر شرعي فلا يجوز، بل تكون امرأة ناشزًا عاصية ليست لها نفقة عند أكثر أهل العلم، ومن الأعذار الشرعية عند بعض العلماء أن يكون زوجها ظالماً لها فيجوز لها الخروج إلى بيت أهلها.


الحق السابع:

أن تشكر له ما يجلب لها من طعام وشراب وثياب وغير ذلك مما هو في قدرته، وتدعو له بالعوض والإخلاف ولا تكفر نعمته عليها، عن أسماء بنت زيد الأنصارية قالت: "مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في جوار أتراب لي، فسلم علينا وقال: «إياكن وكفر المنعمين، فقلت: يا رسول الله وما كفر المنعمين؟ قال: لعل إحداكن تطول أيمتها من أبويها، ثم يرزقها الله زوجا ويرزقها منه ولدا، فتغضب الغضبة فتكفر فتقول: ما رأيت منك خيرا قط»" [11].


لما كبر إسماعيل عليه السلام، بعد أن ذهب أبوه إبراهيم في رحلته التي أمره الله، وكانت قبيلة جرهم اليمنية هم الذين جاوروا هاجر وابنها إسماعيل، فلما رأت جرهم حسن صفات إسماعيل، وكمال أخلاقه "زوجوه امرأة منهم وماتت أم إسماعيل فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته فلم يجد إسماعيل فسأل امرأته عنه فقالت: خرج يبتغي لنا، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم؟ فقالت: نحن بشر نحن في ضيق وشدة، فشكت إليه قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له: يغير عتبة بابه، فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئًا فقال: هل جاءكم من أحد؟ قالت: نعم جاءنا شيخ كذا وكذا فسألنا عنك فأخبرته وسألني: كيف عيشنا؟ فأخبرته أنا في جهد وشدة. قال: فهل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم أمرني أن أقرأ عليك السلام ويقول لك: غير عتبة بابك، قال: ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك الحقي بأهلك، فطلقها وتزوج منهم أخرى، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله، ثم أتاهم بعد، فلم يجده فدخل على امرأته فسألها عنه؟ فقالت: خرج يبتغي لنا، قال: كيف أنتم؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم؟ فقالت: نحن بخير وسعة، وأثنت على الله عز وجل فقال: ما طعامكم؟ قالت: اللحم، قال: فما شرابكم؟ قالت: الماء، قال: اللهم بارك لهم في اللحم والماء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ولم يكن لهم يومئذ حب، ولو كان لهم حب دعا لهم فيه»، قال: فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه، قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ومريه يثبت عتبة بابه. فلما جاء إسماعيل قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم أتانا شيخ حسن الهيئة -وأثنت عليه- فسألني عنك فأخبرته فسألني كيف عيشنا؟ فأخبرته أنا بخير قال: فأوصاك بشيء؟ قالت: نعم هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك، قال: ذاك أبي وأنت العتبة أمرني أن أمسكك" [12]

فانظري أيتها المسلمة الموفقة إلى هذا الحديث العظيم، الذي قصه النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه، وليكن لك فيه خير موعظة، وأبلغ عبرة.


الحق الثامن:

ومن حقه عليها ألا تطالبه مما وراء الحاجة، وما هو فوق طاقته فترهقه من أمره عسرًا، بل عليها أن تتحلى بالقناعة والرضى بما قسم الله لها من الخير.

قال صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة» [13].
ولقد كان بعض نساء السلف الصالح تقول لزوجها عندما يخرج لطلب الرزق: اتق الله ولا تطعمنا إلا طيبًا؛ فإنا نصبر على حر الجوع، ولا نصبر على حر النار.


هذا كله يبين عظيم حق الزوج على زوجته، وأنه يجب عليها طاعته في المعروف وتحرص على تلبية احتياجاته الشرعية خاصة منها ما يتعلق بفراشه؛ فإن الزوج بحاجة إليها لتعينه على إعفافه وإحصانه خاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن، وعوامل الفساد والانحلال والإغراء، فإذا ما عصت الزوجة زوجها في المعروف، وأبت عليه حقه المشروع فإن في إسخاطه في ذلك إسخاط لرب العالمين، تبيت والملائكة تلعنها وصلاتها لا ترفع إلى ربها عز وجل.


فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى أن تجيء إليه إلا باتت والذي في السماء غاضب عليها» [14]، وفي رواية: «إذا دعا رجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه فبات وهو عليها غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح» [15]، فعلى المرأة المؤمنة الصالحة أن تراعي حق زوجها وأن تطيعه في المعروف وأن تحرص على تلبية احتياجاته الشرعية، أن تراقب ذلك من نفسها وأن تعينه على العفاف والإحصان، هذا إذا كان الزوج ممن يعرف حدود الله عز وجل، أما إذا طلب منها أمرًا محرمًا فلا طاعة له ولا كرامة إنما الطاعة في المعروف أي في ما أباحه الشرع وجعله من حقوق الزوج .

وقال صلى الله عليه وسلم في حق الزوج على زوجته: «لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد زوجها» [16].

لكنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر بذلك؛ لأنه لا يحل لأحد أن يضع جبهته على الأرض وأن يسجد إلا لرب العالمين لكنه بهذا القول الشريف الكريم أكد حق الزوج على زوجته فيا له من حق عظيم.


والحمد لله، هناك نساء صالحات يشهد لهن التاريخ والواقع، من قبلُ وفي زماننا هذا فلله الحمد، لكن هذه دعوة لمن كانت ترى من نفسها التقصير فتبادر لإصلاحه، قبل فوات الأوان.

قال الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:228].

اللهم أصلح أمور المسلمين، وأُسر المسلمين، وذريات المسلمين، يا رب العالمين.

 

___________________________
[1]- في ظلال القرآن (1/193).
[2]- في ظلال القرآن - (1/214) بتصرف.
[3]- رواه أحمد (1661)، وقال محققو المسند: حسن لغيره.
[4]- رواه أبو داود (1664)، والحاكم (3281)، وصححه، وضعفه الألباني.
[5]- سورة الأحزاب (72).
[6]- رواه البخاري برقم (5364).
[7]- رواه الترمذي في السنن برقم (1174) وصححه الألباني فيه.
[8]- هديتي لابنتي عند زفافها. للشيخ الدكتور محمد بن رزق بن طرهوني (222/1).
[9]- رواه البيهقي في السنن الكبرى (13860)، وقال: وروى بإسناد صحيح عن سليمان بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا إلى قوله: «إذا اتقين». وصححه الألباني، انظر صحيح الجامع (3330).
[10]- انظر: النهاية في غريب الأثر (3 / 489).
[11]- مسند أحمد رقم (27602)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة - المختصرة برقم(823).
[12]- صحيح السيرة النبوية للألباني (1/42).
[13]- رواه أبو داود في سننه برقم (2226)، وصححه الألباني في نفس الكتاب.
[14]- رواه مسلم برقم (3613).
[15]- رواه البخاري برقم (3237).
[16]- رواه الترمذي في سننه برقم (1159)، وقال الألباني فيه: حسن صحيح.

المصدر: موقع إمام المسجد