(8) لا تنظر إلى صِغر الخطيئة

علي بن عبد الخالق القرني

كم من ذنبٍ حقيرٍ استهان به العبد فكان هلاكًا له: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}..

  • التصنيفات: الزهد والرقائق - تزكية النفس -

ومن حقيقة هذه الكلمة أن لا تنظر إلى صِغر الخطيئة:

بل تنظر إلى عِظم من عصيت إنه الله الجليل الأكبر الخالق البارئ المصور، كم من ذنبٍ حقيرٍ استهان به العبد فكان هلاكًا له: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور من الآية:15].

ثبت عند أنس ابن مالك رضي الله عنه أنه قال: "كانت العرب تخدم بعضها بعضا في الأسفار، وكان مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما رجل يخدمهما، فناما واستيقظا وهو نائم لم يهيأ لهما طعامًا، فقالَ أحدُهما لصاحبه إن هذا لنؤم -يعني كثير النوم-، ثم أيقظاه فقالا: إئتي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقل له: إن أبا بكرٍ وعمرَ يُقرئانكَ السلام وهما يستأدمانك -أي يطلبان منك الإيدام-، فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره. فقال: «أقرئهما السلام وأخبرهما أنكما قد إئتدما». فرجع وأخبرهما أن الرسولَ صلى الله عليه وسلم يقولُ إنكما قد ائتدمتما! ففزعا فجاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالا: يا رسولَ الله بعثنا إليك نستأدمك، فقلت قد أئتدمنا، فبأي شيء أئتدمنا؟! قال: «بلحم أخيكما، والذي نفسي بيده إني لأرى لحمه بين أنيابكما». قالا: فاستغفر لنا يا رسولَ الله. قال عليه الصلاة والسلام: «هوَ فلييستغفرَ لكما»".

عباد الله.. إن أبا بكرٍ وعمرَ ما نظرا إلى ما قالا، فقد كانت كلمةً قد نقولُ أكبر منها مئات المرات؛ لكنهما نظرا إلى عظمةِ من عصوا إنه الله، وتلكَ حقيقة تقوى الله، فإيَّاكم ومحقراتِ الذنوب فأنهن يجتمعن على الرجل حتى يُهلِكنه، وإن لها من اللهِ طالبًا.

لا تحقرنَ صغيرةً إن الجبال من الحصى *** والقطرُ منه تدفقِ الخلاجانِ