الرِّفْقُ يُعينُ على حصولِ المقصودِ (1)

عائض بن عبد الله القرني

على الجسورِ الخشبيِة التي بناها الأتراكُ على ممراتِ الأنهارِ، مكتوبٌ في أول الجسرِ: رفقاً رفقاً. لأن المارَّ بهدوءٍ لا يسقطُ، أما المسرعُ فجديرُ أن يهوي إلى مستقرِّ النهر.

  • التصنيفات: الزهد والرقائق -

مرَّتْ آثارٌ ونصوصٌ في الرفقِ، والرفقُ شفيعٌ لا يُرَدُّ في طلبِ الحاجاتِ، ولك أن تعلم أن الطريق الضيق بين جدارين، الذي لا يتسع إلا لمرور سيارةٍ واحدةٍ فَحَسْبُ، لا تدخلُها هذه السيارة إلا برفقٍ من قائدِها وحذرٍ وتوقٍّ، بينما لو أقبل بها مسرعاً وأراد المرور من هذا المكان الضيقِ لاصطدم يمْنةً وَيسْرَةً وتعطلتْ سيارتُه، والطريقُ لم يزِد ولم ينقصْ، والسيارةُ هي هي، لكنَّ الطريقة هي التي اختلفت، تلك برفقٍ وهذه بشدَّةٍ.

والشجرةُ الصغيرةُ التي نغرسُها في حوضِ فناءِ أحدِنا، إذا سكبت عليها الماء شيئاً فشيئاً تشربُ منه وينفعُها، فإذا أخذت كميةً من هذا الماء بعينهِ وحجْمه وألقيته دفعةً واحدة لاقتلعت هذه النبتة من مكانِها، إن كمية الماءِ واحدةٌ ولكن الأسلوب تغيَّر.


إن منْ يخلعُ ثوبه برفقٍ يضمنُ سلامة ثوبِه، خلاف من يجذِبُه بقوةٍ ويسحبُه بسرعةٍ، فإنه يشكو من تقطُّعِ أزرارِه وتمزُّقِهِ.
ومن اللطائف في انكشافِ عَدَمَ صدقِ إخوةِ يوسف في مجيئِهم بثوبِهِ، وزعْمِهم أن الذئب أكله: أنهم خلعُوا الثوب برفق فلم يحصل فيه شقوقٌ، ولو أكله الذئبُ كما زعموا لمزَّق الثوب كلَّ ممزَّقٍ، ولم يخلْعْه خلْعاً.

إن حياتنا تحتاجُ إلى رفقٍ نرفقُ بأنفسِنا: «وإن لنفسِك عليك حقاً».
نرفقُ بإخواننا:
«إن الله رفيق يحب الرفق».
نرفقُ بالمرأةِ:
«رفقاً بالقواريرِ».

على الجسورِ الخشبيِة التي بناها الأتراكُ على ممراتِ الأنهارِ، مكتوبٌ في أول الجسرِ: رفقاً رفقاً. لأن المارَّ بهدوءٍ لا يسقطُ، أما المسرعُ فجديرُ أن يهوي إلى مستقرِّ النهر.