مُتعَبِّـدٌ أم مُتعَوِّدٌ؟!
كُن عَبدًا للهِ لا لرمضان، كُن مِمَّن يَصومُ رمضانَ عِبادةً للهِ سُبحانه لا عادةً تعوَّدها في كُلِّ عامٍ.
- التصنيفات: التقوى وحب الله - ملفات شهر رمضان -
أخي في اللهِ،
أخبِرني بشُعورِكَ عندما بدأ رمضانُ. أَفَرِحتَ وسَعِدَ قلبكُ، وتمنَّيتَ أن لو يَطولُ ولا يَرحَل؟ أم أحسستَ بضِيقٍ في صَدركَ، وتمنَّيتَ أن يَنتهِيَ بسُرعةٍ؟
مهلًا، لا تتعجَّل في إجابتِكَ، كُن صادِقًا مع نفسَكَ. أراكَ بدأت ترتبِكُ قليلًا وتتردَّدُ في إجابتِكَ. تحيَّرتَ في الرَّدِّ.. لا تعرِفُ أتُجيبُ أم تصمُت.
لقدُ عَرفتُ رَدَّكَ، فلا داعي لأن تنطِقَ به. أنتَ تصومُ رمضانَ عادةً، لذا لا تستشعِرُ لَذَّتَه، ولا تعرِفُ قِيمتَه، ولا تعيشُ رَوحانِيَّاتِه، ولا تُحِسُّ بجمال أيَّامِهِ ولياليه.
عليكَ أن تُصحِّحَ نِيَّتَكَ، أن تُغيِّرَ وِجهتَكَ، أن تستشعِرَ لَذَّةَ طاعتِكَ، وجمالَ قُربِكَ من رَبِّكَ سُبحانه وعِبادتِكَ.
اسأل قلبَكَ: أَتُحِبُّ رَبَّكَ سُبحانه؟
سيُجيبُكَ: بالتَّأكيدِ أُحِبُّهُ، وكيف لا أُحِبُّهُ وهو خالقي ورازقي وإلَهي ومعبودي سُبحانه؟!
قُل له: لماذا إذًا تستثقِلُ الطاعةَ؟! لماذا لا تفرحُ بقُدوم رمضانَ ويَطربُ قلبُكَ لانقضائِهِ؟! لماذا لا تتأثَّرُ برَوحانِيَّاتِهِ؟! لماذا يكونُ حالُكَ في رمضان كحالِكَ قبلَه وبَعدَه؟! لماذا تخرُجُ من رمضانَ وأنتَ كما أنتَ ؟!
لا شَكَّ أنَّكَ ستعرِفُ السَّبَبَ.
مُشكلتُكَ أنَّكَ لم تستشعِر عَظمةَ اللهِ تعالى، جعلتَه أهوَنَ النَّاظِرينَ إليكَ. لم تستشعِر عِلمَه بِكَ واطِّلاعَه عليكَ.
قلبُكَ بحاجةٍ إلى غسيلٍ. اغسله بماءٍ نقيٍّ، وطَهِّره مِن كُلِّ ما يُدنِّسه، وأخرِج منه كُلَّ ما يُعكِّرُه ويُلوِّثُه.
صاحِب الصَّالِحين، فإنَّ صُحبتَهم ستُعينُكَ بإذن الله على الطاعةِ، وستُغيِّرُكَ. وحاوِل قبل ذلك أن تتغيَّرَ من داخِلِكَ.
إذا قُمتَ للصَّلاةِ، فاستشعِر أنَّكَ تقومُ بين يَدي اللهِ سُبحانه، فاخشَع فيها، وأدِّها بأركانِها وواجِباتِها.
إذا صُمتَ ، فاعلَم أنَّ اللهَ يراكَ، فابتعِد عن كُلِّ لَغوٍ وباطِلٍ، وحَسِّن أخلاقَكَ، واستشعِر عَظمةَ الصَّومِ؛ فإنَّ اللهَ تعالى لم يُحدِّد أجرَه، بل قال في الحَديثِ القُدُسيِّ: « » (مُتفقٌ عليه).
واعلَم أنَّ رَبَّ رمضان هو رَبُّ الشهور كُلِّها، فعَظِّمه في رمضان وفي غيره، واعبُده في رمضان وفي غير رمضان.
كُن عَبدًا للهِ لا لرمضان، كُن مِمَّن يَصومُ رمضانَ عِبادةً للهِ سُبحانه لا عادةً تعوَّدها في كُلِّ عامٍ.
أعاننا اللهُ وإيَّاكَ على ذِكره وشُكره وحُسن عِبادتِهِ.
بسمَة
الثلاثاء
5 شعبان 1435 هـ/ 3 يونيه 2014 م