{حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}

إن الدول الإسلامية تعيش تخلفًا عجيبًا في شتى المجالات، أورثها هذا التخلف تبعية مطلقة للغرب، وصدق ابن خلدون رحمه الله إذ يقول في مقدمته: "إن المغلوب مولع بتقليد الغالب"، وهذا واضح جلي في عصرنا لا يحتاج إلى عناء لاكتشافه، فمتى سننفض غبار التبعية عنا، ونعيش بشخصيتنا المستقلة التي أرادها الله لنا.

  • التصنيفات: الواقع المعاصر - قضايا إسلامية معاصرة -

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
• إن الأمة الإسلامية تمر بظروف صعبة ومواقف حرجة، فقد أجلب أهل الكفر بخيلهم ورجلهم على حربها، وتعاهدوا على إبادتها فالمعارك تدار على أرضها والأسلحة الفتَاكة تجرب على أهلها.

• تقول (مارجريت تاتشر): "لا تستطيع فكرة أن تعيش بدون عدو يواجهها، ونحن دول الغرب من أجل ديمومة بقائنا لا بد لنا من عدو، والاتحاد السوفيتي سقط ولم يعد عدونا، لا بد من البحث عن عدو جديد..! هذا العدو هو الإسلام"، وليس القصد هنا ذكر العداوة التي يكنها الغرب للإسلام والمسلمين فقد ألفت فيها مؤلفات، وإنما المقصود ذكر مثال يخرس الذين يصورون الغرب أنه قمة في السلام والعدل والمساواة ألا شاهت الوجوه.

• إن الدول الإسلامية تعيش تخلفًا عجيبًا في شتى المجالات، أورثها هذا التخلف تبعية مطلقة للغرب، وصدق ابن خلدون رحمه الله إذ يقول في مقدمته: "إن المغلوب مولع بتقليد الغالب"، وهذا واضح جلي في عصرنا لا يحتاج إلى عناء لاكتشافه، فمتى سننفض غبار التبعية عنا، ونعيش بشخصيتنا المستقلة التي أرادها الله لنا.

• إن الله عز وجل جعل سننًا كونية لا تتبدل ولا تتغير، فمن فهمها ووظفها توظيفًا جيدًا كانت له الغلبة، فليس هناك شعب أذكى من شعب، ولا أمة قادرة على الاختراع دون أمة، على وجه العموم قد يوجد في الأفراد تفاضل، أما على مستوى الأمم فيستحيل، لكن من الأمم من تستفيد من قوانين الطبيعة التي جعلها الله في هذا الكون، ومنها من يغفل ذلك ويهمله ويعتمد على ما ينتجه غيره، قال تعالى: {{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً..} [البقرة:29]، أي خلقه لتستفيدوا منه، فإن أرد المسلمون أن يبدل هذا التخلف والذل الذي يعيشونه إلى عز وتمكين وتقدم، فلا بد أن يأخذوا بالأسباب الموصلة إلى ذلك، قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11].

• وإن هذه الأمة لا يمكن أن تنهض ما لم يوكل الأمر إلى أهله المخلصون لدينهم وأمتهم، يدرسون أسباب التخلف وسائل العلاج. وينحى المستغربون وأرباب النفوس المنهزمة من مواقع التأثير كالإعلام والتعليم.

• ومن أهم أسباب نهضة الأمة..
• التعلق بالله سبحانه وحده لا شريك له، فلا تعلق بالأولياء والأضرحة وغيرها مما يندى له الجبين في واقع امتنا: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:55].

• الشجاعة والاعتزاز بالله وحده سبحانه: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً} [النساء:139].

• الأخذ بأسباب التقدم والرقي كما مر والإعداد الجيد: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ} [الأنفال:60].
• تربية الجيل وغرس هم الرقي بالأمة في نفوسهم.

• الاعتناء بأصحاب المواهب ورعايتهم.
• الدراسة التطبيقية للمواد العلمية بدلا من النظرية.
• التشجيع على الابتكار والاختراع والمكافأة على ذلك.
• السرعة في منح براعة الاختراع بدلا من تجميدها لسنوات.
• دفع مرتبات عالية الأصحاب المهن الصناعية وإعطائهم مكانة في المجتمع.

• بناء اقتصاد إسلامي وتسهيل الإجراءات بين الدول الإسلامية، وتشجيع رجال الأعمال على الاستثمار في بلدانهم الإسلامية، خاصة أن الدول الإسلامية تملك ثروات هائلة.

أسأل الله أن يبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه الطاعة ويهدى فيه أهل المعصية.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد..

 

موسى بن ذاكر الحربي