(7) سحوري أم صلاتي
أم هانئ
- التصنيفات: ملفات شهر رمضان -
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد:
"ربِّي: سحوري أم صلاتي، سحوري أم صلاتي"!
في بلدتنا العامرة -بفضل الله- وهي من المدن الكبير ذات المساجد الوفيرة، يوجد مسجد جامع يصلي فيه للناس القيام إمامٌ عَذْب الصوت خاشعه، ينتظر الناس رجالًا، ونساءًا بله شببة رمضان حتى يأتمون به في قيامهم، ويقطعون إليه المسافات الطوال، فيشتد في مسجده الزحام، وتتصل الصفوف خارج المسجد بأمتار كثيرة -اللهم بارك- وهكذا طيلة ليالي الشهر الفضيلِ، حتى صار ذلك ديدنا للناس في رمضان.
وبعبارةٍ موجزة: يصلي خلفه (أُمَّةٌ).
- فهو حفظه الله يرتل القرآن -على أحسن ما يكون- ترتيلًا، ويصلي بالناس ليلًا طويلًا، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء نسأل الله أن يديم عليه فضله ويزيده آمين.
أما الفاجعة العظمى، والطامة الكبرى: فحدثت عندما عنّ له -مرة- أن يصلي ليلًا طويلًا طويلا.. حتى يطلع الفجر؟ وكان ذلك منه عجيبة، تفاجأ المؤتمون أنه يؤذن لصلاة الفجر من المساجد القريبة.
فأصبح الناس ما بين:
- منتشيًا بقوته؛ فرحان بطاعته وصلاته الطويلة التي تشبه -بزعمه- صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يقوم الليل بالبقرة، والنساء، وآل عمران. ولسان حاله فعلتها فعلتها.
- وصِنف: من كبار السن والمرضى يشكون إلى الله غبنهم لحرمانهم سحورهم، بله تناول الدواءهم الذي يتوسلون به على اتمام صيامهم.
- وقسم ثالث: يقولون لا ضير فلمّا يطلع الفجر الصادق بعدُ حيث إن توقيته في التقويم الفلكي يتقدم ثلث ساعة عن الفجر الصادق فما زال هناك فسحة للسحور -هذا طبعًا لمن هو معتكف وسحوره في متناول يديه- وهؤلاء حدثاء الأسنان، فيأكلون بعد الأذان، وقد أغربوا على العامة فسلَّطوا عليه أبصارهم يزلقونهم بها.
- والنساء ناظرات من علٍ يرقبن، فتختار كل منهن من تستن به مدافعة بتشاحن عمن اتخذته فيما ذهبت إليه إمامًا... ولن أفصّل في حالهن -رحمني ورحمهن الله- والصورة لا تحتاج لمزيد قتامة، وقد أشرت فاطلقوا لخيالكم العنان؛ لتستكملوا الصورة، ومهما تخيلتم لن تبعدوا النجعة كثيرًا.
وفي البيوت تكاد تفرغ الأفئدة قلقًا على من غاب، فالجميع يتصل ولا جواب، فقد أسفر الصباح ولا أحد من الأهل لاح، وعند حضور من غاب كثرت الأسئلة ولمّا يدخلون من الباب، وما هي إلا ساعة وانتشر في المدينة الخبر العجاب، وانقسمت البيوتات في الآراء فمن مشجع، ومن مستهجن مرتاب.
- وفي اليلة التالية:
حاولوا مع الإمام متوسلين أن يسمح لهم بالسحور، وتناول الدواء فقال: "إنها سنة ومن شق عليه فلينصرف عنَّا"! فعزم بعض الحضور على ترك الوتر خلفه؛ من أجل الدواء و السحور، وكل منهم يتعذر لربه بأنه معذور، وهنئوا أنفسهم على اختيارهم -فأقبلوا إلى الصلاة مطمئنة قلوبهم، وفي الركعة الثامنة عزموا على الفراق، وكأنه علم ما في الأذهان، فقام للتاسعة بلا توانٍ، فأسقط بين يديهم وانغلق ذهنهم عليهم، فأتموا صلاتهم خلفه مقهورين، حتى طلوع الفجر المبين، ولسان حالهم، وقالهم في قلوبهم ما بقي لهم من صلاتهم: "ربي سحوري أم صلاتي"، "ربي سحوري أم صلاتي"، "ربي سحوري أم صلاتي"..
وفي الليلة الثالثة:
شدَّدوا عليه النكير؛ ليترك لهم بعض الوقت اليسير، فرضي بهذه المنزلة، وسلّم قبل الفجر بعشر دقائق كاملة، وهنا وقعت المهزلة، كأنما يفرّ الجمع من قسورة، وقع الضعيف، وديس بالأقدام الكفيف، وتنافس المصلون مندفعين ليظفر منهم القوي المتين بشربة ماء كأنه لجين و..
هذا ما كان بين الأنام وما حدث في صلاة القيام:
- نسي رحمه الله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «...من رغب عن سنتي فليس مني» (جزءٌ من حديثٍ رواه البخاري ومسلم).
يتقرَّب بنافلةٍ ويرغب عن الاتباع "كَمَن بنى قصرًا وهدم مِصرًا".
- رغب عن السحور وهو سنة الرسول وحرم نفسه بل غيره البركة.
- عصى الله وشق على خلقه، فلم يصل الله وملائكته عليه.
- ألا هل من مبلغ له: إن القربات ليست بالعذابات وإن أحب الدين إلى الله أيسره، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه.
اللهم أرنا الحق حقًا؛ وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا؛ وارزقنا اجتنابه.
2014-07-02 00:00