زكاة الدَّين غير المرجو

أحمد بن محمد الخليل

الدين غير المرجو هو الدين على مُعسر أو مماطل أو جاحد، وكذلك الدين المؤجل، واختلف الفقهاء في زكاة الدين غير المرجو على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه لا زكاة على الدين غير المرجو حتى يقبضه الدائن ويحول عليه الحول وهو رواية عن أحمد وقول قتادة وإسحاق وأبي ثور وأهل العراق..

  • التصنيفات: فقه الزكاة -


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فإن من المسائل الفقهية التي يكثر السؤال عنها وتمس الحاجة لبيانها مسألة: (حكم زكاة الدين غير المرجو).

تعريف الدَّين غير المرجو:
الدين غير المرجو هو الدين على مُعسر أو مماطل أو جاحد، وكذلك الدين المؤجل، واختلف الفقهاء في زكاة الدين غير المرجو على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه لا زكاة على الدين غير المرجو حتى يقبضه الدائن ويحول عليه الحول وهو رواية عن أحمد وقول قتادة وإسحاق وأبي ثور وأهل العراق [1]، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية [2].

وأدلة أصحاب القول الأول:
1- أن الدين غير المرجو مال غير مقدور على الانتفاع به، أشبه مال المكاتب.
2- أثر علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "لا زكاة في الدين الضمار" [3].
3- أن هذا قول جماعة من الصحابة، فقد صح هذا القول عن عثمان، وابن عمر، وجابر [4].

القول الثاني: وجوب الزكاة في الدين غير المرجو على الدائن، ويخرج الزكاة إذا قبضه لما مضى، وهو قول علي وابن عباس رضي الله عنهما والثوري ورواية للإمام أحمد [5].

وأدلة أصحاب القول الثاني:
1- الآثار المروية عن علي وابن عباس [6].
2- أن الدين غير المرجو مملوك يجوز التصرف فيه، فوجبت زكاته لما مضى كالدين على المليء [7].

القول الثالث: وجوب الزكاة في الدين غير المرجو على الدائن، ويزكيه إذا قبضه لعام واحد، وهو مذهب عمر بن عبد العزيز، والحسن والليث والأوزاعي ومالك [8].

وأدلة أصحاب القول الثالث:
1- لم أجد لهؤلاء أدلة بل قال أبو عبيد: "فأما زكاة عام واحد فلا نعرف لها وجهًا" [9].

الترجيح:
الراجح إن شاء الله بوضوح: عدم وجوب الزكاة؛ لأن الوجوب وإن كان مرويا عن علي (فإن إسناده منقطع)، ولو صح فهو معارض بما صح عن جماعة من الصحابة من عدم الوجوب، وإذا كانت الآثار المروية عن الصحابة توافق الأصول العامة، والقواعد العامة للزكاة فتُرجح بهذا السبب.
________________________________________

* وقد تكلمت عن هذه المسألة في شرحي لزاد المستقنع، وفي كتابي (الأسهم والسندات وأحكامها في الفقه الإسلامي) فرأيت أن أفردها بالنشر على موقعي؛ لتسهل الاستفادة منها.
[1] المغني 4/270.
[2] الاختيارات ص 146 بتحقيقي.
[3] ذكره الزيلعي في (نصب الراية 2/334)، وقال: "غريب". وفي الأموال لأبي عبيد عن علي: "في الدين الضنون". وفي أبي شيبة: "المضنون"، لكن قال: "إن كان صادقاً فليزكه إذا قبضه لما مضى" فهذا يخالف أثر علي المذكور في الدليل، ولعله لهذا حكم عليه الزيلعي أنه غريب.

[4] الأموال لأبي عبيد (2/87) طبعة دار الفضيلة.
[5] الأموال لأبي عبيد ص 439، و مغني 4/270، والإنصاف 3/21.
[6] الأموال لأبي عبيد ص 436، والمغني 4/270.
[7] المغني 4/270.
[8] المغني 4/270، والكافي لابن عبد البر 2931، والأموال لأبي عبيد ص 439.
[9] الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام (ص: 532).