إنه منحة ربانية

الجميع يستبشر ويفرح عندما تأتيه (منحة مالية، منحة دراسية، منحة ملكية) -بالأخص المنح الملكية- يطير فرحاً من يملكها وهو أدرى بالسبب، ويظل يفكر بحنكة وذكاء كيف سيستثمر هذه المنحة، ويخطط ماذا سيفعل ومن أين يبدأ؟ فكيف إذا كانت المنحة من مالك المُلك؟! الذي بيده كل شيء، الذي يملك هذه المنح ويكون السبب فيها وبإذنه تحدث..

  • التصنيفات: تزكية النفس -

بسم الله الرحمن الرحيم
الجميع يستبشر ويفرح عندما تأتيه (منحة مالية، منحة دراسية، منحة ملكية) -بالأخص المنح الملكية- يطير فرحاً من يملكها وهو أدرى بالسبب، ويظل يفكر بحنكة وذكاء كيف سيستثمر هذه المنحة، ويخطط ماذا سيفعل ومن أين يبدأ؟ فكيف إذا كانت المنحة من مالك المُلك؟! الذي بيده كل شيء، الذي يملك هذه المنح ويكون السبب فيها وبإذنه تحدث..


إنني هنا لا أتحدث عن المنح التي تكون دنيوية ولا التي تكون بشرية، بل أتحدث عن شيء أعظم (منح ربانية).
أتعلمون ما هي المنحة الربانية التي أتحدث عنها وأخصها بحديثي هذا؟! إن المنح الربانية كثيرة وتأتي في أوقات متعددة لأنها متنوعة، لكل منحة ربانية موسم، منها ما يكون مرة في السنة ومنها ما يكون مرة في الشهر، ومنها ما يكون مرة في الأسبوع، ومنها ما يكون يوميًا، فالمنح الربانية لا تعد ولا تحصى، لذلك وجب علينا الشكر لمانحها فله الشكر حتى يرضى.

شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة، شهر المغفرة، شهر العتق من النيران، شهر فيه أُنزل القرآن، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر صفدت فيه الشياطين، وأغلقت فيه أبواب النيران، وفتحت فيه أبواب الجنان، شهر كريم من رب كريم يجيب الداع إذا دعاه ويجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، شهر رمضان حبيب القرآن مِنّةٌ عظيمة من الرحمن.. إنّه منحة ربانية. 

بل إنها مِنّة وامتنان من رب الأكوان مبدع خلق كل شيء سبحانه وتعالى.
مِنّة من ربنا علينا بأن أكرمنا وأمد في أعمارنا وبلغنا شهر رمضان، ونحن ولله الحمد في أحسن حال.
امتنان منه سبحانه أنه أعاننا على استقباله وسلمه لنا وسلمنا له ونحن مسلمون.

نطمع في كرمه ورحمته و ندعوه ونتوسل إليه بأن يعيننا على صيامه وقيامه إيمانًا واحتسابًا، يتقبله منا ويتسلمه منا متقبلًا، وأن يجعل ما نقوم به فيه خالصًا لوجه الكريم، وأن يبلغنا قيام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، إنها خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر، فليلة القدر خير ليلة بل أعظم ليلة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غُفر لهم أتقدم من ذنبه» (صحيح النسائي رقم 2201).  

شهر رمضان شهر القرآن لأنه أنزل فيه القرآن قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185]، لذلك يجب علينا تلاوته وتدبر آياته في هذا الموسم العظيم خاصة وفي كل وقت فالقرآن الكريم دستور حياتنا..

إن الصدقة في رمضان فيها فضل كثير وأجر عظيم لشرف الزمان وأفضل الصدقة صدقة في رمضان كما (روى الترمذي في صحيحه ) عن أنس قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل؟ فقال: «صدقة في رمضان». 

والعمرة فيه تعدل حجة مع الرسول صلى الله عليه وسلم.
إن الاعمال مضاعفة في رمضان وفي مكة لشرف الزمان والمكان.
الدليل على مضاعفة ثواب الأعمال في رمضان قول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة لما فاتها الحج معه، 
فقال: «اعتمري في رمضان فإن عمرة في رمضان تعادل حجة» (رواه البخاري ومسلم). 

لنجتهد في رمضان لنشكر ربنا المنان على هذه المنحة العظيمة، ليكون شُكرنا لها بالأفعال، لنهاجر المعاصي إنها داء القلوب والأرواح والأبدان لنتطهر من دنس الذنوب لنغتسل برحمة أنزلها لنا الوهاب مزجي السحاب لنكون من ألوا الألباب في الدنيا لنكون أهل الفردوس الأعلى في الآخرة بإذن الله..

لنتواصى بالحق وبالصبر، ليذكر بعضنا البعض فإن الذكرى تنفع المؤمنين، لندعوا الله أن يهدينا الصراط المستقيم صراط الذين أنعم عليهم غير المغضوب عليهم ويثبتنا على الهدى حتى نلقاه راضٍ عنا. 
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين..
وصلى الله وَبَارِكْ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. 

 

 

ياسمين رابح