[82] سورة التوبة (5)

محمد علي يوسف

  • التصنيفات: القرآن وعلومه - الزهد والرقائق - تزكية النفس -

والذي انتكست فطرته وانقلبت معاييره وحادت مفاهيمه وتبلَّدت مشاعره الإيمانية - يفرح بتقصيره وعصيانه بدلًا من الحزن والندم..!

ومثله في ذلك كمثل الأجرب، الذي لا يريحه إلا ما يؤلم الصحيح المعافى..

إنه لا يرتاح إلا بحك جلده ربما حتى يُدميه ولو صحَ جلده لتألَّم لذلك الحك الشديد..

لكنه المرض..

وما أقبح ذاك المرض إن كان في القلب!

نعم قلب المنافق عِياذًا بالله هو قلب أجرب، لا يُسعِده إلا تمزيقه بالفجور والعصيان..

وعن هؤلاء قال ربنا في الكاشفة الفاضحة المعروفة باسم سورة التوبة: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ . فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلًا وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [التوبة:81-82]..

سُحقًا لهم، أَبهذا فرِحوا، ولهذا ضحكوا، أَوَ هذا ما أحبوا.. تخلُّفهم وتوليهم؟!

أَوَ هكذا يتفاوت ميزان الفرح والحزن، وتتباين معايير الضحك والبكاء؟!

فمن ضحكٍ لتخاذلٍ وانبطاح، إلى بكاءٍ لفوات بذل وتضحية وعطاء، وما بين هذا وذاك تتباين قلوب الناس ترى..

بأي شيء تفرح قلوبنا، وعلى أي شيء تتتحسَّر؟!

من أي شيء تضحك، وعلى أي شيء تبكي؟!

أيبكيها ما يُبكي الصادقين، أم يضحكها ما يُضحك المسرفين؟!

هنا المِحك، ومربط الفرس؛ وهذا هو المعيار والمسبار وتلك هي الكاشفة الفاضحة.
 

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام