هذه هي الصفوية
احتضنت الدولة الصفوية الكثير من (عمائم) الزندقة والانحراف، وأصبحت ملجأً ومأوى لكل موتور وحاقد على الإسلام، وعلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم..
- التصنيفات: الفرق والجماعات الإسلامية - مذاهب باطلة -
أصبح مصطلح (الصفوية) متداولا بكثرة مع ازدياد الخطر الإيراني الطائفي في المنطقة العربية عمومًا، والخليج العربي خصوصًا، هذا الخطر الناتج عن ازدياد النفوذ السياسي الإيراني، المصحوب بالمد العَقدي الشيعي، والذي هو من إفرازات نجاح الثورة الكهنوتية في إيران عام 1979م.
أصل التسمية:
تُنسب الصفوية إلى (الدولة الصفوية) التي حكمت إيران في الفترة من 907 إلى 1148هـ (1501- 1724م)، والتي أسسها الشاه إسماعيل الصفوي، ولقب (الصفوي) نسبة إلى الشيخ صفي الدين الأردبيلي، الذي كان يتزعّم طريقة صوفية باطنية متطرفة، تتبنى الكثير من مبادئ التشيع الباطني المغالي.
الأسرة الصفوية:
توارث أبناء هذه الأسرة زعامة الطريقة الصوفية الصفوية على النحو التالي:
1- صفي الدين الأردبيلي (ت 735هـ)، مؤسس الطريقة، والمقيم في أردبيل، من مدن أذربيجان.
2- صدر الدين بن صفي الدين (ت 794 هـ).
3- خواجة علي بن صدر الدين (ت 830 هـ).
4- إبراهيم بن خواجة علي (ت 851 هـ).
5- جنيد بن إبراهيم (ت 861 هـ)، وهو أول من أعلن تبنيه الدين الشيعي الاثنا عشري.
6- حيدر بن جنيد (ت 893 هـ).
7- إسماعيل بن حيدر (ت 930 هـ/ 1524م)، وهو أول ملوك الدولة الصفوية.
وقد بدأت الصفوية كحركة دينية، ذات تطلعات سياسية خفية، وأخذت توسع من اهتماماتها السياسية شيئا فشيئا، حتى انتهت إلى إقامة دولة شيعية مترامية الأطراف، على أشلاء الملايين من أبناء أهل السنة والجماعة، الذين كانوا يشكلون الأغلبية الساحقة من سكان إيران، وقد قاد عمليات التصفية هذه الشاه إسماعيل وخلفاؤه، اعتمادًا على قوة (القزلباش)، وهم طائفة من التركمان الذين اعتنقوا مبادئ هي مزيج من النصيرية والتصوف الباطني، ثم تحولوا إلى الاثنا عشرية، انتهت الدولة الصفوية سياسيا على يد الثوار الأفغان عام 1148 هـ (1724م)، ولكن النهج الصفوي استمر، وظل هذا النهج سمة من سمات كل الدول التي قامت في إيران إلى اليوم.
جرائم الدولة الصفوية:
تميزت الصفوية بجرائمها الثلاث الكبرى:
1- الإمعان في تحريف الدين الإسلامي.
2- اعتماد منهجية العنف الدموي الشديد في نشر التشيع.
3- إقامة التحالفات الخيانية الغادرة ضد أهل السنة، وخاصة الدولة العثمانية.
1- تحريف الإسلام:
بدأ خط الانحراف في التشيع في مرحلة مبكرة جدًا، على يد عبد الله بن سبأ، ثم تحول إلى منظومة حاكمة في ظل الدولة البويهية (320-447هـ)، حيث تم تأليف بعض الكتب التي تعد الآن من أهم مصادر الديانة الشيعية، ككتاب (الكافي) لمحمد بن يعقوب الكليني (ت 329 هـ)، ضعف التشيع (المعتدل) كثيرا ولكن ظلت بعض ملامحه باقية، حتى قامت الدولة الصفوية فوصل خط الانحراف (الرسمي الممنهج) إلى القمة! واحتضنت الدولة الصفوية الكثير من (عمائم) الزندقة والانحراف، وأصبحت ملجأً ومأوى لكل موتور وحاقد على الإسلام، وعلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن (فقهاء) الدولة الصفوية الذين اشتهروا في هذه الحقبة، من داخل إيران أو ممن وفدوا إليها من الخارج..
- علي بن عبد العال الكركي العاملي (ت 940 هـ)، من علماء جبل عامل في لبنان.
- زين الدين العاملي (ت 966)، من لبنان، والملقب عندهم بـ(الشهيد الثاني).
- المقدّس الأردبيلي (ت 993 هـ).
- الفيض الكاشاني (ت 1091هـ)، صاحب كتاب (الوافي) الذي يعد من المصادر الشيعة الهامة، وتفسير (الصافي)، من أهم التفاسير الشيعية.
- محمد بن الحسن الحُرّ العاملي (ت 1104هـ)، صاحب موسوعة (وسائل الشيعة).
- محمد باقر المجلسي (ت 1111هـ)، صاحب (بحار الأنوار).
- نعمة الله الجزائري (ت 1112هـ)، صاحب (الأنوار النعمانية).
وهكذا بدأت كتب الزندقة والضلال تُكتب وتُوزع بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ الإسلام، مع مسحة واضحة للشعوبية المعادية للعرب والإسلام، في صيغتها الجديدة: الصفوية! ومن (البلاوي) التي استحدثت على يد هؤلاء الزنادقة، وأصبحت من (ضروريات) الدين عندهم:
- تنظيم ومأسسة (سب ولعن) الصحابة رضي الله عنهم!
- التطبير (ضرب الرؤوس بالسيوف في ذكرى عاشوراء).
- الشهادة الثالثة في الأذان (إضافة عبارة: أشهد أن عليّا وليّ الله).
- السجود في الصلاة على ما يسمى بـ(التربة الحسينية).
- وضع البذور العملية الأولى لمبدأ (ولاية الفقيه).
2- المجازر ضد أهل السنة:
لجأ الشاه إسماعيل وخلفاؤه من بعده إلى أسلوب (القتل العام)! وارتكاب مختلف أنواع الجرائم من حرق وتدمير وتعذيب واغتصاب، من أجل تغيير عقائد أهل البلاد من السنّة، فشهدت إيران من الأعمال المروعة ما لم تشهده طوال تاريخها، حتى على يد المغول! وهذه بعض النماذج:
- مدينة تبريز: دخل إسماعيل الصفوي المدينة في ربيع عام 1501م، واعتلى منبر المسجد الجامع وأعلن البراءة من السنّة، ولعْن أبا بكر وعمر وعثمان، وجرت مقتلة عظيمة في المسجد، وكان الاعتداء الجنسي على الفتيات والفتيان وشق بطون النساء الحوامل، وإضرام النار في أجساد القتلى أمرًا معتادًا في الأيام التالية، وبلغ عدد القتلى من أهل تبريز عشرون ألفًا (د. أمير حسين خنجي، إيران الصفوية، ص 113-115).
- مدينة أصفهان: لقد أقبل (القزلباش) في أصفهان على القيام بتلك الفجائع التي تتضاءل أمامها جرائمهم في أذربيجان، فقد أصابت أضرارهم كل ما بقي في أصفهان من مساجد ومدارس وأبنية تاريخية، استمرت مذبحة سكان أصفهان عدة أيام متواصلة، وقتل قسم عظيم من سكان المدينة قتلا عاما، ونهبت أموال الناس، وأضرمت النيران في المزارع والحدائق (المصدر السابق، ص 134).
- مدينة كازرون: أصدر الشاه إسماعيل أمرا بالقتل العام لسكان كازرون وتخريبها؛ أمر بتخريب المساجد والمدارس وما سماها (بقاع الملاحدة ومزاراتهم)! وبقي على قيد الحياة مِن سكان المدينة مَن استطاع الفرار (المصدر السابق، ص 140).
- مناطق الأكراد: تعرض الأكراد للقتل والاضطهاد على يد ملوك الصفويين بصورة مستمرة.
من ذلك ما ارتكبه الشاه طهماسب بن إسماعيل (ت 1576م) ضد أكراد (لورستان) و(كرمنشاه).
وجرائم الشاه عباس الكبير (ت 1629م) ضد أكراد مدينة (أورمية)، وإصداره (فرَمانًا) بالقضاء التام على جميع أفراد عشيرة (الموكري)، حيث قتل الآلاف من أبناء العشيرة، وأسر الآلاف من النساء والأطفال، وهجّر آلاف آخرين من مناطقهم (د. فرست مرعي، مجلة المجتمع، العدد 2024، أكتوبر 2012م).
ونختم هذه الحكاية المأساوية بمعلومة خطيرة عن موقف (الأقلية) الشيعية في إيران حينذاك من هذه المذابح بحق أهل السنة: احتفل سكان قمّ وكاشان (وكانوا من الشيعة) بـ(انتصارات) الشاه إسماعيل! لقد تزينت هاتان المدينتان، واحتفل سكانهما بسرور وسعادة بانتصارات الشيعة! واستقبلوا القزلباش بحماس وتهليل! (د. أمير حسين خنجي، إيران الصفوية، ص 141-145). هل عرفتم الآن مدى الحقد الذي يمكن أن يصل إليه الشيعة ضد الإسلام وأهله؟!
3- التحالف مع أعداء الأمة:
كان تحالف الدولة الصفوية وتعاونها مع القوى المعادية للإسلام سمة من سمات هذه الدولة:
- منذ اليوم الأول لقيام هذه الدولة الخبيثة، عملت على إضعاف الدولة العثمانية وطعنها من الخلف، بنشر الفتن المذهبية في منطقة الأناضول، مما خفف من اندفاع العثمانيين في فتوحاتهم الأوروبية.
من ذلك: تلك المؤامرة التي أعد لها الشاه إسماعيل وأدت إلى نشوب فتنة استمرت زهاء سنتين (915-917هـ) قتل فيها الكثير من الجنود والمدنيين من مواطني الدولة العثمانية. هذه الفتنة وأمثالها، كانت سببا رئيسا من الأسباب التي أدت بالسلطان سليم الأول العثماني (918-926هـ / 1512-1520م) لسحب جانب كبير من الجيوش العثمانية من الميدان الأوروبي والتوجه لإيران، وإلحاق هزيمة قاسية بالشاه إسماعيل في معركة (جالديران) عام 920هـ (1514م).
- بدأ البرتغاليون والصفويون بتبادل الرسائل (الودية) بينهما منذ اليوم الأول لوصول البرتغاليين للمياه الإسلامية، ودخل البرتغاليون إلى الخليج في سنة 912هـ/ 1507م، أي بعد سنوات قليلة من تأسيس الدولة الصفوية، وكانوا قبل ذلك احتلوا جزيرة سوقطرة قبالة اليمن، لكنهم شعروا بعدم جدوى احتلالها، لفقرها من الموارد الطبيعية، ثم حاولوا احتلال عدن لكنهم لم يستطيعوا ذلك فرأوا أن يتجهوا شطر منافذ الخليج العربي، ومنها القطيف..
وخشي القائد البرتغالي (البوكيرك) أن يثير تحركه هذا حفيظة الشاه إسماعيل الصفوي، فأراد أن يكسب ودّه ويأمن جانبه، وليخيف بهذا التقرب عرب الخليج، فأرسل البوكيرك إلى إسماعيل رسالة فيها: "إني أقدّر لك احترامك للمسيحيين في بلادك، وأعرض عليك الأسطول والجند والأسلحة لاستخدامها ضد قلاع الترك في الهند، وإذا أردت أن تنقض على بلاد العرب أو أن تهاجم مكة! ستجدني بجانبك في البحر الأحمر أمام جدّة أو في عدن أو في البحرين أو في القطيف أو في البصرة، وسيجدني الشاه بجانبه على امتداد الساحل الفارسي، وسأنفذ له كل ما يريد" (مجلة الراصد، العدد 56، صفر 1429هـ).
وقد عقدت اتفاقية بين الشاه إسماعيل الصفوي والبوكرك الحاكم البرتغالي في الهند نصت على ما يلي:
- تصاحب قوة بحرية برتغالية الصفويين في حملتهم على البحرين والقطيف.
- تتعاون البرتغال مع الدولة الصفوية في إخماد ثورات بلوجستان ومكران.
- تتحد الدولتان في مواجهة الدولة العثمانية.
- تصرف حكومة إيران النظر عن جزيرة هرمز، وتوافق أن يبقى حاكمها تابعاً للبرتغال.
قارن بين هذا الموقف الصفوي المخزي، وموقف (الدولة الجبرية) التي كانت تحكم الأجزاء الشرقية للجزيرة العربية، إذ تصدت هذه الدولة للاستعمار البرتغالي بكل صور البطولة والفداء، حتى سقط زعيمها السلطان مقرن بن زامل الجبري رحمه الله شهيدا عام 1521م وهو يدافع عن البحرين.
- أخذ الشاه عباس بإجراء اتصالات مع القوى الأوروبية المعادية للعثمانيين لتشكيل حلف مشترك، وقدّم عروضا لأسبانيا لتقاسم أراضي الدولة العثمانية! ولم يكن هذا العرض سوى واحد من عروض كثيرة حملها سفراء إيرانيون كانوا يقطعون المسافة بين أوروبا وإيران جيئة وذهابًا، من ذلك إرسال وفد عام 1008هـ (1599م) برئاسة الإنجليزي (السير أنطون شيرلي) إلى كل من البابا وإنجلترا والبندقية وفرنسا وبولندا، في الوقت الذي كانت الحرب بين الدولة العثمانية والنمسا مشتعلة الأوار (د. محمد عبد اللطيف هريدي، الحروب العثمانية الفارسية، ص 72).
هذه هي الصفوية: مصطلح نختزل به كل معاني الزندقة والشعوبية والخيانة والظلم.
عمر خليفة راشد