[138] سورة إبراهيم (1)
محمد علي يوسف
لا يطيق المُبطِلون مساكنة أهل الحق عامةً والصادعين به خاصة.. وحين تنفد سُبلهم ويُعدَمون الحيل لإسكات صوت الحق المؤرِّق لمضاجعهم المفتونة ويُضايق أعينهم بريق الطُّهر المُقلِّب لمواجع فِطرتهم المدنَّسة المنكوسة فإنهم يلجأون دائمًا لتلك الوسيلة.. وسيلة: {لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا}..!
- التصنيفات: التفسير -
ولا يطيق المُبطِلون مساكنة أهل الحق عامةً والصادعين به خاصة..
وحين تنفد سُبلهم ويُعدَمون الحيل لإسكات صوت الحق المؤرِّق لمضاجعهم المفتونة ويُضايق أعينهم بريق الطُّهر المُقلِّب لمواجع فِطرتهم المدنَّسة المنكوسة فإنهم يلجأون دائمًا لتلك الوسيلة..
وسيلة: {لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا}..!
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [إبراهيم من الآية:13]..
تلك الوسيلة التي سارع إليها المستكبرون من قوم شعيب قائلين: {لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ۚ قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِين} [الأعراف من الآية:88]..
َ
وهي نفسها التي لجأ إليها قوم لوط: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل:55]..
وهي التي صاح بها رأس النفاق متوعِّدًا {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ۚ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون:8]..
ولقد كانت تلك الوسيلة من أبرز مناطات مكر الماكرين بإمام النبيين: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} [الأنفال من الآية:30]
{وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا} [الإسراء من الآية:77]..
ولقد لخَّص ورقة بن نوفل ذلك المعنى لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أول بعثته مجيبًا تساؤله: « »، فقال ورقة: "نعم، ما جاء رجلٌ بمِثل ما جئت به إلا عُودي وأُخرِج، وإن يُدركني يومك أنصرُك نصرًا مؤزرًا".
لكن حتى هذه الوسيلة التي يلجأ إليها المبطلون لم تكن لتكتم صوت الحق أو تبطله فإن مآل مكرهم إلى زوال وعاقبة بغيهم إلى شرِّ حال: {فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ} [إبراهيم من الآية:13]..
وإن وعد الله بعد إخراجهم: {وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ} [إبراهيم من الآية:14]..
لكن بشرط: {ذَٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} [إبراهيم من الآية:14]..
هذه سُنَّة الله في خلقه..
{وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا} [الإسراء من الآية:77].