[160] سورة النحل (4)
محمد علي يوسف
من الملاحظ في سورة النحل تفصيل النعم وعرض لبعض تلك النعم المتعدِّدة والتي تشتمل عليها النعمة الواحدة: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}.. من ذلك عرض السورة لنعمة الأنعام مفصّلة وبشكلٍ مبهرٌ عجيب..
- التصنيفات: التفسير -
ومن الملاحظ في سورة النحل تفصيل النعم وعرض لبعض تلك النعم المتعدِّدة والتي تشتمل عليها النعمة الواحدة: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل من الآية:18]..
من ذلك عرض السورة لنعمة الأنعام مفصّلة وبشكلٍ مبهرٌ عجيب..
ففيها الدفء والمنافع: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} [النحل من الآية:5]..
والأنعام فيها فوائد عامة منها الحرث والجر والسقاء تلخصها كلمة {وَمَنَافِعُ} التي تركت مُطلَقة لتشمل كل ما ينتفع به من الأنعام..
والأنعام يؤكل منها: {وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ}..
والأنعام فيها جمال وزينة وإبهار في حلكم وترحالكم وسفركم وحضركم: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} [النحل من الآية:6]..
{وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل من الآية:8]..
والأنعام تحمل متاعكم الثقيل ومن دونها لكان الانتقال في غاية الصعوبة خصوصًا في الأزمنة السالفة: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيم} [النحل:7]..
والأنعام منها الظهر الذي تركبون: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [النحل من الآية:8]..
والأنعام يخرج منها اللبن الخالص السائغ الذي تشربون: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل:66]..
ومن جلودها تتخذون خيامًا خفيفة يسهل نقلها في السفر والحضر: {وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} [النحل من الآية:88]..
حتى أصوافها وأوبارها وأشعارها لها فوائد وتنتفعون بها: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل:80]..
كل ذلك في نعمة واحدة..
نعمة اشتملت على فوائد تفصيلية كثيرة ربما تستعصي على العد فضلًا عن الشكر: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}..
لا نستطيع الإحصاء فضلًا عن الشكر الذي يذوب القلب خجلًا لتقصيرنا فيه لكنه لا يلبث أن يستبشر ببارقة أمل في آخر الآية حيث يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيم} [النحل من الآية:18]..
فيغفر تقصيرنا ويرحم عجزنا فله الحمد حمدًا كثيرًا حتى يرضى.