[179] سورة الكهف (3)
محمد علي يوسف
لم يستنكف موسى عليه السلام أن يقول تلك الكلمات للخضر عليه السلام.. لم يجد حرجًا أن يقطع المسافات ويجوب الفيافي وهو النبي المُكلَّم، والرسول صاحب العزم ليتعلَّم من عبدٍ من عباد الله أوتي عِلمًا لم يُؤته موسى..
- التصنيفات: التفسير -
{هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ} [الكهف من الآية:66]..
لم يستنكف موسى عليه السلام أن يقول تلك الكلمات للخضر عليه السلام..
لم يجد حرجًا أن يقطع المسافات ويجوب الفيافي وهو النبي المُكلَّم، والرسول صاحب العزم ليتعلَّم من عبدٍ من عباد الله أوتي عِلمًا لم يُؤته موسى..
لم يُثنِه مقامه ولم تُعطِّله مكانته عن التواضع والاستماع والتعلُّم ممن اطّلع على علمٍ لم يبلغه وأحاط بحقائق لم يدركها وهو الخضر عليه السلام، بل ويخاطبه بكل تواضع قائلًا: {سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} [الكهف:69]..
إن آصار التكلّف وقيود العنت التي حالت بين عقول وقلوب كثير من الناس وبين إظهار تلك الحقيقة بوضوحٍ وثبات لا ينافي الاحترام ولا ينقص من قاعدة إنزال الخلق منازلهم..
حقيقة أن من يشتهر أنه أقل منزلة قد يُحيط عِلمًا بما لم يُحِط به من هو أعلى منه مقامًا وأكثر عِلمًا..
حقيقة تحتم على الأعلى مقامًا حينئذ أن يتواضع ويستمع بل ويتحرَّك بناء على تلك الحقيقة كما فعل سليمان عليه السلام..
إنها تلك الحقيقة التي جعلت الهدهد يُخاطِب سليمان عليه السلام قائلًا: {أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} [سبأ من الآية:22]..
حقيقة أنه لا مجاملة في العلم ولا محاباة في الفهم وأنهما ليسا حِكرًا على أحد.