[208] سورةه طه (9)
محمد علي يوسف
الخوف شعور إنساني، منه ما هو جبلي فطري فليس كل خوف جبن، وليس كل خائف خوار، فقط حين يكسر الخوف همتك، ويخرس لسانك، ويقمع صوتك، يكون ذلك هو الجبن والخور.
- التصنيفات: القرآن وعلومه - الزهد والرقائق - تزكية النفس -
{قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى} [طه:45] من القائلان؟! من خافا؟ إنهما نبيان مكلمان أحدهما رسول من أولي العزم ومن أقوى الخلق في الحق، نعم.. لقد خاف موسى وخاف هارون، وخاف غيرهما من الصالحين، لكن خوفهم لم يثنهم عن قولة حق وإقدام صدق.
الخوف شعور إنساني، منه ما هو جبلي فطري فليس كل خوف جبن، وليس كل خائف خوار، فقط حين يكسر الخوف همتك، ويخرس لسانك، ويقمع صوتك، يكون ذلك هو الجبن والخور.
الخوف شعور معتبر خصوصًا ما كان منه جبليًا، لكنه إن عطل مروءة المرء، وأكسبه جبن الضباع جنبًا إلى جنب مع خستها ودناءة صنيعها، لم يكن معتبرًا ولا مقدرًا. لذلك ترى النهي عن الخوف في أربعة مواضًا من سورة طه ؛ {قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى} [طه:21]، {قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:46]، {أَوْجَسَ فِى نَفْسِهِۦ خِيفَةًۭ مُّوسَىٰ . قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْأَعْلَىٰ} [طه:67-68]، {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِى فَٱضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًۭا فِى ٱلْبَحْرِ يَبَسًۭا لَّا تَخَـٰفُ دَرَكًۭا وَلَا تَخْشَىٰ} [طه:77].
وحين يعرف المرء ربه، ويدرك عظمته، وقوته وقدرته، ويعامله فيدرك معيته، فحينئذ يزول الخوف ولو تدريجيًا.