(المسابقة الكبرى) جوائز ضخمة وهدايا كثيرة
الدنيا ياسادة: ميدانُ سباقٍ، وحلبةُ منافسةٍ لكنّ السباقَ الحقيقي ليس كسباقاتِ أهل الدنيا، والمنافسةَ المحمودةَ ليست كمنافساتِ أهلِ الغفلة...
- التصنيفات: الحث على الطاعات - الطريق إلى الله -
* كان السلفُ رحمهم الله يقرأون القرآن (للعمل) ونحن نقرأه (للجدل)، ويتلون آياته (للتطبيق) ونحن نتلوه (للتنميق)!
* لما قرأوا قولـَه تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، علموا أنّ وظيفتهم في الدنيا العبادة.
* ولما قرأوا قولــَه تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99]، أدركوا زمنَ هذه الوظيفة (منذ التكليف حتى الممات).
* ولما سمعوا قولــَه تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين من الأية:26]، وقوله: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة من الأية:148]، فهموا طريقةَ أداء هذه الوظيفة (المنافسة والمسابقة).
* فلا تقتصر فقط على عمل الخيراتِ بل المطلوب: أن تسابق في فعل الخيرات.
* الدنيا ياسادة: ميدانُ سباقٍ، وحلبةُ منافسةٍ لكنّ السباقَ الحقيقي ليس كسباقاتِ أهل الدنيا، والمنافسةَ المحمودةَ ليست كمنافساتِ أهلِ الغفلة.
* فسباقاتُ أهل الدنيا: تكون حلبةُ السباقِ ضيقةً وقصيرةً، وسباقُ الآخرة: الطريقُ واسعٌ والدربُ كبيرٌ.
* سباقُ أهل الدنيا: الميدانُ متعرّجُ في مراحله اعوجاجٌ، وسباقُ الآخرة: الصراطُ مستوٍ مستقيمٌ {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام من الأية:153].
* سباقُ أهل الدنيا: سبله غامضةٌ، سباقُ الآخرة: طريقه واضحٌ لا لـَبسَ فيه.
* سباقاتُ أهل الدنيا: على ميادينها زحامٌ شديدٌ، سباقُ الآخرة: السالكون قلةٌ رغم سعة الصراط ووضوحه {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف:103].
* سباقاتُ الدنيا: على كل طرقها لوحاتٌ وكاميراتٌ ورادراتٌ لمراقبةِ وتحديد السرعة تقول لك: (تمـهّـل)، سباقُ الآخرة: عليه لوحةٌ مكتوبٌ فيها {وَسَارِعُوا}!
* سباقاتُ الدنيا: لا يحصل المتسابقون على الجوائز إلا إذا وصلوا نهايته، سباقُ الآخرة: الجوائز تنال المتسابقين عند البدء وفي أثناء السباق (سعادة - سعة رزق - طمأنينة - بركة - توفيق - نصرة)، وعند آخر مرحلةٍ في الدنيا (تثبيتٌ بالقول الثابت - روضةٌ من الجنة - سعةُ القبر)، وفي مرحلة الحساب (يظلك الله بظله - شربةٌ من الحوض - أخذُ الكتاب باليمين - حسابٌ يسير - عبورُ الصراط)، والجائزةُ الكبيرة دخول الجنة، والجائزةُ الأعظمُ على الإطلاق رؤيةُ الخالق سبحانه {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة من الأية:72].
* الفوزُ في سباقاتِ الدنيا لأولهم (عملاً)، والفوزُ بسباقاتِ الآخرة لأحسنهم وأصدقهم (عملاً).
* سباقاتُ أهل الدنيا: اختيارية إما أن تفوز، أو تنهزم، أو تتوقف وتنسحب، سباقاتُ الآخرة: الاشتراكُ إجباري وهي إما فوزٌ، أو خسارةٌ {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} [المدثر:37] فلا يوجد توقفٌ أو انسحابٌ!!
* سباقاتُ الدنيا: مشقةٌ تنتهي بأول قدمٍ تضعها بعد خط النهاية، سباقاتُ الآخرة: تعبٌ يسيرٌ ينتهي عند أول قدمٍ تضعها في الجنة.
* سباقُ الدنيا: يقطع بالأقدامِ، وسباقُ الآخرة: يقطع بأعمالِ القلوب.
* سباقُ الدنيا: إذا تعبتَ أو مرضتَ تخرجُ فوراً من ميادين السباق وتخسر، سباق الآخرة: إذا تعبتَ أو سافرتَ أو مرضتَ فإنك تستمر في عرصات السباق «البخاري: [2996]).
» (صحيح
* وتأملْ في أحوالِ أهل السباقِ الأولين الذين سبق - والله - من جاراهم، وعلا - ورب البيت - من ساماهم. فقد كان (الشيخان) أبو بكر وعمر يتنافسان بهمةٍ عاليةٍ، ويتسابقان بحماسٍ شديدٍ وكان عمر يقول: "كان أبو بكر سباقا بالخيرات ما استبقنا في خير قط إلا سبقني إليه".
* ويرتفعُ السباقُ بأرواحِ المتنافسين حتى يصل بهم الحال أنهم يرون القتلَ فوزاً ونجاحاً!! فهذا حرام بن ملحان لما طعن قال: "فزتُ وربِّ الكعبة".
* بل إنّ بعض المتسابقين يشمُّ رائحةَ الجنة ويأتيه من روحها ونسيمها وهو مازال في هذه الدار!! كما حصل مع أنس بن النضر الذي كان يقول: "إني لأجدُ ريح الجنة دون أُحـد".
* وهذا أبو مسلم الخولاني كان يقومُ الليل حتى إذا تعبتْ قدماه ضربها بيديه قائلاً: "أيحسبُ أصحاب محمد أن يسبقونا برسول الله؟؟ والله لنزاحمنهم عليه في الحوض!! ثم يقوم يصلي إلى الفجر".
* وإذا أحببتَ أن تستفيدَ من نصائح المتسابقين الذين جرّبوا السباق وخبروا طريقه وسبروا دروبه..
1- فاستمعْ للفضيل بن عياض يقول لك: "لاتستوحشْ من طريقِ الحق لقلة السالكين، ولا تغترْ بطريقِ الباطل لكثرةِ الهالكين".
2- ويختصرُ لك وهيبُ بن الورد تجربته بعبارةٍ موجزةٍ: "إن استطعت ألا يسبقك إلى الله أحد فافعل".
3- وينبهك الحسنُ البصري على أصول المنافسة الحقيقية: "من نافسكَ في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره".
* وهنا ثلاثٌ إشارات نافعة لأهلِ السباق:
الأولى: لا إيثارَ في (القـُرب) وهذه قاعدةٌ فقهيةٌ مطردةٌ فالمجالُ مجال سباقٍ فلا تـُــؤْثر أحداً بقُـربةٍ أو طاعةٍ فإن المقصد من العباداتِ التعظيم والإجلال فمن آثر بها فقد ترك إجلالَ الله وتعظيمه.
الثانية: «
» (الجامع الصغير: [3388])، وهو حديثٌ نبويٌ صحيحٌ فاطـّرح التأني عند فعل الخيرات، واهجرْ التؤدة في عمل الصالحات.
فربك لما ذكرَ طلب الرزق قال: {فَامْشُوا} [الملك من الأية:15].
وللصلاة قال: {فَاسْعَوْا} [الجمعة من الأية:9].
وللجنة قال: {وَسَارِعُوا} [آل عمران من الأية:133].
وأما إليه فقال: {فَفِرُّوا} [الذاريات من الأية:50].
الثالثة: احذرْ أن تكونَ ممن يركنُ إلى الدعة ويخلدُ للراحة تصبحُ (رافهاً) وتمسي (مستجماًً)، فإن من يتفيأ ظلالَ (السكون) ويتقلب بين أعطافِ (النعيم) يشقُّ عليه مكابدةَ صعابِ المنافسة.
ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: « » (حسنه الألباني؛ صحيح الترغيب: [2146]).
* وأختمُ بذكرِ الســّر العجيب الذين يعينُ على السبق، ويساعدُ على المنافسة ويقود لنيلِ المراتب العالية، والدرجات السامية،
يقول إمامُ المتسابقين وقدوةُ المتنافسين صلى الله عليه وسلم: «صحيح مسلم: [2676]).
» قالوا: وما المُفَرِّدونَ؟ يا رسولَ اللهِ! قال: « » (
عبد الله بن أحمد الحويل