مَثَلُ المنسلخين!
أبو محمد بن عبد الله
إنسان يؤتيه الله آياته، ويخلع عليه من فضله، ويكسوه من علمه، ويعطيه الفرصة كاملة للهدى والاتصال والارتفاع.. ولكن ها هو ذا ينسلخ من هذا كله انسلاخاً. ينسلخ كأنما الآيات أديم له متلبس بلحمه
وكم من عالم دين رأيناه يعلم حقيقة دين الله ثم يزيغ عنها. ويعلن غيرها. ويستخدم علمه في التحريفات المقصودة، والفتاوى المطلوبة لسلطان الأرض الزائل! يحاول أن يثبت بها هذا السلطان المعتدي على سلطان الله وحرماته في الأرض جميعاً!
- التصنيفات: الدعوة إلى الله - الطريق إلى الله -
مَثَلُ المنسلخيىن السيء، والمتكرر في كل زمان!
قال الله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177) مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178) وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)}[الأعراف: 175-179].
إنه مشهد من المشاهد العجيبة، الجديدة كل الجدة على ذخيرة هذه اللغة من التصورات والتصويرات..
إنسان يؤتيه الله آياته، ويخلع عليه من فضله، ويكسوه من علمه، ويعطيه الفرصة كاملة للهدى والاتصال والارتفاع.. ولكن ها هو ذا ينسلخ من هذا كله انسلاخاً. ينسلخ كأنما الآيات أديم له متلبس بلحمه؛ فهو ينسلخ منها بعنف وجهد ومشقة، انسلاخ الحي من أديمه اللاصق بكيانه.. أو ليست الكينونة البشرية متلبسة بالإيمان بالله تلبس الجلد بالكيان؟..
ها هو ذا ينسلخ من آيات الله؛ ويتجرد من الغطاء الواقي، والدرع الحامي؛ ينحرف عن الهدى ليتبع الهوى؛ ويهبط من الأفق المشرق فيلتصق بالطين المعتم؛ فيصبح غرضاً للشيطان لا يقيه منه واق، ولا يحميه منه حام؛ فيتبعه ويلزمه ويستحوذ عليه.. ثم إذا نحن أولاء أمام مشهد مفزع بائس نكد.. إذا نحن بهذا المخلوق، لاصقاً بالأرض، ملوثاً بالطين. ثم إذا هو مسخ في هيئة الكلب، يلهث إن طورِد ويلهث إن لم يطارد.. كل هذه المشاهد المتحركة تتتابع وتتوالى؛ والخيال شاخص يتبعها في انفعال وانبهار وتأثر.. فإذا انتهى إلى المشهد الأخير منها.. مشهد اللهاث الذي لا ينقطع.. سمع التعليق المرهوب الموحي، على المشهد كله:
{ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون. ساء مثلاً القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون}..
ذلك مثلهم! فلقد كانت آيات الهدى وموحيات الإيمان متلبسة بفطرتهم وكيانهم وبالوجود كله من حولهم. ثم إذا هم ينسلخون منها انسلاخاً. ثم إذا هم أمساخ شائهو الكيان، هابطون عن مكان «الإنسان» إلى مكان الحيوان.. مكان الكلب الذي يتمرغ في الطين.
وكان لهم من الإيمان جناح يرفّون به إلى عليين؛ وكانوا من فطرتهم الأولى في أحسن تقويم، فإذا هم ينحطون منها إلى أسفل سافلين!
{ساء مثلاً القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون}..
وهل أسوأ من هذا المثل مثلاً؟ وهل أسوأ من الانسلاخ والتعري من الهدى؟ وهل أسوأ من اللصوق بالأرض واتباع الهوى؟ وهل يظلم إنسان نفسه كما يظلمها من يصنع بها هكذا؟ من يعريها من الغطاء الواقي والدرع الحامي، ويدعها غرضاً للشيطان يلزمها ويركبها، ويهبط بها إلى عالم الحيوان اللاصق بالأرض، الحائر القلق، اللاهث لهاث الكلب أبداً!!!
وهل يبلغ قول قائل في وصف هذه الحالة وتصويرها على هذا النحو العجيب الفريد؛ إلا هذا القرآن العجيب الفريد!!
وبعد.. فهل هو نبأ يتلى؟ أم أنه مثل يضرب في صورة النبأ لأنه يقع كثيراً. فهو من هذا الجانب خبر يروى؟
تذكر بعض الروايات أنه نبأ رجل كان صالحاً في فلسطين - قبل دخول بني إسرائيل - وتروي بالتفصيل الطويل قصة انحرافه وانهياره؛ على نحو لا يأمن الذي تمرس بالإسرائيليات الكثيرة المدسوسة في كتب التفاسير، أن يكون واحدة منها؛ ولا يطمئن على الأقل لكل تفصيلاته التي ورد فيها؛ ثم إن في هذه الروايات من الاختلاف والاضطراب ما يدعو إلى زيادة الحذر.. فقد روي أن الرجل من بني إسرائيل (بلعام بن باعوراء)، وروي أنه كان من أهل فلسطين الجبابرة. وروي أنه كان من العرب (أمية بن الصلت). وروي أنه كان من المعاصرين لبعثه الرسول صلى الله عليه وسلم (أبو عامر الفاسق) وروي أنه كان معاصراً لموسى عليه السلام. وروي أنه كان بعده على عهد يوشع بن نون الذي حارب الجبارين ببني إسرائيل بعد تيه الأربعين سنة على إثر رفض بني إسرائيل الدخول، وقولهم لموسى عليه السلام ما حكاه القرآن الكريم : {فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون} كذلك روي في تفسير الآيات التي أعطيها أنه كان ( اسم الله العظيم ) الذي يدعو به فيجاب؛ كما روي أنه كتاب منزل وأنه كان نبياً.. ثم اختلفت تفصيلات النبأ بعد ذلك اختلافات شتى..
لذلك رأينا - على منهجنا في ظلال القرآن - ألا ندخل في شيء من هذا كله. بما أنه ليس في النص القرآني منه شيء. ولم يرد من المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه شيء. وأن نأخذ من النبأ ما وراءه. فهو يمثل حال الذين يكذبون بآيات الله بعد أن تبين لهم فيعرفوها ثم لا يستقيموا عليها.. وما أكثر ما يتكرر هذا النبأ في حياة البشر؛ ما أكثر الذين يعطون علم دين الله، ثم لا يهتدون به، إنما يتخذون هذا العلم وسيلة لتحريف الكلم عن مواضعه.
واتباع الهوى به.. هواهم وهوى المتسلطين الذين يملكون لهم - في وهمهم - عرض الحياة الدنيا.
وكم من عالم دين رأيناه يعلم حقيقة دين الله ثم يزيغ عنها.ويعلن غيرها. ويستخدم علمه في التحريفات المقصودة، والفتاوى المطلوبة لسلطان الأرض الزائل! يحاول أن يثبت بها هذا السلطان المعتدي على سلطان الله وحرماته في الأرض جميعاً!
لقد رأينا من هؤلاء من يعلم ويقول: إن التشريع حق من حقوق الله سبحانه من ادعاه فقد ادعى الألوهية. ومن ادعى الألوهية فقد كفر. ومن أقر له بهذا الحق وتابعه عليه فقد كفر أيضاً!.. ومع ذلك.. مع علمه بهذه الحقيقة، التي يعلمها من الدين بالضرورة، فإنه يدعو للطواغيت الذين يدّعون حق التشريع، ويدّعون الألوهية بادعاء هذا الحق.. ممن حكم عليهم هو بالكفر! ويسميهم «المسلمين »! ويسمي ما يزاولونه إسلاماً لا إسلام بعده!..
ولقد رأينا من هؤلاء من يكتب في تحريم الربا كله عاماً؛ ثم يكتب في حله كذلك عاماً آخر.. ورأينا منهم من يبارك الفجور وإشاعة الفاحشة بين الناس، ويخلع على هذا الوحل رداء الدين وشاراته وعناوينه..
فماذا يكون هذا إلا أن يكون مصداقاً لنبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين؟ وماذا يكون هذا إلا أن يكون المسخ الذي يحكيه الله سبحانه عن صاحب النبأ: {ولو شئنا لرفعناه بها، ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه. فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث!}.. ولو شاء الله لرفعه بما آتاه من العلم بآياته. ولكنه - سبحانه - لم يشأ، لأن ذلك الذي علم الآيات أخلد إلى الأرض واتبع هواه، ولم يتبع الآيات..
إنه مثل لكل من آتاه الله من علم الله؛ فلم ينتفع بهذا العلم؛ ولم يستقم على طريق الإيمان. وانسلخ من نعمة الله. ليصبح تابعاً ذليلاً للشيطان. ولينتهي إلى المسخ في مرتبة الحيوان!
ثم ما هذا اللهاث الذي لا ينقطع؟
إنه - في حسنا كما توحيه إيقاعات النبأ وتصوير مشاهده في القرآن - ذلك اللهاث وراء أعراض هذه الحياة الدنيا التي من أجلها ينسلخ الذين يؤتيهم الله آياته فينسلخون منها. ذلك اللهاث القلق الذي لا يطمئن أبداً. والذي لا يتركه صاحبه سواء وعظته أم لم تعظه؛ فهو منطلق فيه أبداً!
والحياة البشرية ما تني تطلع علينا بهذا المثل في كل مكان وفي كل زمان وفي كل بيئة.. حتى إنه لتمر فترات كثيرة، وما تكاد العين تقع على عالم إلا وهذا مثله. فيما عدا الندرة النادرة ممن عصم الله، ممن لا ينسلخون من آيات الله، ولا يخلدون إلى الأرض؛ ولا يتبعون الهوى؛ ولا يستذلهم الشيطان؛ ولا يلهثون وراء الحطام الذي يملكه أصحاب السلطان!.. فهو مثل لا ينقطع وروده ووجوده؛ وما هو بمحصور في قصة وقعت، في جيل من الزمان! اهـ.
قاله سيد قطب رحمه الله في تفسيره لهذه الآيات، [في ظلال القرآن:3/ 1398].
وإنا لنرى اليوم؛ أكثر من كل يومٍ مضى.. نرى منسلخين يفسرون لنا هذه الآيات لا بمحاضراتهم ودروسهم، ولكن بأفعالهم، ومواقفهم المشينة، بانسلاخهم من العلم ومقتضاياته، تراهم يسلخون لباس العلم مِن على ظهورهم.. كنَّا نعدهم من الأخيار، كُنَّا نراهم أعمدة يحملون هذا الدين ويحمون بيضته، فإذا هم يخلعون ذلك كما يخلع اللابس لباسه.
ويا لروعة القرآن وبلاغته! إنه يقول: فانسلخ منها! كما نسلخ جلد الشاة، لا كما نستخرج أحشاءها، وذلك يدلك على أنهم كانوا يتلبسون بالعلم، لا أنهم أشربته قلوبهم، فإن الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب، وصارت في أعماق الإنسان، فإنه لا يرتد عنه، ويصير يكره أن يعود عن إيمانه كما يكره أن يعود في النار بعد أن أنجاه الله منها.
ولا خوف على العلماء حقًّا ولا هم يحزنون، لأنّ هؤلاء المنسلخون ممن انتسبوا للعلم، كانوا علماء فيما يبدوا لنا، لا في حقيقة الأمر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة، فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار، فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة»(البخاري، برقم:[2898]، ومسلم، برقم:[179]، في صحيحهما). فيقول: فيما يبدو للناس!
وأريد أن أسجِّل هنا أمورًا؛ منها:
الأول: أن هذا الحديث، وقبله إشارة الآية في معنى الانسلاخ، يبعث على الاطمئنان والثقة في العلماء الحقيقيين الربانيين؛ لا العكس، وأن هؤلاء المنسلخون ليسوا منهم إلا ظاهرًا، فلا يزَهِّدوننا في علمائنا، ولا يُفقِدونا الثقة بهم. وإنّ مما يريد أعداء الله تعالى فقد الثقة بالعلماء ورثة الأنبياء، بصناعة أو إخراج هذه النماذج المنسلخة، كما كان سلفهم الطالح يُفقد الثقة من سلفنا الصالح، وعلى رأسهم وفي مقدتهم سيدنا ونبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثاني: ومع أنه لا يُحمدُ على مكروه إلا الله سبحانه، فإن الصف المسلم يحمد الله على تمايز الصفوف، وانتفاء خَبَثها بالابتلاء؛ وهي سنة الله تعالى في الدعوات:{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ}[آل عمران:179]، وهذا يدعونا إلى ألا نتعلق بالأشخاص مهما علت أكعبهم في العلم، ومهما انتشرت صورهم وأصواتهم في آفاق الأرض وفضاء القنوات الواسع. وأنه كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: "من كان مُستنًّا فليستنّ بمن قد مات؛ فإن الحيَّ لا تُؤْمَن عليه الفتنة".
الثالث: أن العلم الذي يعصم صاحبه من الفتن خشية، العلمُ خشيةٌ؛ وليس جمعَ معلومات، وهو عمل بمقتضى لا كلام في الهواء، وإلا كان الشيخ جوجل من أعلم العلماء، والشيخ كومبيوتر من أفقه الفقهاء؛ لأنهم يحفظون، والعلم تقوى وخشية وليس كمًّا من المحفوظات، ولا كومة من المعلومات، ولذلك قال اله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر: 28]. ولذلك لمَّا سُئِل الحسن البصري رحمه الله سؤالا؛ فأجاب، فقال السائل: ما هكذا تقول الفقهاء! فقال الحسن: "ثكلتك أمُّك؛ وهل رأيت فقيهًا قط؟! إنما الفقيه مَن يخشى الله".
وعلى هذا السنن كان علم النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: «والله إني لأعلمكم بالله عز وجل، وأتقاكم له قلبا»(أحمد؛ المسند، برقم:[24319])، فربط بين العلم والتقوى، بل أتبع العلمَ التقوى.
الرابع: هذه دعوة لتعَلُّم الإيمان قبل تَعلُّم العلم، وإلا كان العلم محفوظات لا علما حقيقيًّا. وهذا من منهج السلف الصالح رضي الله عنهم، والذي نراه اليوم مهجورًا إلا ممن رحم الله تعالى، فقد قالوا رضي الله عنهم: "كنا نؤتى الإيمان قبل أن نؤتى القرآن"، وورد عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه، قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن غلمان حزاورة فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا".
فإذا صادف العلمُ قلبًا عامرًا بالإيمان كان العلم هاديًّا، داعيًا صاحبَه إلى العمل والإخلاص، أما إن صادف العلم قلبًا خاويًا فإن هذا العلم قد يتحول إلى عروض تجارة يتأكَّل به صاحبُه، ويصرف به وجوه الناس إليه، و(يمرمده) على بلاط السلاطين الظلمة، وينسلخ منه عند أول بارقة للسيوف، أو لعاعة بارقة من الدنيا!
ثم بعد الإيمان والعلم يأتي العمل الشاغل، وكما ورد عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: "إنما أخذنا القرآن عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن إلى العشر الأخر حتى يعلموا ما فيهن من العمل قال: فتعلمنا العلم والعمل جميعًا، وأنه سيرث القرآن بعدنا قومٌ يشربونه شرب الماء لا يجاوز هذا، وأشار بيده إلى حنكه". فالعمل يتعلمونه ويتربون عليه كما يتعلمون العلم. ولذلك كان بعض المشايخ رحمهم الله يردد دائمًا يقول: "إن الحركة التي تطول ثقافتها بين الكتب ولا تعمل، يتولد لديها قسوة القلب، ويكثر فيها الجدل، ولذلك صار أكثر علم الناس وعملهم ردود على إخوانهم، ولو على شيء لا يسلم من الخلاف فيه صاحبيان بدريان!
والله أعلم
23/ 07/ 2014