بر الوالدين
أبو الهيثم محمد درويش
ومن الطاعات التي يزداد بها العيد بهجة وسرورًا: (بر الوالدين). فما أجمل أن يُدخِل المسلم السرور على قلب والديه يوم العيد..
1- وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى وإبراز حق الوالدين وجعل إدخال السرور على قلبيهما أفضل من الهجرة في سبيل الله.
تقبَّل الله مِنَّا ومنكم الطاعات، وجعل أيام أعيادنا أيام بهجةً ومسرَّات مُزيَّنة بالطاعات.
ومن الطاعات التي يزداد بها العيد بهجة وسرورًا: (بر الوالدين).
فما أجمل أن يُدخِل المسلم السرور على قلب والديه يوم العيد..
1- وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى وإبراز حق الوالدين وجعل إدخال السرور على قلبيهما أفضل من الهجرة في سبيل الله.
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: جُئِتُ أُبايعك على الهجرة وتركتُ أبويَّ يبكيان فقال: «ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما»" (الحديث صحَّحه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود).
2- وقد فرَّج الله عز وجل عن أصحاب الغار بأسبابٍ منها بِرّ أحدهم بوالديه.
فقد روى البُخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عُمر بن الخطَّاب رضِي الله عنْهُما قال: "سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليْه وسلَّم يقول: «انطلق ثلاثةُ رهْطٍ ممَّن كان قبلكم، حتَّى أوَوا المبيتَ إلى غارٍ فدخلوه، فانحدرتْ صخرةٌ من الجبل فسدَّت عليهم الغار، فقالوا: إنَّه لا يُنجيكم من هذه الصَّخرة إلاَّ أن تدعوا الله بصالِح أعمالكم، فقال رجُل منهم: اللَّهُمَّ كان لي أبَوانِ شيْخان كبيران، وكنت لا أغْبق قبلهما أهلًا ولا مالًا، فنأى بي في طلب شيءٍ يومًا فلم أرُح عليهما حتَّى ناما، فحلبتُ لهُما غبوقَهما فوجدتُهما نائمَين، وكرِهت أن أغبقَ قبلَهما أهلًا أو مالًا، فلبثْتُ والقدح على يدي أنتظِر استيقاظَهُما حتَّى برق الفجْر، فاستيْقَظا فشرِبَا غبوقَهما، اللَّهُمَّ إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتِغاء وجْهِك، ففرِّج عنَّا ما نحن فيه من هذه الصَّخرة، فانفرجت شيئًا لا يستطيعون الخروج..».
3- ولِتَعرِف عِظم حق الوالدين تَعلَّم من قصة جريج.
فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لم يتكلَّم في المهدِ إلا ثلاثةٌ: عيسى ابنُ مريمَ، وصاحبُ جريجٍ، وكان جريجٌ رجلًا عابِدًا. فاتخذ صومعةً، فكان فيها، فأتته أمُّه وهو يُصلِّي، فقالت: يا جريجُ! فقال: يا ربِّ! أمي وصلاتي، فأقبل على صلاتِه، فانصرفت. فلما كان من الغدِ أتته وهو يُصلِّي، فقالت: يا جريجُ! فقال: يا ربِّ! أمي وصلاتي، فأقبل على صلاتِه، فانصرفت. فلما كان من الغدِ أتته وهو يُصلِّي، فقالت: يا جريجُ! فقال: أي ربِّ! أمي وصلاتي، فأقبل على صلاتِه، فقالت: اللهمَّ! لا تُمتْه حتى ينظرَ إلى وجوهِ المُومساتِ. فتذاكرَ بنو إسرائيلَ جريجًا وعبادتَه، وكانت امرأةٌ بغيٌّ يتمثلُ بُحسِنِها، فقالت: إن شئتم لأفتننَّه لكم»..
قال: «فتعرَّضت له فلم يلتفتْ إليها، فأتت راعيًا كان يأوي إلى صومعتِه فأمكنتْه من نفسِها، فوقع عليها، فحملت، فلما ولدت؛ قالت: هو من جريجٍ. فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعتَه وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنُكم؟ قالوا: زنيتَ بهذه البغيِّ، فولدت منك، فقال: أين الصبيُّ؟ فجاءوا به، فقال: دعوني حتى أُصلّيَ، فصلَّى، فلما انصرف أتى الصبيَّ فطعن في بطنِه، وقال: يا غلامُ! من أبوك؟ قال: فلانُ الراعي».
قال: «فأقبلوا على جريجٍ يُقبِّلونه ويتمسَّحون به، وقالوا: نبني لك صومعتَك من ذهبٍ، قال: لا، أعيدوها من طينٍ كما كانت، ففعلوا».