[282] سورة القصص (2)

محمد علي يوسف

  • التصنيفات: التفسير -

ولقد اجتمعت على موسى عليه السلام أسباب الهلاك وهو رضيع لا يملك دفع ضُرٍ عن نفسه..

موجةٌ عالية كانت كفيلة بإغراق تابوته..

ومن قبلها جنود لدى الباب يريدون ذبحه..

ومن بعدها وقوعه بيد من أمر بذبحه وذبح كل رضيع مثله..

وزد على ذلك تحريم المراضع عليه واحتمالية الهلاك جُوعًا..

لكن كل تلك المهلكات طاشت بوعد رباني..

{إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ} [القصص من الآية:7]..

لقد صدر الوعد وقضي الأمر..

فلتجتمع الدنيا كلها على أن تضره لو أرادوا..

لن يفعلوا..

ولن يستطيعوا..

ولقد حان وقت الوفاء بالوعد {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} [التوبة من الآية:111]..

{فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ} [طه من الآية:40]..

أن يوجه الودود نواميسه ويُحرِّك مخلوقاته ويُسبغ جميل فضله ليقرّ عين عبده أو أمته..

أن يُعيد رضيعًا إلى حضن أم مكلومة أو ينطق وليدًا ويُفجِّر عينًا ويُقرِّب رِزقًا لكي يسعد ويُقر عين من يحبهم ويحبونه..

تتأمَّل ذلك فلا تملك حينئذ إلا أن تذوب شوقًا لمثل هذا المقام الكريم والمكانة الجليلة..

مقام أن يحبك الودود حتى يصير إقرار عينك وإسعاد نفسك مرادًا له عز وجل..

حينئذٍ أبشر بنجاة ونصر..

ومهما كانت التحديات..

ومهما كثرت المهلكات..

فهيهات هيهات..!

هيهات أن تُضار وقد قضى لك الودود بإقرار العين.
 

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام